0
استبقت المواقف كلمة الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله الذي يطل عصر اليوم داعماً الحكومة ‏وخطتها الاصلاحية، ومبرراً قبوله وحزبه التوجه الى صندوق النقد الدولي، بعدما شعر ان الاستمرار في ‏الرفض، مع ارتفاع منسوب الفقر، وتجدد الانتفاضة في الشارع، والخوف من تحولها ثورة جياع، يمكن ان ‏تقوض اساس الحكومة وتسقطها في الشارع ممهدة لفوضى مجهولة الاهداف والنتائج‎.‎
‎ وفي هذا الاطار، كانت الرسالة الحاسمة التي وجهها النائب ابرهيم الموسوي قبل ايام قائلا "وان اسقطتم الحكومة ‏سنسقطكم في الشارع. انها حكومة الفرصة الاخيرة ومن بعدها حتما الطوفان"..‎ ‎
لكن دعم "حزب الله" وغطاءه للخطة الاقتصادية الاصلاحية، لا يكفيان في تعويمها، اذ ان تدخله غالبا ما ينعكس ‏سلبا تجاه المجتمع الدولي، بدليل ما صرح به مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ديفيد ‏شنكر مشككاً في امكان التزام حكومة لبنان الاصلاحات وهي الحكومة التي يشكل جزءا منها "حزب الله الذي ‏يعتمد على التمويل غير القانوني والفساد وتجنب دفع مستحقاته للدولة كالجمارك والضرائب". وقال "إن استلام ‏صندوق الدولي طلب مساعدة يمثل اعترافا من الحكومة اللبنانية بحجم الأزمة المالية، معتبرا أن هذا أمر مثمر". ‏وأوضح أن واشنطن تنظر في الخطة الإنقاذية، التي وضعتها الحكومة اللبنانية، لكنه قال إن الأمر يعتمد في نهاية ‏المطاف على مدى استعداد الحكومة اللبنانية للقيام بالخطوات اللازمة للحصول على مساعدة صندوق النقد الدولي. ‏وأضاف أن "أي أموال ستقدم من صندوق النقد هي ليست مساعدات مجانية بل هي مشروطة بخطوات إصلاحية ‏تساعد على إيجاد عوائد للدولة وتتيح للصندوق ممارسة الرقابة على اقتصاد الدولة".. ‎ ‎
وهكذا رسم شنكر، قبل صندوق النقد، المسار الفعلي للمرحلة المقبلة، عبر الرقابة على الاقتصاد اللبناني، بما فيه ‏ضبط التهريب عبر الحدود مع سوريا خصوصا، وعبر المرافىء الاخرى، في ما يعتبره "حزب الله" محاولة ‏للنيل منه سيتصدى لها، ما ينعكس سلبا على تطبيق الخطة، وتاليا على المساعدات الدولية للبنان‎.‎
‎ هذا الامر هو ما تخشاه تماما المصارف في لبنان التي رفضت عبر جمعيتها الخطة، لانها تؤسس لتحول جذري ‏في تركيبتها عبر "ضخ" مساهمين جدد لاعادة رسملة المصارف، وبالتالي امساك مجموعات مجهولة الهوية ‏بالقطاع وبقراره. ويقول مصدر مصرفي لـ"النهار" ان هذه العملية مدروسة في دوائر قرار خارج الحكومة، وثمة ‏من يخطط لها منذ زمن لوضع اليد على القطاع، واخراج المسؤولين عنه من اللعبة. وتعد جمعية المصارف ردا ‏قانونيا دوليا على مضامين الخطة الحكومية في شأن القطاع تمهيدا لاعلان الرفض الكلي لتحميل المصارف ‏اخطاء السياسات المالية المتعاقبة ونتائج الفساد والاهدار‎.‎
‎ وعليه تتجه الانظار الى بعبدا الاربعاء المقبل، بعدما صار الاجتماع الذي دعا اليه رئيس الجمهورية على المحك. ‏واذا كان الهدف منه ضخ أعلى جرعة ممكنة من الدعم السياسي في عروق خطة الحكومة، وإحاطتها بأوسع ‏إجماع داخلي، قبل حملها الى صندوق النقد ومجموعة الدعم الدولي للبنان، فان التردد الذي ابداه المدعوون تجاه ‏تلبية الدعوة، او المواقف من الخطة، والسؤال عن "شرعية" الدعوة، باتت تهدد النتائج، خصوصا ان بعض ‏الانتقادات باتت تصدر عن "اهل البيت‎"..
