0
مع انتهاء عطلة عيد الاضحى التي اقتصرت اتصالاتها على التهنئة بين المسؤولين، عادت الحرارة الى الملفات الاقليمية والتي تلقي بظلالها على الساحة السياسية، والى المشهد الداخلي الموزع بين حمى مزدوجة، حكومية - امنية، توزعت بين عودة مسلسل خطف الاجانب في لبنان ومجموعة حوادث تنقلت بين المناطق من جهة وملف النفايات العقيم من جهة ثانية، واتجهت المواقف واللقاءات التي سجلتها الساعات الاخيرة نحو الوضع الحكومي المترنح عند عقدة آلية العمل الموضوعة بندا اساسيا على جدول اعمال النقاش السياسي، استكمالا لجلسة «اللاغالب واللامغلوب» الاخيرة التي عقدت على وقع صخب الشارع العوني، الذي ينتظر ان يتكرر، بفعل تصلب الموقف الحاسم لرئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون، وإصرار الرئيس تمام سلام على ثوابته، من دون ان تنجح حركة اتصالات خلف الكواليس التي يتولاها «حزب الله» ورئيس مجلس النواب نبيه بري حتى الآن في تدوير الزوايا.
الثابت الوحيد حتى الساعة تقول مصادر سياسية تابعة، ان جلسة الخميس اصبحت امرا واقعا، سواء تم التوصل الى تسويات ما في الربع الساعة الاخير ام لا، عزز هذه الفرضية اتجاه فريقي النزاع الى نقل المناقشات الى داخل الحكومة، انطلاقا مما توصلت اليه الاتصالات العلني منها وتلك التي تجري في الكواليس، حيث الملف الرئاسي في «ثلاجة إنتظار مفاعيل اتفاق فيينا»، ومرسوم فتح الدورة الاستثنائية يتأرجح بين اصرار وزراء الرئيس سليمان على «الضمانات» التي ابدى الرئيس السنيورة استعداده لتأمينها، والكتائب المطالبة بادراج البنود تحت عنوان «انبثاق السلطة»، فيما حققت اتصالات حزب الله بعض الليونة العونية مع وعد توقيع الـ24 وزيرا ليصبح نافذا، في حين أن المشهد الحكومي يصطدم بمقاربة تتراوح بين مخالفة الدستور والحفاظ على التوازن.
مصادر مقربة من التيار الوطني الحر تؤكد ان «الاولوية واضحة بالنسبة للرابية: الآلية، التعيينات، فملف النفايات، مؤكدة انها لن تحرج ولن تحشر برمي الملفات المصطنعة من خطف ونفايات، كما حصل سابقا في ملفي التصدير الزراعي وتوزيع العائدات على المستشفيات، علما ان ملف النفايات لا يحتاج الى البحث من جديد انما الى تطبيق ما تم التوصل اليه من قرارات في الجلسات السابقة، من وضع دفتر الشروط وأطلاق المناقصات، ما يجعل وزير البيئة المسؤول عن الملف، ونقله الى مجلس الوزراء لتحميلنا المسؤولية، مرفوضاً»، مؤكدة ان وزراء التيار سيستمعون الى مداخلة من وزير الداخلية حول خطف التشيكيين، ومن وزير البيئة حول ملف النفايات، متمنية الا ينقل الملف الى الحكومة مجددا «كي لا نطرح مبدأ المساءلة»، كاشفة عن ان حزب الله هو المكلف حاليا ادارة الاتصالات والمفاوضات نيابة عن العماد عون على جبهتي بيت الوسط وعين التينة، خاتمة «حتى الساعة يبدو ان سيناريو الشارع لا يزال متقدما على سواه من السيناريوهات».
من جهتها اشارت مصادر وزارية، الى توجه لدى وزير البيئة، المكلف متابعة ملف النفايات، والذي اجرى سلسلة من الاتصالات، ابرزها مع وزير التربية الياس بوصعب لامسا «تجاوبه الملحوظ»، لطرح الملف امام مجلس الوزراء، لسببين اساسيين: الاول، البعد الطائفي الذي بدأ يسلكه الموضوع، في دلالة واضحة الى مدى الخطر الذي بلغه الوضع الداخلي، ومحاولات المصطادين في الماء العكر التشويش على التقارب المستجد بين الرئيس الحريري والنائب وليد جنبلاط واتفاقهما الاخير في جدة على مقاربة مشتركة للملفات المطروحة، والثاني، اصراره على تحمل الحكومة كاملة المسؤولية،ما قد يحول دون الوصول الى مخارج، علما ان القرار الاخير يعود الى رئيس الحكومة في مسألة تقرير عرضه على الجلسة ام لا.
المصادر التي اسفت لغياب اي حلول سحرية سريعة لملف النفايات، اكدت ان رئيس مجلس النواب يصر كضمانة فتح الدورة الاستثنائية، على حضور الكتل النيابية كافة، اذ هناك الكثير من المشاريع الملحة التي تحتاج الى اقرار، من بينها قانون الانتخابات وقانون استعادة الجنسية، غير المحسوم تمريرهما في الجلسة العامة.
ومع ان المنافذ موصدة امام الحلول الجذرية للازمات المتراكمة، فان المناخ السياسي العام لا يبدو متجها نحو التصعيد على حدّ قول المصادر المتابعة، انما في اتجاه المزيد من التهدئة التي تفرضها مقتضيات الساعة محليا واقليميا على الاطراف كافة، وتؤكد المصادر أن جلسة الحكومة المقبلة ستشهد تهدئة عالية، إذ ان هذه المرحلة تعتبر مرحلة ترقب وإنتظار لنتائج التغيرات المقبلة على المنطقة ككل من اليمن مرورا بالعراق وسوريا وصولا إلى لبنان، فكلما اقتربت «التسوية السياسية» التي يُحكى عنها من «الإنضاج» كلما انعكس ذلك على الحكومة بشكل أسرع يؤشر الى ذلك التوافق الضمني على بعض النقاط المحدودة بين الثلاثي بري - الحريري - نصر الله، لا يزال العماد عون خارجها حتى الساعة، ويصر على اللجوء الى الشارع ، رغم نصائح الثامن من آذار بأن النزول الى الشارع وقطع الطرق لن يؤديا الى نتيجة، وتذكيرها له بان الفريق مجتمعا عجز في 2008 عن تحقيق ما يطالب به الجنرال اليوم منفردا.
في المعلن من المقرر ان تخصص الجلسة الموعودة لاعادة النظر في آلية عمل الحكومة بحسب المصادر، في سياق تجاوب رئيس الحكومة مع مطالب «التيار الوطني الحر»، في ظل غياب اي أفكار جاهزة للطرح بشأن العمل الحكومي وثبات المواقف على حالها، باستثناء «طلب الإنتظار»، ليتحدّد التحرّك في وقت لاحق اي في أعقاب ما ستثمر عنه المشاورات التي يبدو أنها لم تحقق الخرق المطلوب، في وقت فرض ملفا النفايات وخطف التشيكيين الخمسة، الملحين، نفسيهما على الجلسة، بنودا طارئة من خارج جدول الاعمال. فكيف ستتعاطى الحكومة معهما؟ وهل سيسمح وزراء «التيار» وحلفاؤه بمناقشتهما، وبأي روحية سيدخلون الجلسة؟ وكيف سيحدد الرئيس سلام وجهات الجلسة: اشتباك، مشاكسة، تعطيل؟

ميشال نصر - الديار 22 تموز 2015

إرسال تعليق

 
Top