0
مبدئياً سيكون نجم "الأونيسكو" اليوم ملفا العفو العام والكابيتال كونترول، لكن عملياً يبدو ‏أنّ الملفين سيكون مصيرهما "الفرملة" استناداً إلى معطيات تؤكد أنّ صيغتيهما لم تختمر ‏توافقياً بعد، فالأول لا تزال "دونه عقبات سياسية" على وقع عملية شد الحبال الطائفية ‏التي لم تكن حتى ليل أمس قد توصلت إلى أرضية مشتركة مسيحية - إسلامية حيال حزمة ‏المستفيدين من العفو، بينما الملف الثاني سيعود أدراجه من الهيئة العامة إلى لجنة المال ‏والموازنة لإعادة إخضاعه للدرس في ضوء جملة الملاحظات التي وضعت على مسودته ‏المقترحة من كتلتي "التيار الوطني الحر" و"التنمية والتحرير"، وأبرزها تلك التي جاءت من ‏صندوق النقد الدولي الذي آثر خلال الاجتماع مع الوفد اللبناني أمس انتظار التعديلات ‏المطلوبة على الاقتراح الذي تلقى نسخة مترجمة بالإنكليزية عنه قبل استئناف البحث في ‏تفاصيله خلال اجتماعات لاحقة‎.‎
‎ أما على مستوى فضيحة التباين في الأرقام بين خطتي الحكومة والمصارف والتي أضعفت ‏موقف لبنان الرسمي خلال مفاوضاته مع صندوق النقد، فقد أكدت مصادر معنية بهذا ‏الملف لـ"نداء الوطن" على وجوب الإسراع في حسم هذه الجدلية، ولفتت إلى أنّ "الأمور ‏باتت متجهة نحو مجاراة الحكومة للأرقام الواردة في خطة المصارف بعدما تبيّن عدم ‏واقعية الأرقام التي ضمّنتها في خطتها"، مشيرةً إلى أنّ "الهوة بدأت تضيق بين الخطتين ‏والمقاربات للأرقام صارت متقاربة باعتبار ذلك المدخل الإلزامي الوحيد لإقناع صندوق النقد ‏بجدية الحكومة اللبنانية في معالجة الأزمة"..‎ ‎
وعلى وقع تفنيد ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش للعوامل التي ‏‏"تضعف موقف لبنان" في المناقشات مع صندوق النقد الدولي من "الأرقام المختلفة ‏وعدم إحراز تقدم في التعيينات القضائية وغيرها من التعيينات والتأخير في إصلاح قطاع ‏الكهرباء"، أوضحت المصادر أنه وإزاء تكشف "الكوارث" في الأرقام التي تقدمت بها ‏الحكومة إلى صندوق النقد والمجتمع الدولي، أتى اجتماع اللجنة الفرعية لتقصي الحقائق ‏أمس برئاسة رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان وحضور وزير المال غازي ‏وزني ورئيس جمعية المصارف سليم صفير وممثلين عن المصرف المركزي ليعيد تصويب ‏بوصلة الأرقام بالاتجاه العلمي والتقني السليم وتبديد الفوارق في الأرقام بين الحكومة ‏والقطاع المصرفي، موضحةً أنّ "الجلسة النيابية كشفت فوارق كبيرة في الأرقام مردها إلى ‏كون الحكومة انطلقت من فرضيات مالية غير واقعية وغير علمية في خطتها واعتمدت ‏نفساً تسييسياً في مقارباتها المالية وهذا هو جوهر المشكلة"، وأشارت في هذا المجال إلى ‏أنّ "المراجعات التي حصلت في اجتماع الأمس بيّنت بشكل واضح أنّ أرقام الحكومة هي ‏كناية عن وجهة نظر مبنية على توجه سياسي معيّن، بينما أرقام جمعية المصارف أقرب إلى ‏الواقع الاقتصادي والنقدي وللمعايير الدولية المعتمدة في حالات مشابهة، ولذلك كان لا بد ‏من تقريب المسافات بين الأرقام المطروحة بشكل يتيح مخاطبة صندوق النقد على أسس ‏علمية وليس سياسية، وعندما تنتهي عملية توحيد الأرقام سيعود التفاوض مع الصندوق ‏للانطلاق من المربع الأول وفق قوائم رقمية موحدة، وفي هذه الحالة تبقى العودة إلى ‏نقطة الصفر أفضل بكثير من الاستمرار في المراوحة التي لن تؤدي إلا إلى مزيد من هدر ‏الوقت‎"..
