0
لا حياة لمن تنادي، سقطت حكومة حسان دياب في امتحان الاستقلالية وقُضي الأمر.. هي ‏أثبتت بالوباء المشهود أنها أعجز من اتخاذ قرار سيادي بوقف الرحلات الآتية من البلدان ‏الموبوءة، لحسابات متصلة بالهلع من إغضاب "حزب الله" ولو كانت الضريبة تشريع أنفاس ‏اللبنانيين، كل اللبنانيين، أمام خطر تنشّق الفيروس الإيراني على قاعدة "كورونا الحبيب ‏زبيب" فالخلاصة الهزيلة التي خلص إليها اجتماع مجلس الوزراء أمس والميوعة التي غلفت ‏قراراته لم ترقَ حتى إلى مستوى القرارات البلدية، في محاكاة فيروس يتجه لبلورة نفسه كوباء ‏عالمي، بعدما عمدت الصين إلى نشره على مستوى القارات، وتولت إيران تصديره على ‏مستوى المنطقة‎.
‎ عذراً دولة الرئيس، "إستئسادك" على طاولة مجلس الوزراء ونبرتك الاستعلائية التأنيبية ضد ‏‏"أوركسترا" مجهولة، لم ينجحا في التمويه عن سياسة النعاج في دفن الرؤوس أمام "مايسترو" ‏معلوم، يتأكد العرب والغرب يوماً بعد آخر أنه ضابط الإيقاع الحكومي في لبنان.. وها هو ‏الإعلام العربي والغربي بات يتحدث علناً عن إمكانية وقف الرحلات التجارية من وإلى لبنان، ‏لأنّ عدم إيقافه الملاحة الجوية مع إيران أسوةً بدول المنطقة يجعله عرضةً لاستيراد الكورونا ‏وقابلاً لإعادة تصديره إلى الخارج‎.
‎ وكي تتكرس صورة الحكومة بوصفها تهتدي بهدي "حزب الله" ومشيئته، خرج نائب الأمين ‏العام لـ"الحزب" الشيخ نعيم قاسم أمس بفتوى تحريم امتثالها لبرامج صندوق النقد الدولي ‏وفرملة الاندفاعة الحكومية عند حدود "المشورة التقنية" لا أكثر ولا أقل، على اعتبار أنّ ‏‏"حزب الله" لن يقبل الخضوع "لأدوات استكبارية" في علاج الأزمة الاقتصادية والنقدية. ‏
وللمفارقة أنه بينما كان "حزب الله" يرسم خطوطه الحمراء أمام الحكومة في كيفية مقاربة ‏مسألتي الكورونا وصندوق النقد، كان رئيسها يسجّل مداخلة وصفتها أوساط معارضة ‏بـ"الدونكيشوتية" على طاولة مجلس الوزراء، موجهاً من خلالها صلية مواقف سياسية في بيان ‏مكتوب تلاه أمام الحكومة، وبدا معه كمن فقد أعصابه على حين غرّة ليتوّجه بعبارات من ‏العيار الثقيل، تحمّل مسؤولية تعثر حكومته إلى من وصفها تارةً بـ"الأوركسترا" وتارةً ‏بـ"الجهات التي تحرّض وتمارس الألاعيب والتزوير والتزييف واختلاق الأكاذيب، والمهم ‏عندها ألا تنكشف عوراتهم والموبقات التي ارتكبوها". 
وإذ لا يُعقل أن يكون المستهدف بكلام ‏دياب أيّاً من مكونات فريق 8 آذار "وليّ نعمة التكليف والتأليف" في هذه الحكومة، فمن ‏البديهي تالياً أن يكون المعني بهذا الهجوم المباغت هو فريق المعارضة لا سيما منه "تيار ‏المستقبل" الذي تصدى بدوره، للمرة الأولى لدياب بالاسم، منبهاً إياه إلى ضرورة النأي بنفسه ‏عن "الحملات المكشوفة الأهداف" في استهداف الحريرية السياسية، وأن "لا يستنسخ العبارات ‏التي درج على استحضارها أزلام زمن الوصاية وورثتهم في العهد الحالي والعهد الذي نُظمت ‏فيه جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري".. 
في الغضون، وإذ اتجهت الأنظار أمس إلى انطلاق رحلة التنقيب عن النفط في المياه اللبنانية ‏مع وصول الباخرة ‎Tungsten Explorer، والتي ستستغرق أعمالها قرابة الشهرين من ‏الحفر والاستكشاف على عمق يتراوح بين 1500 متر ونحو 4000 متر عن سطح البحر في ‏البلوك رقم 4 شمالاً، لا تبدو رحلة اللبنانيين ستكون معبّدة بالنفط والغاز في الأمد المنظور، ‏تحت وطأة منظومة التراشق المتزايد بين مكونات اللون الحكومي الواحد، والذي طغى عليه ‏أمس استخدام أدوات "الحفر الطائفي" بين جبهتي "التيار الوطني الحر" و"حركة أمل"، حسبما ‏حصل بين النائبين علي بزيّ وزياد أسود، بحيث توجه الأول للثاني قائلاً: "مع وصول الحفارة ‏لبدء عمليات الحفر... تحفر حقداً وكراهية ولا يستخرج منك الا النواقص والعوادم والتفاهات"، ‏الأمر الذي سرعان ما رد عليه أسود بالتصويب على رئيس مجلس النواب نبيه بري، متهماً ‏إياه بأنه "ألحق الأذى بلبنان من 30 سنة وحوّل مجتمعاً بكامله من فئة قطيع الغنم الواقف على ‏بابه‎".
‎ وفي حين تستعر الجبهات الداخلية بين أكثر من طرف وفريق على مختلف الجبهات، تشي ‏المعلومات الديبلوماسية المتوافرة لـ"نداء الوطن" بأنّ لائحة عقوبات أميركية جديدة تستهدف ‏‏"حزب الله"، هي قيد الصدور عن وزارة الخزانة الأميركية قريباً، كاشفةً عن معطيات موثوق ‏بها في واشنطن تتحدث عن أنّ من بين الأسماء المستهدفة بهذه اللائحة الجديدة، رشح اسم ‏‏"وزير سيادي سابق من حلفاء الحزب"، وسيشكل إدراج اسمه ارتقاءً في مستوى الملاحقين ‏بموجب العقوبات الأميركية على المتعاملين والمقرّبين من "حزب الله"، بعدما كانت في ‏السابق تقتصر على أسماء غير وازنة في اللعبة السياسية اللبنانية‎.

نداء الوطن - 26-2-2020

إرسال تعليق

 
Top