‎ وعلم ان عددا من المدعوين لم يحسم بعد مشاركته الشخصية او ايفاد ممثل له في ضوء العلاقة مع رئيس ‏الجمهورية، وقد جاء اعلان كتلة "المستقبل" اعتذارها عن عدم المشاركة في الاجتماع بمثابة الضربة التي تؤكد ‏انقطاع العلاقة مع العهد بشكل نهائي. واعتبر المستقبل "ان المكان الطبيعي لاطلاع الكتل النيابية على البرنامج هو ‏المجلس النيابي"، لافتة الى "ممارسات وفتاوى سياسية وقانونية تتجاوز حدود الدستور، لتكرس مفهوم النظام ‏الرئاسي على حساب النظام الديموقراطي البرلماني". وقد اثار البيان جدلا وردودا متبادلة بين القصر وبيت ‏الوسط. وتردد ان رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجيه قرر ايفاد النائب فريد الخازن، واوكل الرئيس نجيب ‏ميقاتي الى النائب نقولا نحاس تمثيل كتلة "الوسط المستقل"، ويعلن رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع ‏موقفه اليوم مع ارجحية مشاركته بناء لتمني بكركي، ومثله رئيس التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي رجحت ‏مصادره المشاركة بعد التشاور مع الرئيس بري الذي يستقبل اليوم الرئيس حسان دياب. علما ان المدعوين اضافة ‏الى الاسماء السابقة هم: نبيه بري، حسان دياب، جبران باسيل، محمد رعد، سامي الجميل، هاغوب بقرادونيان، ‏اسعد حردان، طلال ارسلان، وفيصل كرامي‎.‎
‎ وعلم ان اكثر من جهة ديبلوماسية ودينية دخلت على خط الاتصالات غير المباشرة للايعاز الى من يعنيهم الامر ‏بعدم المقاطعة لان الخيارات تضيق امام اللبنانيين‎.‎
‎ اما في المواقف، فالنائب في "تكتل لبنان القوي" ابرهيم كنعان اعتبر ان "الخطة هي كناية عن رؤية ومشروع ‏اطار يجب ان يناقش ويعدّل لاسيما أن الكثير مما تتضمنه بحاجة لتطوير وهي لم تجب عن اسئلة عدة وهناك ‏علامات استفهام حول بعض مضامينها وكيفية تأمين التمويل المطلوب"..‎ ‎
وانتقد زميله في التكتل النائب الان عون خيار التصفير الفوري لمجمل الخسائر"مما تطلب إجراءات جذرية ‏وقاسية كإقتطاع الودائع وحذف كامل رأسمال المصارف، بدلا من خيارات أكثر ليونة. ولو افترضنا أننا حلينا ‏المشكلة اليوم حسابيا، فماذا نفعل غدا اقتصاديا بعد إحباط المغتربين المقتدرين وتقويض المصارف؟‎".‎"..
‎ وغرد عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب قاسم هاشم قائلا "مهما حاولت الحكومة تجميل صورة الهيركات ‏وزادت من مساحيق المفردات والخيارات ليصبح بيل إن، فالنتيجة واحدة وهي سرقة ودائع الناس، وإذا ما أضيفت ‏محاولة الإسراع بتحرير سعر الصرف فإن الحكومة تكون اتخذت القرار بالمصادقة على التوجهات الأساسية بأن ‏يدفع أصحاب الودائع الذين لم تلوث أموالهم بل عطرت بعرق جباههم، ثمن الأخطاء والارتكابات التي يتحملها ‏ثلاثي الدولة وحاكمية مصرف لبنان وجمعية المصارف، وإذا كنا جادين وصادقين في الحفاظ على أموال الناس ‏فيجب ألا يمر أي قرار أو قانون يحاول تغطية سرقات موصوفة بمد اليد الى الودائع النظيفة‎"..
‎ على الضفة الاخرى، رأى عضو كتلة المستقبل النائب محمد الحجار ان"هناك مستلزمات أساسية لنجاح الخطة فاذا ‏لم نبدأ بالإصلاحات المطلوبة ما حدا رح يتطلع فينا واذا كان الرئيس عون يريد فعلا ان يخرج البلد من أزمته ‏يجب أن يطلب من وزراء الكهرباء التابعين للتيار الوطني الحر منذ الـ2008 إيقاف الصفقات والهدر ووضع حد ‏لموضوع الكهرباء‎"...
‎ بدوره، غرد أمين سر "اللقاء الديموقراطي" النائب هادي ابو الحسن: "الخطة الاقتصادية بإطارها وعناوينها ‏ربما تستند على منطق ورغبة بالإصلاح، لكنها تبقى ناقصة ولدينا ملاحظات، وكل بند فيها يحتاج الى خطة ‏وإجراءات وجدول زمني، فضلا عن عدم تساوي اللبنانيين في الحقوق والواجبات، ومنها تسديد الضرائب، تبقى ‏العبرة في قدرة الحكومة على ممارسة الحكم في ظل نفوذ المتحكمين‎"..
‎ حزب "القوات اللبنانية" تردد في المشاركة، واعتذر رئيس "تيارالمردة" سليمان فرنجيه عن المشاركة.

النهار - 4-5-2020

إرسال تعليق

 
Top