‎ وإذ وصفت الجلسة بأنها كانت "مهمة جداً في تحديد أسباب الفروقات في سبيل التمكن ‏من ردم الهوة بين الأرقام"، استغربت المصادر على سبيل المثال "إدراج الحكومة في ‏خطتها مسألة تصفير الالتزامات حتى 2040 بسعر صرف اليوم وهذا ما لم يحصل في أي ‏من دول العالم ولا في كل تجارب المصارف المركزية في البلدان التي مرّت بأزمة ‏اقتصادية ومالية"، ونقلت إزاء محاولة الحكومة تحميل المصارف والمودعين كامل تبعات ‏الأزمة القائمة أنّ "القيّمين على القطاع المصرفي رفضوا هذا المنطق وشددوا على أنّ ‏الخسائر والمشاكل التي يعاني منها البلد هي بالدرجة الأولى سياسية نتيجة سوء إدارة ‏الدولة على مدى عقود والمطلوب بالتالي إجراءات فورية لمعالجة الأسباب بدل صيغة ‏‏"تصفير 2040" وتحميل التبعات للقطاع المصرفي وأموال المودعين"، منوهةً في المقابل ‏بموقف وزير المال الذي "كان متفهماً ومتجاوباً وأبدى جهوزيته لإعادة النظر بالمقاربة التي ‏طرحتها الحكومة في خطتها‎"...
‎ واستيضاحاً للمجريات التقنية التي تمحورت حولها جلسة تقصي الحقائق في ضوء ما ظهر ‏من فارق في الأرقام بلغ أكثر من 100 ألف مليار ليرة بين الحكومة والمصارف، أوضح ‏كنعان لـ"نداء الوطن" أنّ "المصارف شرحت خلال الجلسة أنّ مبلغ خسارة 32 ألف مليار في ‏التسليفات الذي تتحدث عنه الحكومة هو غير صحيح لأنّ المصارف سلفتها مقابل ضمانات ‏تساوي أضعاف ذلك، بينما شرح مصرف لبنان أنّ رقم 66 ألف مليار الذي تتحدث عنه ‏الحكومة كخسارة بفعل الهندسات المالية وتثبيت سعر الصرف هو رقم غير صحيح أيضاً ‏لأن المبلغ موجود في حساب للمصرف يسدد على آجال طويلة ولأن هناك هندسات لم ‏تستعمل إضافة الى سعر الذهب وهو ما يساوي في مجموعه 68 ألف مليار، كما أوضح ‏المصرف المركزي أنّ رقم 62 ألف مليار الذي أوردته الحكومة كخسارة في ما خص الفرق ‏بين حسابات المصارف ومصرف لبنان كذلك هو رقم غير صحيح إذا أخذنا بالاعتبار القيمة ‏السوقية وعوامل أخرى"، وأردف: "خلاصة الموضوع أن رقم الخسارة الإجمالية الذي يتوقع ‏الوصول إليه هو 105 آلاف مليار وليس 241 ألف مليار الذي سبق أن قدرته الحكومة"، ‏مشيراً في ضوء ذلك إلى أنه "تم التأسيس لعقد اجتماع حاسم الاسبوع المقبل لتوحيد ‏المقاربات وردم الهوة والانتقال من مرحلة اليأس إلى مرحلة الأمل‎"..
‎ وفي الغضون، كشفت دوائر متابعة للاجتماعات الدورية الجارية بين السلطات اللبنانية ‏وصندوق النقد لـ"نداء الوطن" عن مجموعة عراقيل أخرى تؤخر إبرام إتفاق مبدئي يسبق ‏تعهد الصندوق بمد لبنان بجرعة من الدولارات، موضحةً أنّ أبرزها يتمحور حول "إصرار ‏الحكومة والمصرف المركزي على تثبيت سعر الصرف الرسمي للدولار مقابل الليرة بشكل ‏انعكس اسعاراً متعددة لصرف الدولار وأدى إلى فقدانه من الأسواق"، وشددت في ‏المقابل على أنّ "تحرير سعر صرف الليرة هو شرط مُسبق وإلزامي بالنسبة لصندوق النقد ‏لكي تتقدم المفاوضات وتدخل في صلب حجم الديون المنوي رصدها وكيفية استخدامها‎".

نداء الوطن - 28-5-2020

إرسال تعليق

 
Top