0
تدخل ثورة الشباب اللبناني يومها العشرين فيما السلطة لا تزال تراوغ سواء بتأخير المشاورات، او بخطة اجراء ‏مشاورات خادعة تفضي الى استشارات ثانية. وفيما قطع الثوار امس أوصال العاصمة والشمال والبقاع وطريق ‏الجنوب وصولاً الى صيدا معطلين المؤسسات ومصرين على مطلب تشكيل حكومة مستقلة تنهي مسيرة الفساد وتنقذ ‏البلاد من الأزمة الاقتصادية الخانقة، كان طرفا التسوية الرئاسية الاساسيان اي "المستقبل" و"التيار الوطني الحر" ‏يبحثان سبل تشكيل تركيبة حكومية جديدة عبر اعادة تكليف الرئيس سعد الحريري سواء بوجود وزير الخارجية ‏جبران باسيل، او عبر حضور ملائكته بقوة فيها، ودائما ضمن رعاية يد "حزب الله" الحانية والتي عملت على ترتيب ‏لقاء "بيت الوسط" بين الرجلين، وهي اليد الحريصة على اعادة ترميم الستاتيكو الذي كان "الحزب" مرتاحاً فيه، ‏خصوصا لجهة متابعته سياسته الاقليمية ضمن المحور الايراني بغطاء رئاسي ووزاري ونيابي فعال‎.‎
‎ وأفادت مصادر حليفة للعهد ان لقاء الساعات الأربع بين الحريري وباسيل كان حامياً ولم يصل الى نتائج ملموسة لكنه ‏كسر الجليد الذي اعترى مسيرة ودّهما في الفترة الأخيرة. وناقشا خلاله الاحتمالات التي كانت مدار نقاش ورسائل ‏علنية او ضمنية في الأيام التي تلت الاستقالة. واضافت المصادر نفسها ان باسيل كان حاسماً مع الحريري لجهة رفض ‏تكليفه قبل ان يوافق على التشكيلة والأسماء فيها. وجرى التطرق الى عدة صيغ حكومية ابرزها صيغة الحكومة ‏التكنوسياسية مع احتمال عدم توزير باسيل فيها لكنه يتمثل بأشخاص يسميهم هو ويكونون من "التيار" وليسوا ‏مقربين منه. كذلك أبلغ باسيل الى الحريري رفضه ان يشكل حكومة تكنوقراط كاملة، مكرراً ان حكومة كهذه يمكن ان ‏يرأسها شخص آخر‎.‎‎
بعد اللقاء غادر باسيل الى بعبدا، مقر اقامته الموقت، حيث وضع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في اجواء ‏الاجتماع الذي ستتم متابعته غداً اما هاتفيا ام عبر وسطاء‎.‎
‎ وعلمت "نداء الوطن" ان فريق 8 آذار وبالتفاهم مع فريق رئيس الجمهورية يخطط لكسب وقت اضافي مراهنا على ‏تعب الحراك الشعبي ومشاكل يتسبب بها قطع الطرقات. وتقضي الخطة بالدعوة الى استشارات نيابية يمتنع فيها ‏الفريق الممانع والتيار عن تسمية الرئيس الحريري فيحصل على 50 صوتا تقريبا من اصل 128 فتعاد الاستشارات ‏ومعها تعاد المشاورات‎.‎
‎ اما مصادر بيت الوسط فأكدت لـ"نداء الوطن" أن لقاء الحريري مع باسيل لم يتوصل إلى نتائج عملية بل أظهر تبايناً ‏واضحاً ليس حول مقاربة الوضع الحكومي برمته فحسب، بل حول النظرة إلى التطورات التي تعيشها البلاد. وذكرت ‏أن الدليل إلى التباين هو عدم دعوة رئيس الجمهورية إلى الاستشارات‎.‎
‎ وأشارت المصادر ردا على سؤال "نداء الوطن" حول ما إذا كان الخلاف ما زال قائماً على صيغة الحكومة "تكنو - ‏سياسية" أو "تكنوقراط"، إلى أن ما جرى توزيعه من صيغ أمس لم يتم التطرق اليه خلال لقاء باسيل مع الحريري ‏وهو ما نفاه "تيار المستقبل" أيضاً، مؤكدة أن البحث بالصيغة الحكومية مع أي جهة يفترض أن تسبقه مقاربة ‏للتطورات في البلد في ضوء الحراك الشعبي وما نجم عنه منذ 17 تشرين الأول الماضي. وأضافت ان "هذا يحتاج ‏لأن يعترف المعنيون بأن هناك وضعاً جديداً في الحياة السياسية اللبنانية نجم عن الحراك، وإحداث تغيير في الذهنية ‏بالتعاطي معه، في وقت ما زال الفريق المعني يتعاطى مع الحراك على أنه سينتهي، وهذا غير واقعي".‎ ‎
وقالت مصادر بيت الوسط إن "التفاهم على مقاربة الحراك له أولوية على بحث مسألة تكليف رئيس الحكومة التي ‏تصبح شكلية في ظل التباين الحاصل، لذلك فإن الحريري لا يبحث عن أصوات للتكليف، بل عن صيغة حل سياسي ‏تستند إلى مقاربته للمعطيات الجديدة التي أملت استقالته، بينما نشهد محاولة الهروب إلى أمور أخرى والسعي إلى ‏منافسة الحراك الشعبي على شعاراته ومطالبه". ‎ ‎
من جهة أخرى، لفتت مصادر رسمية "نداء الوطن" إلى "وجود مناخ ترهيبي تجري إشاعته منذ قبل ظهر أمس عن ‏أن الوضع الأمني معرض لاهتزازات بسبب حديث وتسريبات على مواقع التواصل الاجتماعي وعبر رسائل صوتية ‏عن أن "حزب الله" وحركة "أمل" يتجهان إلى فتح بعض الطرقات التي يقفلها المتظاهرون، لا سيما على جسر ‏‏"الرينغ" في بيروت، وعلى الطريق الساحلي إلى الجنوب. وأشارت المصادر الرسمية إلى أن هذه الرسائل تشير إلى ‏أنه إذا لم تفتح القوى الأمنية والجيش الطرقات فإن هناك من سيتولى فتحها. وتتعاطى هذه المصادر مع هذا المناخ على ‏أنه جدي وتخشى أن يأخذ بعداً طائفياً في بعض المناطق.

نداء الوطن - 5 تشرين الثاني 2019

إرسال تعليق

 
Top