0
يحتاج تقديم دعوى تطويب قدّيس في الفاتيكان الى أعجوبة واحدة، كمثل شفاء مريضٍ من مرضٍ عضال. بالمقياس الفاتيكاني، يصحّ تطويب الرئيس ميشال عون قدّيساً.

حاول كثيرون، بعد عودة العماد ميشال عون الى لبنان في العام ٢٠٠٥، أن يحاصروه. خرج الرجل من حصاره متفاهماً مع حزب الله. قبل تاريخ ٦ شباط ٢٠٠٦، كان الحزب شيطاناً بالنسبة الى جمهور التيّار الوطني الحر، بعده بات مقاومة شريفة ترفع رأس اللبنانيّين. هذه أعجوبة.


وبعد هذا التاريخ، اختار عون، بفعل أسبابٍ عدّة، أن يذهب، سياسيّاً وجغرافيّاً، الى سوريا وايران. قبل هذا التاريخ، كانت سوريا احتلالاً وكانت ايران ارهاباً وتخلّفاً ونساء يحجب القماش الأسود أجسامهنّ وشعرهنّ ووجههنّ. بعد هذا التاريخ، أصبح بشار الأسد قائداً استثنائيّاً وبات الإرهاب والتخلّف سمة السعوديّة. وهاتان أعجوبتان.

وكان لا يُذكر سمير جعجع إلا وتُذكر معه المقابر الجماعيّة، التي حفر ذات يوم اوتوستراد بحثاً عنها، وتذكر الاعدامات للعسكريين وقتل داني شمعون ورشيد كرامي. ذات يومٍ في الرابية، تحوّل جعجع الى رجل دولة وشريك، وما عاد يُسأل عن ضحايا. الحيّ أبقى من الميت. وهذه أعجوبة بمستوى قيامة أليعازر من القبر. 

وكان سعد الحريري فاسداً ويرأس تيّاراً نهب الدولة، وإبراؤه مستحيل، وصار بمثابة ابن ميشال عون. هذه كأعجوبة شفاء المخلّع. قم، احمل سريرك وامشي.


على هذا المنوال، وكي لا نكثر العدّ، يمكن تعداد الكثير من الأعاجيب التي صنعها ميشال عون. يقول لجمهوره هيّا الى اليمين، فيتّجه يميناً. ويقول له اذهب نحو اليسار، فيتّجه يساراً. 

ما من رجل يملك هذه القدرة على إقناع جمهوره. ما من رجل يملك هذا الرصيد الشعبي الكبير الذي يتيح له أن يصرف منه مراراً وتكراراً، ثمّ يعوّض عمّا صرف ويضيف الى الرصيد. إن قال إنّ كلام الحريري من السعودية لا يبنى عليه، تلقّف جمهوره الرأي ودافعوا عنه. وإن قال، في اليوم الثاني، إنّ في كلام الحريري إيجابيّة، صفّقوا ونوّهوا بالإيجابيّة. مذهلٌ هذا الرجل فعلاً. يتمنّى على المحطات التلفزيونيّة مقاطعة مقابلة مع رئيس الحكومة، ويتحوَّل المنع دليل حريّة إعلاميّة. إن صرخ وبهدل صحافيّاً، قالوا إنّ الصحافي يستأهل البهدلة.


ذنب ميشال عون مغفور، وأيّ قرار يعلنه هو إنجاز، وإن كان القرار مهمّاً يصبح الإنجاز تاريخيّاً. في "سنة من عمر وطن" شهدنا على إنجازاتٍ كثيرة. وعلى أعاجيب أيضاً.

داني حداد - موقع mtv - 
14 تشرين الثاني 2017

إرسال تعليق

 
Top