0
لأن المسار الذي حكم «وثيقة الوفاق الوطني» التي أقرت في الطائف وصارت دستورا شهد التفافا وانتهاكا لمندرجاتها الإصلاحية، وتحديداً أداة تداول السلطة المتمثلة بقانون انتخابات عصري وعادل يعتمد النسبية.
ومع اشتداد خطر التطرف الديني الذي لا يعترف بحدود ولا كيانات ولا مكونات، جاءت دعوة «المركز المدني للمبادرة الوطنية» بالتعاون مع «مؤسسة فريدريش ايبرت» إلى مؤتمر «اتفاق الطائف بعد ربع قرن على إعلانه»، أمس، بحضور ممثلين لكل الأطياف اللبنانية السياسية والحزبية والروحيّة.
بدأ المؤتمر بكلمة طلال الحسيني باسم «المركز المدني للمبادرة الوطنية»، فرأى أنّه «ليس لأيّ جهة سياسيّة أو دينيّة أو مدنيّة أنْ تقدّم كلامها أو كلام غيرها على أنّه كلام الجماعة الدينيّة أو المدنيّة بأكملها. وكذلك الكلام باسم الشعب اللبنانيّ، وشاهد هذا الوضع ما يعانيه اللبنانيّون في واجب تكوين المؤسّسة الدستوريّة التي قد تؤمّن حضورهم وتنطق باسمهم شعباً من الشعوب، أعني مجلس النوّاب»، متسائلاً: «كيف لواحد منّا، فرداً أو مؤسّسةً، أنْ يقدّم كلامه على أنّه كلام باسم الشعب أو باسم الطائفةِ أو الطبقة؟».
وأكّد أخيم بوغ باسم «مؤسسة فريدريش ايبرت» أنّ «الطائف لم يساعد فقط في وضع حد للحرب اللبنانية فحسب بل انه ساهم في إعادة نوع من الثقة بالدولة بغض النظر عما اذا كانت ضعيفة أو مستضعفة».
أما الرئيس حسين الحسيني فتحدّث عن العلاقة بين الدين والدولة، وقال: لقد نصّت وثيقة الوفاق الوطنيّ على مبدأ الانسجام بين الدين والدولة في الصورة الآتية: «تأميناً لمبدأ الانسجام بين الدين والدولة، يحقّ لرؤساء الطوائف اللبنانيّة مراجعة المجلس الدستوريّ في ما يتعلّق بـ: الأحوال الشخصيّة، حرّيّة المعتقد وممارسة الشعائر الدينيّة، وحرّيّة التعليم الديني».
وبعدما أبدى عدداً من الملاحظات على هذا البند، خلص الحسيني إلى التأكيد أنّه «من الصعب تأويل الدستور اللبنانيّ تأويلاً علمانيّاً أو تأويلاً دينيّاً، أمّا القول بأنّه دستور طائفيّ إنّما هو قول واهٍ في كلّ اعتبار، إلا في تحميل الدستور مسؤوليّة الممارسة الطائفيّة، كأنّ الحياة الاجتماعيّة السياسيّة بريئة من الطائفيّة المفروضة بحكم الدستور، أو بحكم الاستعمار».
وأشار إلى «ما كان يعنيه المؤتمرون في الطائف: مصالح الدولة والشعب والجماعات الدينيّة والأفراد»، معتبراً أنّ «هذه مصالح لا يمكن افتراض انسجامها انسجاماً قَبْليّاً، والسياسة المدنيّة، في هذا المفهوم، أساسها السعي الدائم إلى تحقيق ذلك الانسجام. وهو انسجام لا يضمنه غير سيادة القانون».
وأضاف الحسيني: «الأمر نفسه هو الذي يكمن وراء ما جاء في تلك الوثيقة في شأن البرلمان بمجلسين، مجلس نوّاب بلا قيد طائفيّ يمثّل اللبنانيّين بما هم في شعب، ومجلس شيوخ يمثّل اللبنانيّين بما هم في طوائف».
بدوره، شدّد الممثل الخاص للامين العام للامم المتحدة ديريك بلامبلي على أنّ «الطائف كان إنجازا للبنان وللديبلوماسية العربية وللمجتمع الدولي الذي لعب دور المراقب»، وقال ان اتفاق الطائف كان اشارة الى إنهاء الحرب الاهلية وإعادة تشكيل النظام العام.
ورأى «أننا نعيش فترة قاتمة في المنطقة ولبنان يواجه تحديات اساسية ولكن قراءة وثيقة الطائف تذكّر بأن علينا ان نحمي السلم والاستقرار، مع التأكيد على تعزيز المؤسسة العسكرية في لبنان».

داود رمال - السفير 23\10\2014

إرسال تعليق

 
Top