0
إذا لم تخرج مسودة البيان الوزاري عن سياق ما جرى تعميمه مساءً تحت ما سمّي بـ"النسخة الرابعة المقتضبة" ‏فالأرجح أنها ستكون أقرب إلى نسخة استنساخ من "عدّة الماضي" في الصياغات الإنشائية الفضفاضة والوعود ‏الإصلاحية البرّاقة مع إدخال تدابير طارئة لا ترقى إلى مستوى التحديات المالية والاقتصادية الخطيرة التي تواجه ‏البلد ومواطنيه. ففي الشكل، محاولة إنشائية إيحائية تحاكي مطالب الناس أما في المضمون فلا شيء أكثر من ‏‏"صف حكي" من 17 صفحة لا يحتوي في أي من جوانبه على أجوبة شافية ووافية لأسئلة الناس المُعدمة التي لم ‏تعد تملك ترف انتظار الحكومة لا 300 يوم ولا مئة يوم ولا حتى الى يوم واحد بلا خطوات عملية ملموسة، ليبقى ‏المطلوب واحداً وهو الإجابة عن سؤال محوري لم تتضح معالمه في التدابير الفولكلورية التي نص عليها بيان ‏دياب: من أين سيأتي المال والتمويل لإعادة تعويم المالية العامة والاقتصاد الوطني؟
‎ نعم الإصلاحات مطلوبة، لكنها كانت مطلوبة منذ ما قبل اندلاع الأزمة، أما اليوم فهي بمثابة "ألف باء" العمل ‏الحكومي المرتقب ولا فضل للسلطة في التباهي بعزمها على وضع خطة إصلاحية في مختلف قطاعات وإدارات ‏الدولة التي أنهكها الفساد والهدر. الأهم أنّ بيان حكومة حسان دياب لم يقل للبنانيين مثلاً من أين سيأتي بالسيولة ‏لإعادة الثقة بانتظام المالية العامة، بعيداً عن خلطة "سيدر" و"ماكينزي" التي لجأ إليها البيان من دون الإتيان على ‏ذكر السبل الآيلة إلى ضخ الكمية اللازمة من الأموال في شرايين الخزينة بعدما ضربها "النشاف" حتى باتت ‏بحاجة إلى ما لا يقل عن 10 مليارات دولار لتنشيط الدورة الاقتصادية في عروق البلد وقطاعاته المشلولة‎.‎
‎ على كل حال، ومنعاً لاستباق الأحداث والمهل الزمنية التي ألزمت الحكومة إجراءاتها بها، تؤكد مصادر مواكبة ‏لعملية إعداد البيان الوزاري لـ"نداء الوطن" أنّ هذه الحكومة "لا تملك عصاً سحرية" إنما ستعمل أقصى ما ‏بوسعها لحل الأزمة الراهنة"، مشيرةً إلى أنّ مسودة البيان التي تم توزيعها أمس "ليست نهائية إنما هي قابلة خلال ‏اجتماع اليوم لإدخال بعض التعديلات والإضافات عليها بحيث ستكون هناك "قراءة أخيرة وشاملة" على طاولة ‏لجنة الصياغة "ليقوم بعدها رئيس الحكومة بزيارة قصر بعبدا لوضع رئيس الجمهورية ميشال عون في أجواء ‏البيان وتفاصيله، تمهيداً لتحديد موعد جلسة انعقاد مجلس الوزراء في بعبدا منتصف الأسبوع لإقرار مسودة ‏البيان".. ‎ ‎
إلى ذلك، كشفت مصادر حكومية لـ"نداء الوطن" أنّ اجتماعاً سيعقد اليوم في السراي الحكومي بحضور حاكم ‏مصرف لبنان رياض سلامة "لمناقشة الورقة التي كان قد تقدّم بها لرئيس الحكومة ولوزير المال غازي وزني ‏حول التدابير المصرفية والتي من المرجح أن يصار إلى ضمّها إلى البيان الوزاري بعد أن يتولى سلامة شرح ‏بنودها وأهميتها خلال اجتماع السراي".. ‎ ‎
أما في موضوع مستحقات لبنان المالية والتي سيستحق موعد سداد سنداتها الشهر المقبل، فقد أفادت مصادر مطلعة ‏على هذا الملف "نداء الوطن" أنّ مصير هذه السندات سيُحسم "خلال الساعات المقبلة عبر اجتماع سيعقد بين ‏دياب ووزني وسلامة لبلورة قرار لبنان النهائي بهذا الصدد"، كاشفةً عن وجود رأيين حيال هذه المسألة "الأول ‏يقول بضرورة دفع لبنان للمستحقات المتوجية عليه لئلا يتراجع على مستوى التصنيفات الدولية، وبين رأي آخر ‏يدفع باتجاه عدم الدفع في الموعد المحدد والتفاوض مع المعنيين حول سبل تأجيل الدفع لأنّ أولويات المواطنين في ‏لبنان أهم في هذه المرحلة خصوصاً في ما يتعلق بدعم تمويل الاحتياجات الأولية كالقمح والفيول وغيرها، بينما ‏سداد المستحقات للخارج اليوم سيستنزف الخزينة العامة"، في وقت يتحدث البعض عن إمكانية "التفاوض مع ‏الدائنين بغية تأخير موعد السداد لمدة 3 سنوات مقابل زيادة الفوائد"..

نداء الوطن - 3-2-2020

إرسال تعليق

 
Top