0
الانتخابات الأميركية اليوم، ولم يعد ثمة فارق بين من كان ينتظر هذا الاستحقاق تلمّساً لاتجاه ‏الريح في مراكبه، وبين من كان يستعجل نصب أشرعته تحسباً لعصف خارجي مفاجئ يقلب ‏الموازين على دفته. عملياً، دخلت الولايات المتحدة في ولاية عهد رئاسي جديد والساعات ‏المقبلة ستحسم طبيعته ليتضح تباعاً ما سيتأتى عنها من ارتدادات على مستوى العالم ‏والمنطقة... أما لبنان فكان قبل الاستحقاق الأميركي وسيبقى بعده، غارقاً في "شبر عهد" ‏أغرق اللبنانيين في بحور الإفلاس وأغدق عليهم بعطايا الشؤم والبؤس والانهيار ولا يزال ‏يعدهم بالمزيد من البلايا على الطريق نحو "جهنم‎".
‎ أربعة أعوام من عمر العهد العوني مرّت بشق الأنفس على البلد، لم تبقَ مصيبة وإلا وحلت ‏على رؤوس أبنائه، سنوات عجاف من التعطيل والتنكيل بالدولة ومؤسساتها لا يتحمل ‏مسؤوليتها المباشرة رئيس الجمهورية ميشال عون بقدر ما يتحملها رئيس الظل جبران باسيل ‏الذي استنفد رصيد الجنرال حتى الرمق الأخير وكاد خلال الساعات الأخيرة أن يستحضر ‏‏"آخرة" العهد العوني قبل نهايته... لولا أن استدرك رئيس الجمهورية الموقف و"حسّ ‏بالسخن" حسبما عبّرت مصادر مواكبة للملف الحكومي، في معرض تعليقها على مستجدات ‏الأمس التي أعاد من خلالها عون تصويب مسار التأليف "بعيداً عن نوازع باسيل‎".
‎ فبعدما باءت بالفشل محاولات استثمار اندفاعة الرئيس المكلف سعد الحريري في سبيل إعادة ‏تطويعه حكومياً، اصطدم الالتفاف على مسار المشاورات الرئاسية بطريق مسدود وضع رئيس ‏الجمهورية أمام منفذين لا ثالث لهما، إما التخفف من أثقال رغبات باسيل الاستيزارية ‏والمضي قدماً نحو التأليف، أو الرضوخ لهذه الرغبات والمجازفة بنهاية "جهنمية" للعهد في ‏حال تقدم الرئيس المكلف بتشكيلته ورفضها رئيس الجمهورية. إزاء ذلك، لاحظت المصادر ‏أنّ عون "استلحق الأحداث وسارع إلى ترميم الأجواء الإيجابية مع الرئيس المكلف منعاً ‏لتدهور الأمور بشكل يطيح بآخر فرصة حكومية يعوّل عليها لتأمين مساعدات خارجية توقف ‏عملية الدوران في دوامة الانهيار‎".
‎ وفي وقائع الساعات الأخيرة، علمت "نداء الوطن" أنه بعد طغيان السلبية على أجواء الملف ‏الحكومي واستشعار رئيس الجمهورية جدية الرسائل التي بلغته ورجحت كفة اتجاه الرئيس ‏المكلف إلى تقديم تشكيلته وإيداعها في عهدة قصر بعبدا للقبول أو الرفض، جرى اتصال ‏هاتفي بين عون والحريري أتبعه المكتب الاعلامي لرئاسة الجمهورية بإصدار بيان ينفي ‏بشكل غير مباشر تأثير باسيل على عملية التشاور التي يجريها عون مع الحريري، وذلك ‏بالتزامن مع الإيعاز لمستشار باسيل، انطوان قسطنطين، بالظهور في مداخلة عبر شاشة‎ otv ‎لنفي أي تدخل في عملية التأليف، ليليه بيان ‏عن المكتب الإعلامي لرئيس "التيار الوطني ‏الحر" يضع فيه كل اتهام لباسيل بعرقلة تشكيل الحكومة في خانة "الفبركة وتشويه الحقائق" ‏داعياً في المقابل إلى "الابتعاد عن كل ما يؤخر عملية التشكيل‎".
‎ وفي ضوء ذلك، نجحت بيانات "النفي" المتسارعة على ضفتي بعبدا وميرنا الشالوحي في ‏إعادة تعبيد الطريق أمام استئناف الرئيس المكلف زياراته إلى القصر الجمهوري، حيث تابع ‏مع عون "درس ملف تشكيل الحكومة الجديدة في جوّ من التعاون والتقدّم الإيجابي" وفق ما ‏أفاد بيان الرئاسة الأولى. وبحسب المعلومات التي نقلتها مصادر موثوق بها لـ"نداء الوطن" ‏فإنّ النقاش أمس استُكمل من حيث انتهى في آخر لقاء بين الرئيسين وكان الجو "إيجابياً جداً"، ‏وأضافت: "الأمور على ما يبدو مسهلة والولادة الحكومية لن تكون متعثرة"، كاشفةً عن "أفكار ‏طُرحت لحلحلة العقد تقدّم بها طرف سياسي وازن، ومن بينها أن تتمثل كتلة "ضمانة الجبل" ‏التي يترأسها النائب طلال أرسلان بشخصية مسيحية طالما أنّ الاتجاه هو نحو تثبيت صيغة ‏الـ18 وزيراً‎".
‎ أما في ما يتصل بالحصة المسيحية في الحكومة، فأكدت المصادر أنّ "رئيس الجمهورية أبدى ‏انفتاحاً على كل الطروحات التي تؤمن التوازن وعدالة التمثيل دون أي نفخ في الأحجام"، بينما ‏عقدة وزارة الطاقة التي تحدثت المعطيات في الآونة الأخيرة عن كونها إحدى العقبات التي ‏تعترض طريق التأليف، فسيصار إلى تذليلها بالتشاور بين عون والحريري وسط ترجيح أن ‏يكون الحل لهذه العقدة "أرمنياً بامتياز" في إشارة إلى تكليف شخصية محسوبة على حزب ‏الطاشناق تولي حقيبة الطاقة‎.
 
نداء الوطن - 3 تشرين الثاني 2020

إرسال تعليق

 
Top