0
ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس الاحد، في كنيسة مار مارون في روما.

وبعد الانجيل المقدس، ألقى الراعي عظة بعنوان: “من تراه الوكيل الامين الحكيم”! (متى 25:24)، ومما جاء فيها: “في هذا الاحد الرابع من زمن الصليب، وهو الزمن الذي ننفتح فيه على النهايات، اي على الموت والدينونة والثواب والعقاب، يؤكد لنا الرب يسوع في انجيل اليوم ان الحياة وما فيها من مسؤوليات سواء في العائلة والمجتمع، أم في الكنيسة والدولة، انما هي وكالة نؤتمن عليها، ونؤدي حسابا عنها في نهاية الحياة، وبها يرتبط خلاصنا الابدي. ولذا تقتضي ان نمارسها بالامانة والحكمة”.

وقال: “يسعدني ان احييكم جميعا، ونحن في روما للمشاركة في جمعية سينودس الاساقفة حول “التحديات الراعوية للعائلة في اطار الكرازة بالانجيل”. وقد افتتحها قداسة البابا فرنسيس بقداس حبري الاحد الماضي في بازيليك القديس بطرس، وجرت اعمالها طيلة الاسبوع الماضي، وستتواصل على مدى الاسبوع الطالع، وتنتهي بقداس الاختتام الاحد المقبل 19 تشرين الاول، وبإعلان تطويب البابا بولس السادس. اننا نصلي، مع قداسة البابا فرنسيس والكنيسة جمعاء الى العائلة المقدسة، يسوع ومريم ويوسف، من اجل عائلاتنا لكي تكون خلايا حية للمجتمع، ومدارس تربي على القيم الانسانية والاخلاقية والاجتماعية، وكنائس بيتية تعلم الصلاة وتنقل الايمان”.

أضاف: “ان الكنيسة والدولة مسؤولتان عن حياة عائلاتنا، التي تشكل عائلة وطنية في كل بلد، وتؤلف معا العائلة البشرية، بحيث يتأمن لها العيش الكريم ماديا وروحيا، اقتصاديا وثقافيا، اجتماعيا ووطنيا. ونصلي من اجل وحدتها وسلامها ونموها. كما نصلي من اجل اجيالنا الطالعة، لكي يتمكن شبابنا وشاباتنا من تأسيس عائلات يحققون فيها ذواتهم ويجدون سعادتهم وفرحهم”.

وتابع: “من تراه الوكيل الامين الحكيم، الذي اقامه سيده ليعطي الطعام في حينه لبني بيته” (متى 25:24). أجل، كل مسؤولية في العائلة والمجتمع، كما وفي الكنيسة والدولة، هي وكالة، فلا يمكن التصرف بها وكأنها ملك خاص، كما فعل الوكيل الشرير الذي اهمل مسؤوليته “وراح يأكل ويشرب ويسكر ويضرب رفاقه”. هذا يفصله الله سيده الى الهلاك الابدي (راجع متى 48:24-51)”.

أضاف: “بل ينبغي ان يكون المسؤول وكيلا امينا لله الموكِل والسيد المالك لكل شيء. فيستلهمه، ويبحث عن ارادته، ويستنير بكلامه، ويصغي الى صوته في اعماق ضميره، وامينا للجماعة التي يحمل مسؤولية خدمتها وتأمين خيرها، وفقا لكل مسؤولية. وعليه ان يكون وكيلا حكيما، يتصرف بفطنة، تحت نظر الله وبمخافته، أي بالسعي الدائم الى مرضاته في اداء واجب مسؤوليته. هذا ما فعله الامين الحكيم الذي وجده الله سيده منصرفا بإخلاص الى القيام بواجباته، فيهبه الحياة الابدية في مجد السماء (راجع متى 46:25-47)”.

وقال: “لا يسعنا، في اطار جمعية سينودس الاساقفة بشأن التحديات الراعوية للعائلة في عالم اليوم، وفي ضوء كلام الرب في انجيل هذا الاحد، إلا ان نوجه نداء الى الاسرة الدولية، وتحديدا الى منظمة الامم المتحدة ومجلس الامن، اللذين وجدا من اجل حفظ السلام وتعزيزه في الدول وبين الشعوب، لأن يتحملا مسؤوليتهما هذه، بحفظ السلام في لبنان والعراق وسوريا وفلسطين، وانهاء الحروب وايجاد الحلول السلمية بالحوار والمفاوضات والاتفاقات، وبوضع حد للتنظيمات الارهابية وايقاف اعتداءاتها على المواطنين الآمنين، وبالعمل على عودة النازحين من العراق وسوريا الى بيوتهم واراضيهم، بكامل حقوقهم، بحكم المواطنة”.

وتابع: “نوجه نداء الى المجلس النيابي في لبنان، الذي، وللاسف الشديد، أخفق في جلسته الثالثة عشرة، في تأمين النصاب وانتخاب رئيس للجمهورية، علما انه أوقع سدة الرئاسة في فراغ منذ خمسة أشهر، وهذه وصمة عار في جبين نواب الامة الذين، حسب ما هو ظاهر، لم تقم كتلهم الى الآن بأي مبادرة جدية جديدة لتأمين النصاب وانتخاب الرئيس. ما افقدهم ثقة الشعب بهم، هو الذي اعطاهم توكيلا يوم انتخابهم لكي ينتخبوا بإسمه رئيسا للبلاد، ويقوموا بواجبهم التشريعي الذي ينتظم بوجود رئيس للجمهورية. ان وكالة الشعب لهم ليست ملكا، يتصرفون به كما يشاؤون وبمعزل عن الشعب موكلهم. ولذلك ندعوهم، باسم الشعب اللبناني، لان يبادروا الى انتخاب الرئيس، قبل القيام بأي تدبير آخر على مستوى استحقاق المجلس النيابي، لكي يستقيم كل عمل، وليضعوا حدا لمسلسل المخالفات للدستور، وحدا لإقناع الذات والمواطنين باستسهال مخالفة الدستور، وعدم التقيد بمضمونه، وبالاستغناء عن وجود رئيس للجمهورية. وهذا أخطر ما تصل اليه البلاد”.

وختم الراعي: “من اجل نجاح هذه الدعوة نصلي، وبخاصة لكي يمس الله ضمائر المسؤولين فيعمدوا على انتخاب رئيس للبلاد، قادر بشخصيته واخلاقيته وتجرده، وبقوته الروحية والمعنوية، وبإخلاصه للبنان وللمؤسسات الدستورية، على قيادة سفينة الوطن الى ميناء الامان. ونرفع من اعماق قلوبنا المؤمنة نشيد المجد والتسبيح للآب والابن والروح القدس، الآن والى الابد، آمين”.

12\10\2014

إرسال تعليق

 
Top