0
أقام رئيس التجمّع الدستوري الديموقراطي الدكتور محمد سلهب مساء الجمعة 10 تشرين الثاني 2017، حفل استقبال في مطعم الشاطىء الفضي في الميناء - طرابلس، حضره لفيف كبير من أكاديميي ومثقفي طرابلس وقادة الرأي فيها. وأستهل سلهب بعد الترحيب بالحضور بجولة أفق سياسية سريعة، تناول فيها آخر المستجدات السياسية في لبنان عموماً وفي طرابلس بشكل خاص، كمدخل لشرح محتوى وثيقة التجمّع الدستوري الديموقراطي. 
وقال في مستهلّ حديثه: "ايها الاصدقاء الاحبة، أشكر تلبيتكم لدعوة حضور حفلنا اليوم حول وثيقة التجمع الدستوري الديموقراطي. فالاوضاع غير المعتادة التي نعيشها في لبنان والمليئة بالمفاجآت والتي كان آخرها استقالة دولة الرئيس سعد الحريري، تدعونا الى تجديد نمط المشاركة في الحياة السياسية على مستوى لبنان وطرابلس بشكل خاص.
هكذا مع بداية الربيع العربي، ومن ثم الحرب السورية ارتأى اهل الحكم بأطيافهم كافة ضرورة تحييد لبنان عن الصراعات التي تمزّق مجتمعاتنا العربية. واتفقوا على اعتماد سياسة التحييد عبر اعلان بعبدا، ثمّ كان التراجع عنه من قبل فريق كان قد طالب به. ثم تمّ اول تمديد للمجلس النيابي عام 2013، ثم تمديد ثان وثالث، لحق بها تعطيل انتخاب رئيس جمهورية لمدّة زادت عن سنتين ونصف، ثمّ كانت التسوية التي جمعت الاخصام الذين اختلفوا تحديدا على الامور السيادية ".
وأضاف سلهب: "اليوم نعيش ازمة رئيس مجلس وزراء غائب عن البلاد بعد ان قدّم استقالته من الخارج من بلد صديق مناصر بالمبدأ لهذا الرئيس، والحق يقال انّ الأزمة التي نعيشها اليوم يمكن تلخيصها في عنوانين : "انتقاص في السيادة، هدر وفساد مستشر في الادارة".

هذه الأزمة هي امتداد لما رأيناه من عدم استكمال تطبيق وثيقة الوفاق الوطني وتبعاتها، ان على مستوى الانتقاص في السيادة او على مستوى تفشي الهدر والفساد، ولكن لتكن البداية من طرابلس.
طرابلس الفيحاء، طرابلس العيش الكريم، ترادفها اليوم طرابلس النفايات والفقر والعوز والتسرب المدرسي وزحمة السير والحفريات والتسوّل. حيث تعدّت نسبة الفقر 60% وهذا ما لا يمكن القبول به.
واذا نظرنا الى مكامن القوة وهي ما يُعرف بالاربعة (م) اي المرفأ، المطار، المعرض، والمصفاة، واذا استثنينا المرفأ حيث كان العمل فيه بجدية كبيرة "رحم الله رئيس مجلس ادارته المرحوم محمود سلهب" فاننا نجد التعطيل هو سيد الموقف، وعلى امل ان لا تنضم المنطقة الاقتصادية الخاصة كميم خامسة".
وتابع سلهب: "والى ذلك فان طرابلس مدينة وطنية بامتياز، فبعد الجولات العشرين وجولتين اخريين لم يتم احتسابهما، وبعد تفجيري مسجدي السلام والتقوى، نجد طرابلس المجروحة ترفض وهي تنزف الانزلاق نحو تيارات الحقد والثأر. حيث انها رفضت مبدأ الامن الذاتي ورفعت راية الانتماء الى الوطن والدولة مما يعطيها الحقوق كافة للمطالبة بالعدالة والانصاف لها ولابنائها.
وتبقى طرابلس مدينة العلم، والحضور اليوم في هذا الاحتفال يشهد لها، فالنهضة العلمية التي كنا من اوائل المشاركين فيها اعطت شباباً متعلماً في مجالات العلوم والتكنولوجيا كافة.
والحقيقة ان التكنولوجيا لم تعد خياراً او ترفاً بل اصبحت من مستلزمات حياتنا اليومية، ليس فقط الفايس بوك والواتس اب، ولكن ايضاً معالجة النفايات والتأكد من سلامة أمن مأكلنا ومشربنا.
هذه التكنولوجيا اما ان نعيشها كأمر واقع ظالم، لكن في هذه الحالة ماذا نفعل بشبابنا الذي ينتج ويخترع ويؤهل بلاداً ودولاً اجنبية بمهارته وعلمه، او نتلقفها ونتعامل معها، لا بل ونتحكم بها لمصلحتنا ومصلحة بلدنا.
طرابلس الوطنية هي التي تعالت على جراحها واختارت الوطن.
طرابلس ديموقراطية بتنوعها، والتي ومع الاسف تمّ مصادرة قرارها وارادتها بالتفقير والعنف وشراء الضمائر والإرهاب، ولم يتركوا شيئاً الا واختبروه عليها في هذا المجال والى ذلك تظل طرابلس حرة أبيّة، رفضت مظاهر السلاح الخارج عن الدولة، حتى لو كان بلبوس مقاومة، عندما تحولت هذه الاخيرة عن وجهتها واضاعت البوصلة.
اختارت طرابلس جهراً وصراحةً سيادة الدولة، فلم تقبل ان يذود عنها وعن كرامة ابنائها الا الجيش والقوى الامنية اللبنانية، لانها تعرف ان ما يربطها بالجيش الوطني والقوى الامنية اللبنانية هو عقد اجتماعي، ينصّ على ولاء المواطن مقابل الحفاظ على امنه وكرامته وحريته، وهذا العقد هو حصري بين فريقيه، وعندما يتم الاخلال فيه يكون الاحتكام للقضاء الوطني، لكن لمن يكون الاحتكام عند تجاوزات المتنكرين لهذه الحصرية".
 
