0
تعيش المنطقة حالةُ حبس أنفاس ثقيلة، في انتظار ما ستحمله الساعات المقبلة من تطورات، تدل كل المعطيات المتوافرة الى انها لن تكون "عادية" بل "نوعيّة"، ستتّخذ شكل تدخّل أميركي - أوروبي عسكري مباشر في سوريا يستهدف قوات الرئيس بشار الاسد وحلفاءه.

مصادر اميركية مقربة من دوائر القرار في البيت الابيض اكدت ان العملية الاميركية -الغربية المنتظرة خلال الساعات القليلة المقبلة باتت امرا واقعا على الجميع التعامل معها بجدية شديدة وفي مقدمتهم روسيا، التي باتت مدركة جيدا ان واشنطن لن تتراجع وتصعيدها للهجة الدبلوماسية ضد موسكو دليل على "رصانة" موقفها، كاشفة في هذا الاطار ان عوامل عدة دولية وداخلية تفرض على الادارة الجمهورية خطواتها القادمة.

فعلى الصعيد الخارجي ثمة مجموعة من العوامل تدفع بالبيت الابيض الى اتخاذ منحى تصعيده في قراراته ابرزها وبحسب المصادر الاميركية:

- ملف كوريا الشمالية، حيث ليس من مصلحة الولايات المتحدة والرئيس الاميركي تحديدا الظهور بموقف الضعيف بعد الخطوات التي حققتها بلاده وبعد "اخضاعه" بيونغيانغ التي سارعت الى الاعلان عن استعدادها للتخلي عن سلاحها النووي بعد "العقوبات الجمركية" الاميركية ضد الصين، خصوصا ان كوريا الشمالية رضخت للتهديدات العسكرية بشكل او بآخر بعد "تخلي" روسيا عنها وادراكها جدية التهديدات الاميركية.

- استحقاق الـ12 الايراني، وقرار الرئيس الاميركي الحاسم فيما خص مصير الملف الملف النووي الايراني وكل متفرعاته وصولا الى نفوذ طهران في المنطقة، والذي يبدو ان الادارة الجمهورية انقلبت بالكامل على سابقتها الديمقراطية، لجهة قلب موازين القوى ورهانها على الحصان السني، بعدما اضاع الرئيس السوري في عهد اوباما فرصة انحياز المملكة العربية السعودية الى صف روسيا.

- رغبة واشنطن في ايصال رسالة واضحة لمحور موسكو- انقرة- طهران، خصوصا بعد القمة الاخيرة ان عهد اوباما ونهجه انتهيا الى غير رجعة وان الحاكم اليوم هو الرئيس دونالد ترامب "المجنون" والمستعد لاتخاذ قرارات حاسمة والذهاب بها حتى النهاية مهما كانت خطيرة.

وتتابع المصادر انه الى جانب الوجه الخارجي هناك اسباب داخلية لا تقل اهمية متربطة وعلى حدّ قول المصادر الاميركية:

- وصول جون بولتون الى البيت الابيض واستلامه مهامه رسميا منذ يومين، وهو عمد الى اجراء تبديلات جذرية في فريق العمل الرئاسي الكثير منها لم يظهر للعلن، وبالتالي عليه اظهار قدرته على ادارة "الاستراتيجية "التي قادته الى مركزه والمحطة السورية اساسية على هذا الصعيد، متابعة بان روسيا قدمت خدمة مجانية بالامس يوم افشلت مجلس الامن في اتخاذ قرار لسحب فتيل الازمة، اذ ان نظرية بولتون تقوم على عدم جدوى اللجوء الى مجلس الامن والى ضرورة التعامل في اطار حلف خاص لتنفيذ الخطط والمشاريع الاميركية.

-قضيىة التحقيق الداخلي الذي يقوده المحقق مولن، حيث يحاول الرئيس الاميركي اسقاط الصورة التي تظهره بانه وليد ودمية روسية، وما تغريداته خلال الساعات الاخيرة الا خير دليل خصوصا وصفه العلاقات بانها الاسوأ بين البلدين.

وتؤكد المصادر الاميركية ان عاملين اساسيين يفرضان على الادارة الجمهورية تحويل الانظار نحو الخارج، علما ان الاوضاع الاقتصادية الاميركية باتت جاهزة لتحمل كلفة "الحرب" بتمويل خليجي واضح، فالقرار اتخذ منذ مدة والتحضيرات انجزت على "السكت" في انتظار ساعة الصفر التي اطلقت مع تغريدة الرئيس ترامب التي نعت فيها الرئيس السوري بكلام غير لائق متوعدا اياه.

وحول تفاصيل الخطة العسكرية التي ستعتمد، كشفت المصادر نفسها بانه لن يتم استخدام الصواريخ المجنحة على ما يراهن الكثيرون او الصواريخ "البالستية" كما روج له البعض، وانما ستوجه الضربات طائرات الشبح وعلى علو منخفض وكذلك القاذفات الاستراتيجية، بعد تدمير منظومات الدفاع الجوي السورية وكذلك شبكات الرادار التي باتت تحت رحمة التشويش الالكتروني ، متابعة بانه سيتم استخدام صواريخ حديثة ومتطورة تستخدم لاول مرة والمعروفة باسمdeap earth penetration missiles ضد بنك الاهداف المحدد، بعدما شارفت التحضيرات اللوجستية على الانتهاء وتحديد عديد القوى والاسلحة التي ستشارك في العملية الاميركية -الغربية.

وحول انعكاس العملية على الوضع اللبناني، تمنت المصادر الاميركية ان تتعامل الجهات الرسمية في الدولة اللبنانية بحكمة وعقلانية مع الموضوع وان تعمل على تبردة اصحاب الرؤوس الباردة لما فيه مصلحة بلادها لان اي خطأ في الحسابات سيكون مدمرا، كاشفة ان المعلومات الاستخباراتية المتوافرة تشير الى استعدادات ايرانية للرد عبر لبنان واليمن ،مراهنة على التطبيق الفعلي لسياسة الناي بالنفس وعدم السماح بتحويل لبنان الى ساحة للرد على اي خطوات تستهدف النظام السوري ايا كان حجمها ومداها،مقدرة ان تعمد الاطراف اللبنانية الى استخدام العمليات العسكرية كحجة لتاجيل الانتخابات النيابية المنتظرة حيث تتقاطع مصالح جميع القوى السياسية عند هذه النقطة. 

ميشال نصر - "الديار" - 12 نيسان 2018

إرسال تعليق

 
Top