0
لا غلاء الأسعار بواقع أكثر من 50% يهم، ولا ارتفاع الدولار إلى حدود الـ3000 ليرة، ولا بلوغ ‏مستوى البطالة حدّ الانفجار الاجتماعي، ولا صور الذين باتوا يقتاتون عند مستوعبات ‏القمامة، ولا صرخات الناس التي عادت لتصدح في شوارع الثورة جوعاً وعوزاً، ولا ‏الاهتراءات التي أصابت مظلة "التعبئة العامة" تحت وطأة الخروقات الفاضحة في بيروت ‏والمناطق… كل ذلك لا يهمّ، المهمّ من يكسب معركة التعيينات المالية ومن يبسط سطوته ‏على السلطة النقدية في البلاد والباقي تفاصيل‎.‎
‎ هي حرب "داحس والغبراء" بين الحلفاء في الحكومة وقد احتدمت نيرانها عشية إقرار ‏التعيينات المالية اليوم على طاولة جلسة بعبدا… اتصالات ومشاورات وخطوط ساخنة ‏لتبريد الأرضية أمام تمريرها بالتي هي أحسن وبأقل الخسائر الممكنة بين أبناء الصف ‏الحكومي الواحد، وحتى منتصف الليل كانت "النيران الصديقة" لا تزال تسجل أصداؤها ‏بوتيرة متقطعة على جبهتين، الأولى جبهة "كسر عضم" يقودها رئيس الجمهورية ميشال ‏عون وإلى يمينه رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل وإلى يساره رئيس الحكومة حسان ‏دياب، والثانية يتقدمها رئيس مجلس النواب نبيه بري ويسعى من خلالها إلى دفع مجلس ‏الوزراء نحو إرجاء البتّ بالتعيينات اليوم "لمزيد من الشرح حول الأسماء المقترحة من قبل ‏وزير المالية"..‎ ‎
هذا المخرج الذي عمل بري على تأمين التوافق عليه أمس، إنما يهدف من خلاله إلى ‏الحؤول من جهة دون الاستفراد برئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية داخل الحكومة، ودون ‏الإمعان في استفزاز رئيس الحكومة السابق سعد الحريري خارجها، حسبما أوضحت مصادر ‏مواكبة للاتصالات التي تكثفت ليلاً على أكثر من خط إزاء ملف التعيينات المالية، مؤكدةً ‏لـ"نداء الوطن" أنّ بري حريص على "عدم كسر فرنجية مسيحياً وعلى عدم إقرار سلة ‏تعيينات تستهدف الحريري والمكوّن السني في التركيبة الوطنية"، كاشفةً في المقابل أنّ ‏‏"التيار الوطني الحر" بمؤازرة من الرئاسة الأولى كان حتى ساعة متأخرة من الليلة الماضية ‏يرفض منح "المردة" مقعدين مسيحيين في التعيينات المالية وحاول عبر خطوط التوسّط ‏والتواصل مع فرنجية "إقناعه بالقبول بعضو واحد في المصرف المركزي مقابل وعود ‏بالتعويض عليه في تعيينات أخرى يجري التحضير لها في المستقبل القريب".. ‎ ‎
وإذ بدا من أجوبة "المردة" على هذا الطرح أنّ فرنجية مصمم على مطلبه بنيل عضوين من ‏الحصة المسيحية في سلة التعيينات المالية المزمع إقرارها، كشفت المصادر أنّ الأمور ‏تسارعت لتدارك الأسوأ حكومياً لا سيما في ضوء تهديد رئيس "المردة" بمقاطعة وزيريه ‏جلسة بعبدا اليوم ما لم تتم الاستجابة إلى مطلبه أسوةً برضوخ دياب لمطالب "التيار ‏الوطني"، لافتةً إلى أن هذا التهديد قد يدفع باتجاه تأجيل البت بالتعيينات حتى الأسبوع ‏المقبل‎.‎
‎ ورغم التشنج الظاهر في الأجواء الحكومية، غير أنّ مصادر قصر بعبدا أبدت إصرار رئيس ‏الجمهورية على إقرار التعيينات اليوم، معربةً لـ"نداء الوطن" عن تفاؤلها بأن "تسير الأمور ‏بإيجابية"، وهو ما أكدت عليه مصادر رئيس الحكومة بالقول لـ"نداء الوطن": "التعيينات ‏ستطرح على طاولة الجلسة (اليوم) وستبتّ إذا لم يكن بالتوافق فلتطرح على التصويت ‏وقد تمرّ بالأكثرية وقد تسقط إذا صوّت ضدها 7 وزراء"، مشيرةً إلى أنّ "تعديلات حصلت ‏على الأسماء فتم شطب بعضها وإدخال أخرى"، ومشددةً في الوقت عينه على أنّ دياب ‏‏"لم يُجر أي اتصال بأي من الاطراف السياسية لإقناعه بالسير في التعيينات بدليل عدم ‏الاتفاق الحاصل على كل المناصب"..‎ ‎
أما على مقلب قوى المعارضة السنيّة التي يتزعمها الحريري بالتكافل والتضامن مع رؤساء ‏الحكومات السابقين، فأكدت مصادر مواكبة لـ"نداء الوطن" أنّ ما تردد عن التهديد باستقالة ‏كتلة "المستقبل" النيابية رداً على السياسات الكيدية التي تنتهجها الحكومة "لم يكن من باب ‏المناورة إنما هو أمر مطروح على بساط البحث وقد يتطور بحسب المستجدات إلى مطالبة ‏الحريري بإجراء انتخابات نيابية مبكرة إذا ما تم تجاوز تمثيل المكون السنّي ومحاولة تهميشه ‏في المعادلة الوطنية"..

نداء الوطن - 2-4-2020

إرسال تعليق

 
Top