0
يستعد ‏لبنان لاستقبال الموفد الاميركي ديفيد ساترفيلد غداً، حاملاً ردوداً اسرائيلية حول موضوع المفاوضات لترسيم الحدود ‏البرية والبحرية بين لبنان واسرائيل، والتي يبدو انّ ساترفيلد حقق تقدماً في اتصالاته لتحقيق هذه المفاوضات التي ‏يبدو انها ستجري في مقر قيادة قوات "اليونيفيل" في الناقورة‎.‎
‎ وعلمت "الجمهورية" أنّ الوساطة التي يقوم ساترفيلد بين لبنان وإسرائيل تتناول الحدود البرية والبحرية معاً. ‏ولاحظت المراجع اللبنانية وجود قرار أميركي ـ إسرائيلي بإحراز تقدم مع لبنان في إطار سَعي واشنطن إلى إعطاء ‏انطباع للرأي العام العربي والدولي مفاده أنّ مشروع "صفقة القرن" يتقدم تدريجاً. ذلك أنّ واشنطن تنظر إلى ‏المفاوضات بين لبنان وإسرائيل كجزء من هذا المشروع، وليس كجزء من تعزيز تنفيذ القرار الأممي الرقم 1701. ‏وتأمل في أن يؤدي التقدم في ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل إلى خلق مناخ سلام يشجّع لاحقاً على انخراط لبنان في ‏مشروع السلام الجديد‎.‎
وأولى علامات التقدّم في هذا المجال بروز تفاهم بين الجانبين على إبقاء منطقة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والغجر ‏خارج الترسيم الحدودي الحالي، على أن تتركّز المفاوضات على الانتقال من حدود "الخط الأزرق" الذي رُسِم بعد ‏حرب 2006 إلى حدود الهدنة التي شرّعتها اتفاقات سنة 1949 وجَدّدت إسرائيل الاعتراف بها أثناء مفاوضات اتفاق ‏‏17 أيار 1983. وعُلمَ أنّ الحكومة اللبنانية ـ "حزب الله" ضمناً، أبلغت الى الوسيط الأميركي موافقتها على هذا ‏الاقتراح الذي "يعفي" لبنان من طلب وثيقة ملكية هذه المنطقة من الحكومة السورية التي تبدي رفضاً في هذا الشأن. ‏كما تعطي "حزب الله" ذريعةَ القول إن التحرير غير ناجز، فيبرر بقاء السلاح‎.‎
وعلمت "الجمهورية" أيضاً أنّ ساترفيلد نقل إلى الحكومة اللبنانية، في زيارته الأخيرة، موافقة إسرائيل على الموقف ‏اللبناني من النقاط الخلافية الـ 13 على الحدود الوسطى بين البلدين، والتي تشكل مساحتها نحو 5 كلم². إذ كانت ‏إسرائيل حتى الآن تعتبر هذه النقاط جزءاً من حدودها (منطقة الجليل). وأبلغت الولايات المتحدة الأميركية الى الجانب ‏اللبناني أنّ عليه، مقابل تقدم المفاوضات، أن يعزّز دور الجيش اللبناني في الجنوب ويضبط الخروقات وينفذ القرار ‏‏1701 تنفيذاً صارماً في انتظار الحل النهائي. وسيُعقد اجتماع بين قيادتي الجيش والقوات الدولية (اليونيفيل) في ‏اليومين المقبلين لتعزيز التعاون واستكشاف نقاط التمركز الجديدة‎.‎
وذكرت معلومات أنّ واشنطن ضغطت على إسرائيل لتليين موقفها في مفاوضات ترسيم الحدود، مقابل وعد من ‏الحكومة اللبنانية بالشروع قريباً في وضع استراتيجية دفاعية تعالج من خلالها وضع سلاح "حزب الله". 
أما بالنسبة إلى الحدود البحرية، فينتظر أن تقدّم واشنطن في زيارة ساترفيلد المنتظرة غداً خريطة جديدة تأخذ في ‏الاعتبار مصالح لبنان، مقابل تساهل لبناني في خلق تعاون دولي من خلال تلزيم الآبار وتسويق إنتاجها‎.‎
‎ الموازنة
وعلى وقع الاستعداد لاستقبال ساترفيلد غداً، ينعقد مجلس الوزراء في القصر الجمهوري اليوم لإقرار الصيغة النهائية ‏لمشروع موازنة 2019 وإحالته الى مجلس النواب ليدرسه ويقرّه بعد أسابيع، ما يعني انّ المهلة القانونية للإنفاق وفق ‏القاعدة الاثني عشرية ستنتهي في 31 أيار الجاري من دون ان تكون الموازنة قد أقرّت، ما سيستوجب معالجة قانونية ‏موقتة لهذا الأمر‎.‎
