0
حين أطلقنا "نداء الوطن" مطلع تموز قلناها صراحة إننا ملتزمون قضية السيادة والحرية ولسنا جريدة نقل أخبار السياسيين والزعامات ولا جزءاً من لعبة الأطراف في تقاسم المغانم على حساب الناس.
ومنذ البداية عرفنا أن الطريق لن يكون معبّداً أمام صحيفة تعتمد أسلوباً مميزاً في مخاطبة الرأي العام وتوقظ "شياطين" الحرية والسيادة، بعدما نجحت التركيبة السلطوية في "تعليب" هذين المفهومين نحو "حرية مسؤولة" جوهرها الخنوع، و"سيادة منقوصة" ركنها الاستتباع.
اليوم تحاول السلطة الاعتداء على حرية الاعلام من باب الاستدعاءات ومحاولة "تكييف الاتهامات" لتصوير التعبير عن الرأي الحر انتقاصاً من هيبة الرئاسة أو تجاوزاً للقانون.
نعم انها "جمهورية الخامنئي". ونحن نردّد قول بطريرك الحرية والاستقلال مار نصرالله بطرس صفير: "لقد قلنا ما قلناه".
ونسألكم من غير انتظار جواب: لماذا تختبئون وراء أصابعكم؟ فأمين عام "حزب الله" عنى ذلك بوضوح في خطاب الولاء للمرشد في إيران، وهو فخور بذلك، فلماذا تستحون بشراكتكم معه؟ ولماذا لا تقرّون بأنه صاحب قرار السلم والحرب وأنكم تدعمونه في واقع الحال؟
هي مانشيت من مانشيتات كثيرة وتحقيقات ومقالات وضعناها في تصرف الرأي العام ليعرف إلى أين تقودونه، ولماذا نعاني الأمرّين من جراء سياسات تفقر الناس وتضع البلاد دائماً في خطر اندلاع حرب لا تقررها الحكومة حسب الدستور، ولا مصلحة وطنية، بل يأمر بها الخارج حين يحتاج.
إنها سخرية القدر، بل قوة "جمهورية الخامنئي" التي تبيح لخصم المحكمة الدولية الناظرة باغتيال الشهيد رفيق الحريري ومستشار بشار الدستوري، التحريض على "نداء الوطن" في مجلس الوزراء وإعلان نية مقاضاتها، والدعوة الى تعديل قانون المطبوعات مهمشاً مشروع قانون عصري موجوداً في مجلس النواب.
أزعجتكم "نداء الوطن". نعم. لأنها عبّرت عن الناس المحاصرين بالنفايات والذين يُقتل ابناؤهم بفعل الحفر والانارة المفقودة على الطرقات، والمهانين أمام المستشفيات، والناجحين في مباراة الخدمة المدنية بينما تتقاسمون التعيينات بلا آليات. لكن كل ذلك ليس "بيت القصيد" وتسمعونه بلا اهتمام على مرّ الساعات والأيام.
أزعجتكم "نداء الوطن" لأنها اعادت المطالبة بسيادة الدولة على قرارها إلى الواجهة، ولأنها طالبت بحق الجيش والقوى الأمنية الشرعية باحتكار السلاح، ولأنها قالت لكم إن واجب المسؤول تطبيق القانون والدستور وليس التحايل أو دفن الرأس في الرمال.
أرادت "نداء الوطن" أن تقول لكم: كونوا قادة فعليين ومسؤولين حقيقيين، لكن كونوا أحراراً قبل أي اعتبار.
ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة. اعتديتم سابقاً على حرية الاعلام وستعتدون. لديكم ملكة القمع ولدينا أقلامنا وإرادتنا التي لن تنكسر وإيماننا بالحرية لأنها صنو وجودنا في لبنان.
وبيننا وبينكم القضاء.
كلمة أخيرة للمصطادين في الماء العكر، يا من توغرون صدر رئيس الجمهورية على "نداء الوطن"، نقول اننا نحترم الرئيس وموقع الرئاسة ولأجل ذلك التقيناه من موقع الخلاف وتصدّر صفحتنا الأولى في أول عدد أطلقناه. لكننا مارسنا حقنا الاعلامي والدستوري في انتقاد سياسته وتحالفاته وكل المسار الذي يسير فيه. وما تصويركم بعض تعابيرنا على انها "هجوم شخصي" الا بسبب جهلكم لغة الصحافة الراقية والشجاعة وقلة درايتكم بالتمايزات، ولأنكم لم تقرأوا صحفاً في العالم الحر ولم تعرفوا معنى المعارضة والديموقراطية ووجوب عدم "تقديس" المسؤول، بل أتيتم على صهوة الانتهازية والتبعية والتسويات.

بشارة شربل - نداء الوطن - 16 ايلول 2019

إرسال تعليق

 
Top