0
أين "يُصرف" التريّث دستورياً؟ هو لا يعني اعتكافاً والحكومة قائمة.
معنى ان يتريث رئيس حكومة في استقالته المعلنة وغير الخطية؟ وهل يختلف التريث عن الاعتكاف؟ وما هي طبيعة عمل مجلس الوزراء حاليا وأي توصيف للحكومة؟ لا سيما ان بدء الحديث عن مهلة 15 يوما للتريث ليست محسومة. فأين "يصرف" التريث دستوريا؟ وهل هو مناورة جديدة لكسب الوقت ولتعبئة فراغ قد يمتد الى اواخر السنة الجارية؟
اولا، في لغة الدستور. لا مكان لكلمة تريث. يوضح الخبير الدستوري المحامي اميل كنعان لـ"النهار": "التريث لا معنى له، لا في القانون ولا في الدستور. يمكن القول ان الامور معلّقة، اي ان الاستقالة ستبقى موجودة ومعلنة من الخارج، وغير مقبولة في الداخل".
18 يوما ورئيس الحكومة كان خارج البلاد، في "موقف احتجاجي"، والبلد معلّق الى حين عودته. اليوم، وضع الحريري الكرة في ملعب رئيس الجمهورية، معتبرا ان التريث سيكون مدخلا الى حالة جديدة، الى تسوية ما، لا بد من ان تطبع معها السنوات المتبقية من ولاية العهد.
وبمعزل عن الحالة السياسية للرئيس الحريري او للوضع الداخلي لـ"تيار المستقبل"، فهل هو في حالة تراجع ام اندحار، ام على العكس في مرحلة تكريس زعامة وفرض رقم صعب في المعادلة اللبنانية؟
ما هو أبعد من كل هذه التحليلات، ثابت وحيد هو تلك "الصدمة الايجابية" التي خرقت الواقع السياسي، واستفاد منها بشكل اساسي وفي المرتبة الاولى، رئيس الجمهورية.
هذا في السياسة. اما في الدستور فيعتبر كنعان ان "التريث ليس اعتكافا. في الحالة الاولى، يمارس رئيس الحكومة عمله ومهماته. اما في حالة الاعتكاف فانه يتوقف عن العمل. انما اللافت، ان الحالتين لا ذكر لهما في الدستور، فهي ليست حالة قانونية او دستورية. يمكن القول ان الواقع اللبناني سيبقى على ما هو، مع اعلان الحريري التريث، اي ان الاستقالة قائمة عند رئيس الحكومة ولم تُسحب، ورئيس الجمهورية غير مستعد لاعتبار الحكومة منحلّة. هي حالة جمود بانتظار أمر ما، وربما قد تكون مناورة لكسب الوقت. في الواقع، لا نعرف الى اين نحن سائرون، او الى اين سيأخذون البلد".
كأنها هي معادلة "لننتظر ونرَ". كل مواقف رئيس الحكومة، منذ عودته، تشير الى ان شروط استقالته لا تزال قائمة. "النأي بالنفس"، "الحياد"، "احترام علاقاتنا مع الدول العربية". ربما هو جو ضبابي، يتحدث عنه كنعان وينعكس على الناحية الدستورية. يقول: "كل شيء "يمشي بالتدفيش". سنعيش حالة جمود وترقب. علينا ان ندرك اولا خفايا التريث، وهل ثمة ما سيقدم عليه الطرف الآخر، وتحديداً رئيس الجمهورية وحزب الله؟".
حين اشار الحريري في كلمته المطبوعة من قصر بعبدا الى "حوار مسؤول"، بدأت التكهنات حول الآلية التي يمكن ان يلجأ اليها رئيس الجمهورية خلال مهلة تريث الحريري، فهل ستكون طاولة حوار جديدة ام مجرد مشاورات ثنائية – ثلاثية؟
في الـعام 2008، انطلقت طاولة الحوار في بعبدا بعد الانتخابات الرئاسية. ثم صيغ "اعلان بعبدا" الشهير، وقبله كان "اتفاق الدوحة". كلها اتفاقات من الزمن الحديث، لم تُحترم طويلا، بل انتهت مدة صلاحيتها سريعا، فأي حوار يمكن ان ينتج حلولا الآن؟
هي معادلات جديدة لبنانيا. وفق كنعان: "الدستور وضعه رجال"، ووقتذاك، لم "يتنبّأوا" بهذه المفاجآت، ولم يحتاطوا لهذه السوابق.

24 تشرين الثاني 2017

إرسال تعليق

 
Top