0
صحيح أن حكومة حسان دياب ليست مسؤولة عن الدّين العام ولا هي من أوصلت البلاد ‏إلى درْك الإفلاس الأسفل، لكن أيضاً فليأخذ رئيسها اللبنانيين "بحلمه" سيّما وأنهم الأدرى ‏بأنه وحكومته صنيعة منظومة سياسية حاكمة ترعرع الفساد في أحضانها وجاءت به، غصباً ‏عن إرادة الثورة، لتواري سوءات أعمالها من نهب وهدر وفساد، وهذه المنظومة نفسها ‏التي رعت تجفيف منابع الخزينة العامة، هي التي اجتمعت وأجمعت صبيحة السبت في ‏قصر بعبدا على رعاية تخريجة "تعليق" سداد ديون الدولة وأوكلت لدياب مهمة إذاعة بيان ‏‏"التفليسة" عبر الأثير‎.‎
‎ أما بعد، ما هي خطة الحكومة بعد إعلانها إفلاس الدولة؟ وكيف ستُخرج اللبنانيين من بين ‏فكّي كماشة الأزمة الاقتصادية والمالية الخانقة؟ ومن أين ستأتي بمليارات الدولارات ‏لإعادة تعويم النقد والاقتصاد؟… أسئلة جوهرية تبقى حتى الساعة بلا إجابات ويبقى الثابت ‏الوحيد الأكيد في خطة أهل السلطة هو ما ظهر منها وما بطن من توعّد الناس بـ"إجراءات ‏موجعة" قادمة، فاربطوا الأحزمة أيها اللبنانيون… ولّى زمن "الهلع" وحان وقت "الوجع".. ‎ ‎
إذ وبحسب المعلومات المتوافرة لـ"نداء الوطن" فإن الحكومة تستعد لإطلاق خطتها ‏الاقتصادية والمالية خلال الأسبوعين المقبلين على أن تبدأ معالمها بالاتضاح هذا الأسبوع ‏من خلال جملة قرارات تمهيدية تتماشى مع برامج إعادة هيكلة الدين والقطاع المصرفي، ‏بينما سيكون دعم سعر الصرف هو التحدي الأبرز أمام الحكومة وسط مخاوف من الإقدام ‏على خطوة خفض سعر الليرة إلى مستوى الألفين للدولار الواحد خصوصاً وأن كلفة تثبيت ‏سعره الحالية التي تبلغ ملياري دولار سنوياً لم تعد الخزينة قادرة على تحمّلها، هذا عدا عن ‏أنّ هذه الخطوة ستشكل ضغطاً هائلاً على دخل الموظفين بشكل ستتآكل معه قدراتهم ‏الاستهلاكية في الوقت الذي ستخضع خطة الحكومة اللبنانيين لسلة ضرائبية تزيد من ‏أعبائهم المادية بما يشمل رفع نسبة الـ‎"TVA" ‎وفرض زيادة 5000 ليرة على صفيحة ‏البنزين‎.‎
‎ وبينما تبرر مصادر مواكبة للخطة الحكومية الحاجة إلى "ربط الأحزمة" تحسباً للمرحلة ‏الموجعة الموعودة بأنها "إجراءات إصلاحية لا مفرّ منها وعلى أساسها سيتقدم لبنان من ‏المجتمع الدولي طلباً للمساعدة"، توضح المصادر لـ"نداء الوطن" أنّ "بعض بنود هذه ‏الخطة سيستفيد من بنود كانت قد وضعتها الحكومة السابقة لناحية تمويل الاقتصاد ‏والاستثمار في أعمال تخلق فرص عمل، كما ستتضمن إصلاحات في هيكلية الدولة من ‏ناحية الكهرباء والقطاع العام وكل مرافق الدولة، بمعنى أنها إصلاحات بنيوية سيتم العمل ‏من خلالها على إعادة هيكلة بعض الإدارات فضلاً عن وقف الايجارات لبعض المباني التي ‏تستخدمها الدولة"..‎ ‎
