0
قد تكون اللجنة الوحيدة التي خرجت من قبضة رئيس الحكومة حسان دياب هي لجنة ‏مصالحة "قبرشمون" التي سبقه إلى تأليفها رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس… وباقي ‏ما تبقى كلها لجان دياب "على مدّ العين والنظر" حتى بات مصطلح "حكومة اللجان" يطلق ‏على حكومته تندراً على تردّدها وافتقارها إلى الجرأة في الحسم واتخاذ القرارات. ولأنها ‏كذلك، بات الخارج والداخل يتعاطى مع حكومة دياب باعتبارها ساذجة عاجزة عن مواجهة ‏التحديات، من أبسطها وأكثرها بديهيةً كمنع الاعتداء على الأملاك العامة والخاصة، إلى ‏أعظمها كإيجاد الحلول الإصلاحية والإنقاذية اللازمة للخروج من الأزمة الاقتصادية… وصولاً ‏إلى اتخاذ التدابير الملائمة لتحصين لبنان في مواجهة رياح قانون قيصر التي سيبدأ عصفها ‏غداً في الأجواء اللبنانية والسورية.
فإذا كانت السلطة اللبنانية لا تزال تُمنّي النفس ‏باستثناءات تمنحها إياها الإدارة الأميركية على غرار تلك الممنوحة للعراق في مواجهة ‏العقوبات الأميركية المفروضة على إيران، فإنّ تطبيقات "قيصر" الأميركي لن تستثني أياً ‏كان في التعامل مع النظام السوري حسبما شددت مصادر متابعة لهذه التطبيقات في ‏الدوائر الأميركية، مؤكدةً لـ"نداء الوطن" أنّه "لا تهاون ولا تراجع في تنفيذ هذا القانون ولن ‏تكون هناك استثناءات للسلطة اللبنانية لا على صعيد التواصل ولا على صعيد التقديمات"..
وإذ تلفت إلى أنّ "مسألة التهريب إلى سوريا وعبر سوريا ستكون تحت مجهر الإدارة ‏الأميركية"، تؤكد المصادر أنّ "الأميركيين على دراية بأن جهودا كبيرة تُمارس لوقف التهريب ‏عبر الحدود اللبنانية - السورية لكنها تصطدم بالضغوط التي يفرضها "حزب الله" لإبقاء ‏خطوط الإمداد غير الشرعية مفتوحة بين لبنان وسوريا"، محذرةً الحكومة اللبنانية في ‏المقابل من أنّ "الرضوخ لأجندة الحزب والاستمرار في الانسياق خلف سياساته سيؤديان ‏بلبنان إلى مزيد من التأزم".
وتكشف المصادر أنّ التقرير الأول المرتقب صدوره غداً حول ‏تطبيقات قانون قيصر "لن يتضمن أسماء لبنانية نظراً لكون تعقب الأفراد والجهات المعنية ‏بدعم النظام السوري و"حزب الله" من اللبنانيين لا يزال جارياً ولم تُحسم قوائم الأسماء بعد"، ‏غير أنها تجزم بأنّ "الإدارة الاميركية كانت واضحة في تنبيهها السلطات اللبنانية إلى مغبة ‏التعاون مع النظام السوري على كل المستويات الرسمية والحكومية والوزارية وأنها لن ‏تضع أي استثناءات في هذا الموضوع"، محذرةً من أنّ الحكومة اللبنانية إذا ما تراخت إزاء ‏هذه المسألة "فستجعل تطبيق قانون قيصر قاسياً على اللبنانيين كما على السوريين"، لا ‏سيما وأنّ هذا القانون "يهدف إلى تشديد العقوبات على النظام السوري و"حزب الله" وكل ‏المتعاونين معهما وبالتالي على الدولة اللبنانية ألا تسمح بجرّها إلى أي نوع من أنواع ‏التواصل أو التعاطي مع هذا النظام لأنّ العواقب ستكون كارثية على لبنان"..
