0
ببساطة هو كباش "الإمرة" وراء لفّ ودوران السلطة وهروبها من مبدأ إعلان "حال ‏الطوارئ" في مواجهة الوباء نحو توليفة "طوارئ هجينة" متداخلة المكوّنات من "التعبئة ‏العامة" و"الطوارئ الصحية" وصولاً إلى بدعة "حظر التجول الذاتي".
كل المطلوب أن ‏تبقى الإمرة للسلطة ويبقى الجيش هو الأداة التنفيذية لتعليماتها حتى ولو فتك الكورونا ‏بآخر لبناني على وجه الأرض. 
من هنا تنطلق وهنا تنتهي كل مناورات وفتاوى أهل الحكم ‏لتجنّب تسليم راية "الإمرة" في البلد إلى الجيش وتفويضه قيادة القوات المسلحة ومختلف ‏الأجهزة الأمنية، وهي راية مطوّبة دستورياً في أزمان السلم والحرب لرئيس الجمهورية ‏بصفته الرئيس الأعلى للقوات المسلحة ورئيس المجلس الأعلى للدفاع ولا تبدو هناك ‏قابلية للتنازل عنها في زمن "الكورونا".. ‎ ‎
وعلى وقع هذا الكباش الخفي، يواصل الوباء تفشيه بين الناس من دون التغاضي عن ‏فسحة التماثل إلى الشفاء التي سُجلت لعدد من المصابين خلال الساعات الأخيرة، في وقت ‏لا تزال سياسة الدولة تتخبط في مجابهة خطر كورونا كما في مواجهة خطورة الأزمة ‏الاقتصادية والمالية والاجتماعية، ففي الخطر الأول تتكل على "المونة" لفرض الحجر الذاتي ‏على اللبنانيين وإن استعانت بمكبرات الجيش والحواجز الأمنية و"دفاتر الضبط" لقمع ‏المخالفين، وفي الخطورة الاقتصادية لا حلول عملية حتى الساعة خارج إطار التباهي بإعلان ‏التفليسة خارجياً، وذلك بالتوازي مع التحضير داخلياً لأرضية موجعة من الإجراءات تبحث في ‏جيوب المواطنين عن "فلس الأرملة" لتمويل خزينة الدولة وخزائن المصارف، وعينها على ‏قوننة "كابيتال كونترول" يضرب النظام الاقتصادي الحر ويقيّد ودائع المودعين أقله ‏للسنوات الثلاث المقبلة بحجة ضرورات "الظروف الاستثنائية"، من دون أي إجراء ملموس ‏بحق من نهبوا المال العام وحوّلوا ودائع الناس إلى مجرد حسابات "حبر على ورق".. ‎
وعشية استكمال مجلس الوزراء في السراي الحكومي ظهر اليوم بحث مشروع القانون ‏المعجل الرامي إلى "تنظيم ووضع ضوابط استثنائية موقتة على بعض العمليات ‏والخدمات المصرفية او الكابيتال كونترول"، تمهيداً لبته وإقراره في جلسة قصر بعبدا بعد ‏غد الخميس، استرعى الانتباه تصاعد نبرة "عين التينة" في مواجهة هذا المشروع، لا سيما ‏وأنّ مصادر قريبة من رئيس مجلس النواب نبيه بري أكدت لـ"نداء الوطن" أنّ "هناك ‏أولويات على الحكومة التوقف عندها قبل مشروع الكابيتال كونترول"، موضحةً أنّ "الرئيس ‏بري يرى موضوع الصحة هو الأولوية الآن في ظل العجز الكبير في مستشفيات المناطق ‏وعدم القدرة على إجراء فحوصات الكورونا، فضلاً عن مسألة المساعدات الاجتماعية التي ‏بات لزاماً على الحكومة أن توليها الأهمية لأنّ الناس "ضربهم الجوع" ولا تكفي مبادرات ‏الهيئات والمنظمات والنواب والمؤسسات والأفراد لأننا مقبلون على ما هو أسوأ".. 
وعن مصير مشروع "الكابيتال كونترول"، تشدد المصادر على أنه "إذا كان لصالح المصارف ‏على حساب المودعين فهو لن يمر"، مضيفةً: "جرت محاولات لإدخال تعديلات على ‏المشروع فتم تشويهه ليتحول معها الى مسودة لحماية القطاع المصرفي على حساب ‏المودع والرئيس بري همه الأول هو المودع ووديعة المودع وليس المصارف".. وإذ ترجح ألا يخرج مجلس الوزراء متفقاً على المشروع وفق الصيغة الراهنة، تشير المصادر ‏إلى أنه عندما يحال إلى مجلس النواب فعندها "لكل حادث حديث"، مجددةً التأكيد أنّ بري ‏سيتصدى لهذا المشروع "المخردق" وهو كان قد وجّه رسالة واضحة بهذا الشأن مفادها أنه ‏‏"إذا بدكن تلعبوا مع المودعين" فمشروعكم لن يمر‎.‎
‎ أما على ضفة السراي الحكومي، فلفتت مصادر رئيس الحكومة إلى أنّ جلسة اليوم ‏‏"ستستكمل البحث في مشروع الكابيتال كونترول بعدما وضع كل الوزراء ملاحظاتهم عليه"، ‏وقالت لـ"نداء الوطن": لا شيء محسوماً بعد، إما يقرّ الوزراء المشروع أو لا يقرونه، وإذا مر ‏المشروع في مجلس الوزراء فقد لا يمر في مجلس النواب"..‎ ‎
ورداً على سؤال عن موقف رئيس المجلس النيابي وما إذا كان مقدمة لنسف المشروع، ‏تكتفي مصادر رئيس الحكومة بالإجابة: "ليس بالضروري، فهناك قرارات كثيرة مرّت دون ‏موافقة الوزراء الشيعة"، داعيةً إلى انتطار جلسة مجلس الوزراء التي ستعقد الخميس في ‏بعبدا لاتخاذ القرار المناسب بشأن المشروع بعد استكمال درسه اليوم‎.‎
‎وما حاذرت مصادر السراي قوله بصريح العبارة، ذهبت إليه مصادر وزارية عبر وضعها ‏موقف بري في الخانة "الشعبوية"، قائلةً: "الهدف الأساس من هذا الموقف هو إرضاء ‏جمهوره في ظل موقف "حزب الله" المتردد حيال مشروع الكابيتال كونترول‎".

نداء الوطن - 24-3-2020

إرسال تعليق

 
Top