0
في الوقت الذي يتربع فيه البلد على عرش من النفايات، ويتغلغل فيه شذاذ الافاق من اهل التكفير في الازقة السوداء ويفجرون انفسهم لايقاع اكبر عدد ممكن من الابرياء، وفي الوقت الذي تمطر فيه العاصفة الروسية صواريخ بالستيه على معاقل التكفيريين من «داعش» و«النصرة» في سوريا على وقع غارات السوخوي، لا يزال اهل الحوار من اقطاب الحلبة المحلية غارقين في جدل عقيم في جلسات طاولة الحوار، وكأن تقطيع الوقت واجب مقدس واولوية وطنية في ظل الخطر الوجودي الذي يحيط بالبلد الصغير، وحتى رائحة النفايات وجبالها المستحدثة لم تصل الى انوفهم ولا رأتها عيونهم، انهم كالنعامة التي تدفن وجهها في الرمل حتى احاط بها الخطر.

وتقول اوساط عليمة انه اثر سقوط كافة التفاهمات بين «التيار الوطني الحر» و«تيار المستقبل» تحولت حكومة تمام سلام الى حكومة تصريف اعمال، وان استمرار الوزراء البرتقاليين فيها منعا لتمرير ما يريد تمريره التيار الازرق في حال استقالتهم، وان رئيس مجلس النواب نبيه بري وصل الى حدود القنوط مما يحصل مع اصراره على ان انعقاد طاولة الحوار ولو كان للشكل افضل من عدم انعقادها لترييح بعض الرؤوس الحامية، الا ان آخر صرعات الطاولة المذكورة الجلسات التي خصصت للبحث في مواصفات الرئيس على غرار انتخاب ملكات الجمال وفق مقاييس اللجنة الحاكمة وهذا الامر معيب من جهة ومضحك مبك من جهة اخرى كون اهل الحوار من رؤساء الكتل النيابية يعرفون تمام المعرفة ان الطبق الرئاسي يطبخ في الخارج وانهم اضاعوا فرصة يتيمة سنحت لهم لانتاج رئيس «صنع في لبنان» يوم كانت الدول العظمى مشغولة بالحريق السوري الهائل وكان لبنان في آخر سلم اهتماماتها لا بل وضعته في خانة العبء وليقلع شوكه بيده، قبل ان تتغير الرياح الدولية وتقذف بالملف الرئاسي الى طاولة لعبة الامم ليترافق مع ملفات اقليمية وفي طليعتها ترسيم مناطق النفوذ في المنطقة ما يشكل استحالة في فصل الشأن اللبناني عن المجريات السورية ونتائجها.
 
وتشير الاوساط نفسها الى ان البحث في مواصفات الرئيس تحمل في مضامينها الكثير من الدهاء من قبل «تيار المستقبل» وتشكل محاولة مكشوفة لنسف مقولة «الرئيس القوي» التي طرحها العماد ميشال عون وثبت عليها دون التراجع قيد انملة ويجاريه في الامور رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي ينافسه للوصول الى الكرسي الاولى وفق هذه المقولة كون الرجلين يتقاسمان الساحة المسيحية مع احتفاظهما بحق الاختلاف دون اغفال الدور الوازن للنائب سليمان فرنجية الذي يدعم وصول عون الى قصر بعبدا، ولكن الامر لا يلغي فرصة ان يحل فرنجية في المربع الاول من المرشحين للرئاسة الاولى اذا اتجهت البوصلة الاقليمية نحوه، والسؤال يتمحور ماذا سيكون موقف الجنرال حيال ذلك وماذا لو رشح 8 آذار فرنجية فهل يرضى عون بقدره الذي وضعه في خانة من يصنع الرئيس ام انه سيبقى مصرا على «احقية» انتزعت منه في الدوحة لصالح الرئيس ميشال سليمان.
 
وترى الاوساط ان موقف النائب وليد جنبلاط الذي اعلن فيه «انه يسير بفرنجية للرئاسة الاولى يجب ان يؤخذ على محمل الجد، لا سيما وان الاخير على الرغم من علاقته التاريخية الوثيقة مع الرئيس السوري بشار الاسد والتي تعتبر نسخة عن علاقة جده الراحل الرئيس سليمان فرنجية مع الرئيس حافظ الاسد، ابقى على سقف معقول في التعاطي مع فريق 14 آذار من خلال مقاربته الواقعية في كثير من الملفات التي تباينت عن مواقف الجنرال، بالاضافة الى ان فرنجية لم يقطع صلاته برئيس تيار المستقبل سعد الحريري من خلال قنوات فتحها رئيس تحرير صحيفة مقربة جدا من «تيار المستقبل» وان الزيارة الاخيرة التي قام بها فرنجية الى باريس منذ اسبوع تقريبا تشير الى ان التسوية في المنطقة وضبطا في سوريا وضعت على النار وانها ستنعكس على الوضع اللبناني لجهة انتاج رئيس للجمهورية، وتندرج زيارته الباريسية في خانة الاستطلاع كون لديه الكثير من الاصدقاء القريبين من صناع القرار الفرنسيين والضاربين في الغيب الاوروبي الذي لا يزال تحت تأثير صدمة المجازر التي قام بها تكفيريو «داعش» والتي ستسرع الحلول في المنطقة منعا لاجتياحها اوروبا باكملها.

اسكندر شاهين - الديار - 22 تشرين الثاني 2015

إرسال تعليق

 
Top