0
حكومياً، الأمور عادت إلى نقطة الصفر وحتى بيانات قصر بعبدا عن لقاءات رئيس ‏الجمهورية مع الرئيس المكلف نزعت "الأجواء الإيجابية" من عباراتها، سيّما وأنّ أوساطاً ‏مطلعة أكدت لـ"نداء الوطن" أنّ العقوبات على رئيس "التيار الوطني الحر" انعكست "تصلباً ‏في مواقف رئيس الجمهورية، وجعلت خيارات تدوير الزوايا ضيقة جداً". 
وكما انسد الأفق في ‏ملف التأليف، كذلك الآفاق المسدودة التي وصلت إليها السلطة في مجابهة كورونا دفعت بها ‏إلى صمّ الآذان عن صرخات الصناعيين والتجار، لتحسم اليوم قرار الإقفال العام "بالإكراه" ‏كما وصفته أوساط معارضة للخطوة، محذرةً من أنّ اعتماد هكذا خطوة من شأنه أن "يُسقط ‏آخر أحجار الدومينو" في المؤسسات التي لا تزال صامدة، ما سيعرض البلد إلى جائحة ‏‏"إفلاسات وإقفالات" لن تُحمد عقباها على آلاف الموظفين والعاملين في القطاعين التجاري ‏والصناعي‎.
‎ أما على المقلب الصحي والاستشفائي، فثمة حماسة متعاظمة للدفع باتجاه الإقفال التام بغية ‏تخفيف الضغط على القطاعين التمريضي والطبي المستنزفين صحياً ومالياً، غير أنّ مصادر ‏معنية بالملف نبهت إلى أنّ "الإقفال العام لن ينفع ولا الإقفال الجزئي يُجدي إذا ما استمر ‏التعاطي مع الآليات التنفيذية للإجراءات الاحترازية على حاله"، معربةً عن أسفها لكون ‏الوضع المتدهور الراهن مرده بشكل أساس إلى المعالجات التي اعتمدتها الجهات الرسمية ‏المعنية منذ بداية الأزمة والتي كانت كلها "غلط بغلط" وأوصلتنا إلى ما وصلنا إليه على ‏مستوى التفشي الوبائي‎.
‎ وتحمّل المصادر المسؤولية في هذا المجال لوزارتي الصحة والداخلية، فالأولى "لم تقم بواجبها ‏في تدريب الكوادر وتجهيز المستشفيات وتحضير الأسرّة اللازمة طيلة الفترات الماضية"، ‏بينما الثانية "سيطر التخبط والتراخي على أدائها وأثبتت عجزها عن ضبط التفلّت الحاصل ‏وعدم جديتها في تطبيق الإجراءات الزجرية المناسبة في مواجهة الوباء"، وختمت المصادر ‏بالتشديد على أنه "إذا لم تعمد الوزارات والإدارات المختصة بشكل جدي إلى تنفيذ مقررات ‏الإقفال ووضع خارطة طريق علمية وفاعلة هذه المرة، سواءً خلال مرحلة الإقفال أو في ‏المرحلة التي ستلي انتهاء مفعوله، فإنّ النتيجة سترتد عكسياً بشكل كارثي بعد إعادة الفتح ‏بحيث سيكون البلد حينها أمام موجة تفشٍّ جديدة ووضع اقتصادي وتجاري أكثر انهياراً‎".
‎ وعشية اجتماع المجلس الأعلى للدفاع للبحث في إقرار توصية اللجنة الوزارية المختصة ‏بإقفال البلد بشكل تام لمدة أسبوعين بدءاً من السبت المقبل وحتى 30 تشرين الثاني الجاري، ‏كشفت مصادر نيابية لـ"نداء الوطن" عن وجود تباين في التوجهات بين هذه اللجنة وبين اللجنة ‏الصحية التي لا توافق على مقررات لجنة حكومة تصريف الأعمال الوزارية باعتبارها تتخذ ‏قرارات "غير مبنية على أسس علمية"، مشيرةً إلى أنّ اللجنة الصحية لكورونا ستجتمع بعد ‏الظهر للتداول في القرارات والتدابير الواجب اتباعها، مع الإقرار بأنّ "الإقفال العام وإن كان ‏خياراً غير مرحب به لدى كثيرين لكنه سيصبح أمراً واقعاً إذا صادق مجلس الدفاع عليه ‏وبالتالي لا بد من التعامل معه بأفضل السبل لتحقيق أفضل النتائج‎".
‎ في الغضون، لا تزال قضية إدراج رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل على قائمة ‏العقوبات الأميركية تتفاعل فصولاً، وجديدها بالأمس تفجير السفيرة الأميركية دوروثي شاي ‏‏"قنبلة" مدوية من العيار الثقيل رداً على ما ساقه باسيل في مؤتمره الصحافي الأخير من ‏‏"معلومات انتقائية خارج سياقها" حول النقاشات المتبادلة بينهما. ولم تتردد شاي في فضح ‏زيف ادعاءات باسيل كاشفةً أنه "هو نفسه أعرب عن الاستعداد للانفصال عن "حزب الله" ‏بشروط معينة"، وأبدى "امتنانه لأن الولايات المتحدة جعلته يرى كيف أن العلاقة (مع ‏الحزب) هي غير مؤاتية للتيار"، لافتةً الانتباه إلى أنّ رئيس "التيار الوطني" يعاني من "سوء ‏فهم لكيفية سير العقوبات ونقص في فهم السياسة الأميركية وكيفية صنعها‎".
‎ وركزت السفيرة الأميركية على كون العقوبات التي طالت باسيل مفروضة "على فرد وليس ‏على حزب"، ولفتت في الوقت عينه إلى أنّ بعض المعلومات المتاحة حول مسببات فرض ‏العقوبات عليه "غير قابلة للنشر"، منوهةً إلى أنّ معاقبته بموجب قانون ماغنيتسكي العالمي ‏‏"لا يعني أنه لن يكون ممكناً تسميته بموجب عقوبات أخرى في وقت لاحق‎".
‎ وعلى الأثر، سارع باسيل عبر بيان صادر عن مكتبه الإعلامي إلى تدارك "الفضيحة"، فهرب ‏إلى الأمام عبر تأكيده الالتحام والتلاحم في خندق واحد مع "حزب الله" في مواجهة الولايات ‏المتحدة، مشدداً على أنّ "السياسة الأميركية فشلت في فك التفاهم بين التيار الوطني الحر ‏و"حزب الله" على الرغم من كل الضغوط التي مارستها واشنطن وبالرغم من كل التهديد ‏والترغيب"، ليخلص إلى اعتبار كلام السفيرة الأميركية "محاولة ظريفة لدق الاسفين (بين ‏التيار والحزب) لن تنجح حتماً". وهو ما رأت فيه أوساط ديبلوماسية تأكيداً "متلعثماً" من ‏باسيل لما كشفته شاي من دون أن يحمل رده أي نفي صريح وواضح لحقيقة كونه أعرب لها ‏عن جهوزيته للانفصال عن "حزب الله" خلال محادثاتهما، إنما هو آثر استخدام "أسلوب ‏تمويهي" في بيانه وضع من خلاله "الشروط" التي طالب واشنطن بها ثمناً لهذا الانفصال في ‏خانة "المسار الحواري‎".
 
نداء الوطن - 10 تشرين الثاني 2020

إرسال تعليق

 
Top