0
تَمضي بيروت في مسار "الهبوط الهادئ" الذي اختار رئيس الحكومة سعد الحريري اعتماده للأزمة التي عبّر عنها إعلانه استقالته من الرياض قبل أن يقرّر التريث في هذه الخطوة ويعلّقها على مشاوراتٍ داخلية "محميّة" عربياً ودولياً في محاولةٍ لإخراج لبنان من "عين العاصفة" التي تلوح في أفق العلاقات الأميركية والخليجية مع إيران وتوفير "مانعة صواعق" تُبقيه في "منطقة الأمان" ولكن على قواعد جديدة تأخذ في الاعتبار موجبات "الغضبة" العربية والسعودية خصوصاً من أدوار "حزب الله"، بوصْفه "ذراعاً" لطهران و"شريكاً" في الحكومة اللبنانية، في ضرْب الأمن القومي العربي.

وفي اليوم الثالث على إعلان الحريري تَريُّثه في الاستقالة، بعد ساعات على عودته الى بيروت، بقي المشهد الداخلي مشدوداً الى الاتصالات التي يقودها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لاحتواء الأزمة التي انفجرتْ في 4 تشرين الثاني الجاري، وسط معطيات تتحدث عن ان هذه المشاورات لن تتّخذ شكل طاولة حوارٍ بل ستكون وفق قنوات ثنائية لاستكشاف إمكانات التوافق على "السيبة الثلاثية" للحلّ التي حدّدها رئيس الحكومة وهي احترام "اتّفاق الطائف" و"النأي بالنفس" عن صراعات المنطقة وأزماتها وصون العلاقات مع الدول العربية.

وفي حين بدا واضحاً أن فترة التريث لن تشهد اجتماعات للحكومة، فإن أوساطاً متابعة ترى ان "الاستنفار" الدولي الذي أعقب إعلان الحريري استقالته والذي رمى لإعادة الاعتبار الى عنوان "الاستقرار أولاً" في لبنان وكرّس رئيس الحكومة ركيزة أساسية في هذا الاستقرار، يجعل من الصعب تَصوُّر ألا تنجح المساعي في اجتراح مَخارج تراعي "دفتر الشروط" العربي - الدولي بالنأي بالنفس بما يوفّر لزعيم "تيار المستقبل" طريق العودة النهائية عن استقالته وفي الوقت نفسه لا يُظْهِر "حزب الله" على أنه أذعن لضغوطٍ خارجية في مسار "الانسحاب" ولو بعد "إنجاز المهمّة" من بعض الساحات مثل العراق أو "فك الارتباط" المباشر مع ساحات أخرى مثل اليمن بعدما رَفَدَ حلفاءه فيها بعناصر "المواجهة الذاتية".

ولاحظت هذه الأوساط عبر "الراي" أن ركيزتيْ "الاشتباك الخارجي" الذي جاءت الاستقالة على وهجه، أي طهران والرياض، رسمتا في ملاقاة دخول لبنان في وضعية on hold خطوط تعاطيهما بإزاء المرحلة المقبلة في لبنان ومساعي إعادة شبْك خيوط "ربْط النزاع" الداخلي، وذلك على قاعدة تكريس إيران نزْع سلاح "حزب الله" كعنوانٍ يبقى من "المحرّمات"، في موازاة إعلان السعودية بلسان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في أول إطلالة على الملف اللبناني منذ إعلان الاستقالة وما رافقها وأعقبها من علامات استفهام ان "خلاصة القضية" أن "الحريري، المسلم السني، لن يستمرّ في توفير الغطاء السياسي لحكومةٍ لبنانية تتحكّم بها في شكل أساسي "حزب الله" التي تتحكّم بها طهران"، وهو ما فُسِّر على أنه يُعبّر عن جوهر اعتراض المملكة على اختلال الموازين بقوة على مدار العام الماضي وظهور لبنان الرسمي على تماهٍ كامل مع "حزب الله" وأجندته الاستراتيجية.

"الراي الكويتية" - 25 تشرين الثاني 2017

إرسال تعليق

 
Top