وتحدثت معلومات عن انّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لن يكون الوحيد في طرح تعديلات على الموازنة في ‏جلسة اليوم، وأنّ هناك أفرقاء آخرين لديهم تعديلات ايضاً أحجموا عن طرحها في الجلسات الماراتونية لتعجيل إقرار ‏الموازنة حكومياً، ما يعني أنّ جلسة مجلس الوزراء اليوم قد لا تكون نهائية الّا في حال ارتأى هؤلاء عدم النقاش ‏الطويل في تعديلاتهم، وترك الموازنة لمجلس النواب‎.‎
‎ الحريري
وعشيّة الجلسة أكد رئيس الحكومة سعد الحريري انّ "موازنة 2019 ليست نهاية المطاف. هذه الموازنة بداية لطريق ‏طويل قررنا أن نسير فيه، حتى يصل الاقتصاد اللبناني إلى بر الأمان". وقال انّ "موازنة 2019 هي تقريباً بداية ‏مسار لاستكمال ما سنقوم به في الأعوام 2020 و2021 و2022 و2023". وأضاف انّ الموازنة "رسالة في كل ‏الاتجاهات، للبنانيين بالدرجة الأولى وللقطاعات الاقتصادية وللأسواق المالية، ورسالة للأصدقاء في المجتمع الدولي، ‏أنّ الحكومة اللبنانية مُصرّة على معالجة أوجه الضعف والخلل والهدر في القطاع العام". وأشار الى انّ موازنة 2020 ‏‏"لن تأخذ هذا الوقت لأننا بتنا نعرف ماذا نريد أن نفعل". ‎ ‎
‎"‎القوات‎"‎
وفي هذا الاطار قالت مصادر "القوات اللبنانية" لـ"الجمهورية" انّ جلسة مجلس الوزراء اليوم "يجب ان تكون ‏حاسمة وتَتويجية لكل النقاش حول ملف الموازنة من أجل إقرارها وإحالتها إلى مجلس النواب، الذي سيتولى بدوره ‏درسها في غضون شهر وحيث ستُدلي كل كتلة بدلوها. وبالتالي، لم يعد من الجائز مواصلة المماطلة، خصوصاً انّ ‏مزراب العين قد كُسِر والناس "شافِت وحكيت"، فكفى مراوغة ومماطلة". ‎ ‎
إجراءات وتساؤلات وقلق
في هذا السياق قال اقتصاديون انّ الحكومة قد تكون نجحت في خفض العجز -على الورق حتى الآن- في موازنة ‏‏2019، لكنها نجحت أيضاً في بَث الخلافات بين القطاعات الاقتصادية (الصناعيون والتجار)، وزرعت الشكوك حول ‏ما سيتحمّله المواطن من ارتفاع في اسعار السلع لدى المباشرة في تطبيق مندرجات البنود التي وردت في الموازنة. إذ ‏لا تزال مسألة رسم الـ2% على كل المستوردات تثير تساؤلات حول نسبة ارتفاع اسعار السلع بسبب هذا الرسم. ويقدّر ‏اقتصاديون أن تصل نسبة الارتفاع الى 6%، بما يعني انّ المواطن سيدفع ضريبة مرتفعة في إطار تحسين واردات ‏الخزينة، أكثر بكثير من رفع الضريبة على القيمة المضافة بين 2 و3%. كذلك هناك شكوك في موضوع الرسم ‏النوعي الذي سيفرض على سلع معينة من ناحيتين: أولاً، هل تمّ اختيار السلع لخدمة مصالح نواب وجهات نافذة تمتلك ‏صناعات وتريد زيادة أرباحها؟ وثانياً، هل ستلتزم المصانع "المحميّة" عدم رفع أسعار منتجاتها؟‎ 
الى ذلك، ترى مصادر اقتصادية انّ الموازنة، وفور صدورها، ستتحول الى أوراق اعتماد تقدّمها الدولة اللبنانية الى ‏الدول المانحة. وهناك خشية من صدور تقييم سلبي بما يعني عدم الافراج عن أموال "سيدر". وهنا ستصبح الأزمة ‏مصيبة، لأنّ خسائر لبنان لن تقتصر على خسارة أموال القروض الميسّرة لتمويل مشاريع بنى تحتية، بل سيخسر البلد ‏ثقة الداخل والخارج، بما يعني المزيد من التراجع في حجم تدفّق الاموال، وارتفاع في هروب الودائع. والوضع المالي ‏والاقتصادي لا يحتمل مثل هذا السيناريو.

الجمهورية 27 ايار 2019

إرسال تعليق

 
Top