وعن المراحل التنفيذية للقانون الأميركي الجديد، توضح المصادر أنّ "التقرير الذي سيصدر ‏في المرحلة الأولى (غداً) في 17 الجاري سيتضمن عقوبات تُفرض على شخصيات كبيرة ‏ونافذة في النظام السوري، تليه مرحلة ثانية بعد أسبوعين وتتضمن أسماء جديدة ‏لشخصيات متوسطة النفوذ لكن لها علاقات اقتصادية وسياسية مع النظام، على أن يصدر ‏تقريران آخران قبل نهاية آب المقبل‎"..
وفي الغضون، بدت الدولة اللبنانية أمس في أضعف أشكالها من خلال مجريات الأحداث ‏والتصريحات الرسمية التي بيّنت حجم العجز الفاضح في إدارة شؤون البلاد بالشكل الذي ‏يليق بمسمى "دولة" ويحفظ هيبتها.
فبينما استرعى الانتباه إقرار المجلس الأعلى للدفاع ‏باستمرار التهريب إلى سوريا لا سيما لناحية تأكيد مواصلة عمليات تهريب مادة المازوت ‏المدعوم من السوق اللبنانية إلى الداخل السوري، كاد رئيس الحكومة أن يسأل "وينيي ‏الدولة" في معرض مقاربته أحداث الشغب في وسط العاصمة وطرابلس، ليأتي كلامه عن ‏وقوف الدولة موقف "المتفرّج" إزاء المشاغبين ليقرّ بصفته رئيساً للحكومة بانكفاء ‏السلطات الشرعية عن ممارسة مهامها في حماية الناس والممتلكات من "الزعران"، في ‏وقت نقلت مصادر مواكبة لنتائج اجتماع المجلس أنّ التقارير الأمنية التي تم تدارسها تصب ‏في خانة رفع مسؤولية الشغب الذي حصل في بيروت عن المجموعات المحسوبة على ‏‏"حزب الله" مقابل التركيز على "بعض المجموعات البقاعية وعلى ناشطين ضمن مجموعة ‏‏7" تتهمهم السلطة بأنهم يقفون وراء أحداث الشغب الذي حصل في بيروت نهاية الأسبوع‎.‎
أما مالياً، فعود على بدء في عملية توحيد الأرقام بين الحكومة والمصرف المركزي وجمعية ‏المصارف، مع عودة النقاش المالي إلى المربع النيابي الذي أطاح بالتعنت الحكومي في ‏مقاربات الخطة المالية المرتقبة، لتعود بذلك محورية هذه المهمة منوطة بلجنة تقصي ‏الحقائق المنبثقة عن لجنة المال والموازنة برئاسة النائب ابراهيم كنعان، وهو ما أنتج خلال ‏الساعات الأخيرة اتفاقاً على "فتح صفحة جديدة" بين المصارف والحكومة في إطار الحوار ‏الدائر تحت قبة البرلمان "على أساس الأرقام المطابقة للأرقام المصرفية والتي أكدتها لجنة ‏الرقابة على المصارف بالنسبة لموضوع التسليفات" تمهيداً للشروع في مفاوضات جدية ‏مع صندوق النقد الدولي، حسبما أكدت مصادر نيابية لـ"نداء الوطن"، كاشفةً في ما يتصل ‏بهذه المفاوضات أنّ رئيس الحكومة عبّر خلال الاجتماع المالي أمس صراحةً عن هواجسه ‏من فرض شروط سياسية على لبنان من خلال صندوق النقد ما أوحى بأنه بات يميل أكثر ‏فأكثر نحو نظرية "الاتجاه شرقاً" والبحث عن بدائل للصندوق، لا سيما حين قال أمام ‏المجتمعين: "تبين لنا أنّ 80% من اعتبارات صندوق النقد الدولي هي اعتبارات سياسية ‏و20% فقط منها مالية، لذلك علينا أن نتعاون مع بعضنا ونفكّر بأنفسنا‎".

نداء الوطن - 16 حزيران 2020

إرسال تعليق

 
Top