وعلى الضفة المقابلة، تختصر أوساط اقتصادية الوضع القائم بالتشديد على أنّ ‏‏"المطلوبfianancial reserve package ‎  أي مساعدة نقدية فورية لتلافي الانهيار الزاحف ‏ونقطة على السطر"، وتقول لـ"نداء الوطن": "من دون لف ولا دوران المطلوب قرار واضح ‏وصريح بالذهاب إلى صندوق النقد لأننا شئنا أم أبينا هناك فجوة تمويلية بأكثر من 10 ‏مليارات دولار لا بد من سدّها لإنقاذ الودائع والوظائف ولإنقاذ ما تبقى من قدرة شرائية ‏للمواطن. ناهيك عن أنه لا بد من ضخ السيولة ليس فقط لإنقاذ الاقتصاد من الانهيار إنما ‏لتمويل برامج اجتماعية إنسانية تستطيع مواجهة تفاقم حالة الفقر والجوع القادمة لا محالة".. ‎ ‎
ورداً على سؤال، تلفت الأوساط الانتباه إلى أنّ "الالتزام بخيار صندوق النقد يُعزّز موقع ‏لبنان التفاوضي مع حاملي السندات الخارجيين الذين لا شك في أنهم سيرتاحون أكثر ‏لاعتماد الدولة اللبنانية هكذا خيار كونه سيرفع من قيمة الأصول السيادية المتعثرة التي ‏هي في حوذتهم"، مشيرةً في الوقت عينه إلى أنّ "كل المشاركين في مؤتمر "سيدر" الذي ‏استشهد به رئيس الحكومة به في خطابه وأكد العزم على مواصلة تنفيذ إصلاحاته، كانوا قد ‏أجمعوا على أنّ صندوق النقد هو الجهة المخولة والموثوق بها من قبل المانحين لمواكبة ‏لبنان في خروجه من الأزمة إن هو أراد حقاً ذلك".. ‎ ‎
أما في مستجدات "كورونا"، فقد سُجّل خلال الساعات الأخيرة ارتفاع ملحوظ في نسبة ‏المصابين بشكل يؤكد أنّ البلد دخل في مرحلة "الانتشار" لا سيما وأنّ دائرة المصابين ‏اتسعت مروحتها لتشمل مناطق وشرائح جديدة في البلاد. وفي هذا الإطار، تتجه الأنظار ‏إلى القطاع الاستشفائي وقدرته على مواكبة موجة العدوى المتصاعدة في صفوف ‏المواطنين في ظل الحجم المتواضع للطواقم والتجهيزات المتخصصة والشح المالي في ‏صرف الاعتمادات اللازمة للمستشفيات التي باتت مضطرة على التعامل مع تشخيص ‏الحالات وعزل المصابين لديها الأمر الذي سيؤثر عاجلاً أم آجلاً على أدائها الاستشفائي ‏والجراحي مع المرضى النزلاء لديها‎.‎
‎ وتحت وطأة هذا الواقع المأساوي الذي لطالما كانت التحذيرات منه والمناشدات تتوالى ‏منذ لحظة ظهور الفيروس في إيران بوجوب وقف الرحلات الجوية منها وإليها لكن من دون ‏أن تجد هذه التحذيرات آذاناً صاغية لدى الحكومة القائمة حتى تسلّل الكورونا إلى عمق ‏الأراضي اللبنانية وتخطى الآن في مروحة انتشاره زوار إيران ليبلغ بالأمس الأديرة ومدارس ‏الرهبنة، دخل إسم لبنان بقوة خلال نهاية الأسبوع على قائمة الدولة المعزولة بعدما كرّت ‏سبحة الدول العربية التي باتت تفرض حظراً على السفر إلى لبنان والقدوم منه خصوصاً ‏في دول الخليج العربي، مع ما يعينه ذلك من تداعيات اقتصادية دراماتيكية ستزيد من ‏إحكام طوق العزلة اللبنانية… حتى إشعار آخر‎.

نداء الوطن - 9-3-2020

إرسال تعليق

 
Top