وعن وثيقة التجمّع الدستوري الديمقراطي قال سلهب: "تجمعنا اليوم وثيقة التجمّع الدستوري الديموقراطي وبرنامجها في عنوانها وتسميتها اي:
اولاً: لا سيادة الا للدولة وللشعب وللقوى الامنية الرسمية حصراً.
ثانياً: تطبيق الدستور بكل مندرجاته، لا بل استكمال تطبيق الدستور الذي نص في مقدمته على:
- الغاء الطائفية السياسية في عمل الادارات والتوجه نحو الدولة المدنية، وتغليب مبدأ الكفاءة في الوظائف والتعيينات.
- الانماء المتوازن بين المناطق، واين نحن من هذا الانماء ومن هذا التوازن، وطرابلس تأن تحت وطأة الفقر والعوز وبشاعتهما.
ثالثاً: تحفيز الادارة الرشيدة، وتعزيز اللامركزية.
هذه العناوين ليست جديدة، بل هي عناوين وثيقة الوفاق الوطني التي تمّ اعتمادها منذ اكثر من ربع قرن الا انها لم تطبق. فهل الخلل كما يدعي البعض في الوثيقة بذاتها ام بعدم احترامها وتطبيقها.
لقد دفعنا ثمناً باهظاً، حرباً اهلية مدمرة للوصول الى هذه الوثيقة، فلنطبقها قبل الحديث عن استبدالها لما قد يحمل هذا الاستبدال من مخاطر على الوطن والبلاد.
انّ عدم تطبيق المبادئ التي اشرنا اليها يرجع الى افتقاد الارادة والقرار السياسي وممارسة المواطنة بشكلها السليم، والتي تنقذنا من منزلقات التقوقع والمذهبية، فالمواطنة تقضي بالبحث والاقتراح والمراقبة والمساءلة والمتابعة والمحاسبة، مما يتطلّب عملاً وجهداً متواصلاً يرفع الفرد من وضعية القاطن الى رتبة المواطن. وهذا هو معنى "الديموقراطي" في عنوان تجمعنا.
فالديموقراطية اليوم في خطر مع التمديد الاول ومن ثم الثاني والثالث، واستباحة حقوق وصلاحيات المجلس الدستوري، ففي الديموقراطية تكمن قوة الدولة، لما تحمل من تجديد في انتاج الشرعية، وتحصين للمواقع السيادية وتفعيل المواطنة.
سيداتي سادتي، ايها الاصدقاء والاحبة.. اردنا في التجمع الدستوري الديموقراطي فتح افق لممارسة المواطنة واداة لضخ الحياة الديمقراطية، حتى لا نبقى نترحم على طرابلس خمسينات وستينات القرن الماضي، بل ان نعمل لبناء طرابلس الغد في لبنان مشرق. وللحديث بقية.. وشكرا للجميع. 
ثم أولم الدكتور محمد سلهب على شرف الحضور.

10 تشرين الثاني 2017

إرسال تعليق

 
Top