0
مع طيّ صفحة "العنوان الشكلي" من استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري بترقُّب وصوله خلال "الويك اند" الى باريس مع عائلته بدعوةٍ من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، يجد لبنان نفسه وجهاً لوجه أمام "العنوان السياسي" لهذه الاستقالة والذي يشكّل جوهر الأزمة التي تتقاطع في جانبٍ أساسي منها مع "الصفيح الساخن" الذي وُضعت عليه المنطقة في ضوء "القرار الكبير" بالتصدي لـ "حزب الله"، بعد "داعش"، واحتدام المواجهة السعودية - الإيرانية على خلفية أدوار الحزب داخل البيت العربي وصولاً إلى "الضرب تحت الحزام" من خلال الصاروخ البالستي الذي أطلقه الحوثيون في اتّجاه الرياض.

ورأتْ أوساطٌ سياسية مطّلعة عبر "الراي" أن موقف لبنان الرسمي الذي عبّر عنه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمس وأعرب فيه عن أمله في ان "يشكّل قبول الرئيس سعد الحريري دعوة الرئيس ماكرون لزيارة باريس مع أفراد عائلته، مدخلا لحلّ الأزمة التي نشأتْ عن إعلان الرئيس الحريري استقالته من الرياض مع ما اكتنف ذلك من غموضٍ حول وضعه"، يَندرج في سياق استمرار "التنكّر" لمرتكزات الاستقالة وما عنتْه في بُعدها اللبناني من انتهاء "المساكنة" مع "حزب الله" وفق قواعد ما قبل 4 تشرين الثاني الجاري (تاريخ استقالة الحريري)، وفي بُعدها الخارجي، ولا سيما السعودي، من أن "المهادنة" مع لبنان لم تعد ممكنة بحال استمرّ توفير "الغطاء" للحزب في ممارسة ما تعتبره الرياض "أدواراً تخريبية" في العالم العربي وصولاً إلى تَعرُّضه لأمنها القومي انطلاقاً من تدخله في اليمن، وأنّ على القوى اللبنانية المناهِضة للحزب أن ترسم أقلّه "الحد الفاصل" عن أي تماهٍ معه في ملاقاة المناخ الخارجي المصمّم على تحجيم نفوذ إيران في المنطقة و"تقليم أظافرها" عبر التصدّي لانفلاش "حزب الله" في أكثر من ساحة.


ولم يكن تفصيلاً أن يأتي بروز فرنسا في واجهة المَشهد الذي أُسدلت من خلاله الستارة على 12 يوماً من السيناريوات و"الافتعالات" حيال ملابسات استقالة الحريري والأهم ظروف إقامته في الرياض، معطوفاً على نقطتيْن بالغتيْ الأهمية:


* الأولى موقف أوروبي تَصاعُدي تتصدّره فرنسا بإزاء برنامج الصواريخ الإيراني (البالستية) وسياسات طهران الاقليمية "المُقْلقة بشدّة" وصولاً الى التلويح بلسان ماكرون بعقوباتٍ عليها ربْطاً بالصاروخ الذي استهدف الرياض، وهو المسار الذي يلاقي في أحد جوانبه الاستراتيجية الجديدة التي كان أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب حيال إيران والتي ترتكز في جوانبها "الممكنة التطبيق" على ضرورة تصدي المجتمع الدولي لأنشطة طهران المزعزعة لاستقرار المنطقة "ودعمها للإرهاب".


* والثانية كلام وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في مؤتمره الصحافي المشترك مع نظيره الفرنسي جان ايف لودريان في الرياض أمس عن "تنسيق بين الدول المُحبة للسلام للتعامل مع "حزب الله" ومحاولة الخروج بخطوات" حياله، لافتاً الى وجود "إجماع دولي على وجوب التعامل مع الحزب بوسيلة أخرى"، ومتّهماً إياه بأنه يقف مع الحوثيين وراء إطلاق الصاروخ على الرياض وبأنه "سبب الأزمة" في لبنان "ويجب نزْع سلاحه".


وتشكّل هاتان النقطتان الخلفية التي ستتحكّم بـ "الفصل الثاني" من الأزمة التي انكشفتْ مع استقالة الحريري الذي كانت له أمس إطلالةٌ رسمية هي الأولى منذ 4 تشرين الثاني الجاري، اكتسبتْ طابعاً حسَم أيّ لبْس حول وضعه في المملكة وظهر فيها أمام الإعلام وعلامات الارتياح بادية على وجهه خلال استقباله لودريان في دارته في الرياض. وهو قال رداً على سؤال طرحه عليه صحافي حول موعد ذهابه الى باريس بناء على دعوة ماكرون "أفضّل ألا أجيب الآن"، و"سأعلن لكم ذلك" في حينه.

"الراي الكويتية" - 17 تشرين الثاني 2017

إرسال تعليق

 
Top