0
يسمح الوقت الرئاسي الضائع، بتنامي ظواهر غريبة على حوافي الاستحقاق المؤجّل ليس أظرفها تكاثر الأسماء المرشِّحة نفسها لاحتلال كرسيّ الرئاسة الأولى من خارج لائحة المرشّحين التقليديين والمعروفين.

هذه الفئة تحديدا، تعتقد أن الوضع الإقليمي على تعاسته، قد يقلب المعطيات ويطيح بالأقوياء لمصلحة اسم غير مطروح من ضمن البازار الرئاسي المفتوح، ويمكن أن يُتّكل على قوته غير المرئية لفرض واقع يحاذره الجميع: عدم وصول رئيس استفزازي الى قصر بعبدا!
 
الوقت الرئاسي الضائع يسمح أيضا بانفلاش بقعة زيت الحساسيات السياسية. هكذا تصبح زيارة قائد الجيش العماد جان قهوجي الى واشنطن عنوانا لجدل مكتوم الصوت يقفز فوق الغاية الأساسية للزيارة والتساؤلات حول صوابية مشاركة لبنان باجتماع قادة جيوش التحالف في «قاعدة أندروز» برئاسة الرئيس الاميركي باراك اوباما وآثارها على حظوظ قائد الجيش الرئاسية!
 
أما وجود النائب سامي الجميل ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في الرياض فيطّلق التكهنات حول مغزى الزيارة المزدوجة وارتباطها بالملف الرئاسي والتمديد لمجلس النواب، في ظل ميل لدى الاثنين وخصوصا «القوات» لعدم تغطية التمديد، خصوصا بعد موقف البطريرك بشارة الراعي الرافض، وذلك خلافا لاتفاقه والرئيس سعد الحريري في روما، كما يقول عدد من نواب «المستقبل» في بيروت!
 
ولعل موقف الرئيس فؤاد السنيورة الأخير هو الرد الأوضح على كلام الراعي. أخرج الرجل البحصة العالقة في حنجرته: التمديد أهمّ من سلسلة الرتب والرواتب. كاد «دولته» يعترف بأنه حتى أهمّ من رئاسة الجمهورية!
 
برغم إلحاح «المستقبل»، ما يزال هناك من يفصل بين خيار التمديد المحتّم لمجلس النواب وبين الانتخابات الرئاسية، على قاعدة ان الأول لا يلغي الثانية، لكن معظم المؤشرات تدلّ ان هذا التمديد يؤشّر لـ«ستاتيكو» طويل الأمد أحد أهم عناوينه بقاء قصر بعبدا بلا رئيس.
 
ولعل خطاب العماد ميشال عون في 13 تشرين الماضي قد حمل نعيا رسميا للمرّة الأولى للجهود التي بذلها على مدى أشهر مع الرئيس سعد الحريري، مباشرة أو بالواسطة، لتأمين ورقة التوافق السنيّ عليه كرئيس للجمهورية. تحدث بوضوح عن الفئة التي «تتمادى في رفض المسار الطبيعي للانتخابات الرئاسية، وتمنع التفاهم على ما هو حق وواجب».
 
ومن التقى عون مؤخّرا بدا مندهشا بطرح «الجنرال» على زائريه سؤالا ملفتا للانتباه: هل يريدني «حزب الله» فعلا رئيسا للجمهورية؟ هل يريدني النائب سليمان فرنجية رئيسا للجمهورية؟».
 
عمليا، خرج زائرو «الجنرال» بانطباع مفاده أن الجميع ضد وصوله الى رئاسة الجمهورية. خصومه عن قصد، وحلفاؤه بسبب استسلامهم للامر الواقع. برغم ذلك، لا يريد عون الانتقال الى الخطة «ب»، التي تقوم على ركيزة تحوّله الى ناخب أول بعد انسحابه من السباق الرئاسي!
 
فسمير جعجع ما يزال ينتظر جوابا على موعد طلبه للقاء «الجنرال» في الرابية من أجل التوافق على مرشح ينال رضى الطرفين الأساسيّين. أكثر من ذلك، فإن أحد زائري عون توجّه اليه مؤخرا قائلا له «ما زلت انتظر جوابا منك بخصوص جعجع»، وكان يقصد الجواب على طلب الاخير اللقاء به. فردّ عون «ماذا تقصد، جواب بشأن ماذا»؟
 
هكذا لا يبدو عون، الذي رفض المنازلة الرئاسية مع جعجع في مجلس النواب، في وارد الاجتماع به لعرض الأسماء الرئاسية التوافقية. وليس حتى بوارد الايحاء للاخرين بأنه استبعد نفسه من الحلبة الرئاسية، ولو اجتمعت الظروف والحسابات ضدّه لتحيله ناخبا أول كما حصل لدى انتخاب ميشال سليمان رئيسا في العام 2008.
 
هل يستطيع الراعي جمع الموارنة مجددا؟
 
في انتظار ضبط الاقامة البطريركية مع الساعة الرئاسية، لا يبدو أن بكركي قادرة في هذه اللحظة على لعب هذا الدور. الأسباب كثيرة. لعل أبرزها أن رئيس الكنيسة يتصرف على قاعدة أنه وحده الجدير بتسمية الرئيس المقبل. هذا ما أوحى به لسعد الحريري عندما قال له بانفعال واضح في بداية اللقاء: اسحب سمير جعجع وأنا أتولى سحب ميشال عون.. ورئيس الجمهورية أهم من الانتخابات النيابية أو التمديد النيابي بالنسبة اليّ!

ملاك عقيل - السفير 23\10\2014

إرسال تعليق

 
Top