0
إذا كانت حكومة حسان دياب تريد أن تثبت للداخل والخارج أنها حكومة اختصاصيين مستقلة، ‏ها هي الفرصة أتت... فعلى قاعدة "رُبّ ضارةٍ نافعة"، يجب أن تتعامل هذه الحكومة مع ‏معطى كورونا المستجد ليشكل لها مطهراً من وباء التبعية للمحاور يحرّرها من عقدة نقص ‏المناعة تجاه قوى الممانعة التي صبغتها تكليفاً وتأليفاً. 
حتى الآن لا شيء يوحي بذلك، فارتباك ‏وزير الصحة يبثّ الذعر في النفوس أكثر مما يشكل مبعث ثقة وطمأنينة للمواطنين، وكذلك ‏أداء وزير التربية لا يقلّ ارتباكاً وميوعةً بلغت مستوى "التمني" على الأهالي الذين كانوا على ‏متن الرحلة الإيرانية التي أقلت معها المصابة بالكورونا ألا يرسلوا أبناءهم إلى المدارس‎.
‎ الوقت هو للحسم لا للتمني، احزموا أمركم واتخذوا قرارات جريئة، اقتدوا بالعراق والكويت ‏وتركيا وأرمينيا وباكستان وأفغانستان وتركمانستان. الإيرانيون أنفسهم عزلوا مناطقهم ‏الموبوءة ومنعوا الانتقال منها وإليها، فلا تكونوا إيرانيين أكثر من الإيرانيين وأوقفوا الرحلات ‏الموبوءة الآتية من إيران‎.
‎ فالسلطات الإيرانية تكاد تفقد سيطرتها على انتشار الوباء وتقف عاجزة عن حصر خريطة ‏تفشيه، وها هي "منظّمة الصحّة العالميّة" تبدي قلقها إزاء السرعة التي انتشر فيها الكورونا ‏في إيران بعدما باتت الأراضي الإيرانية تشكل نقطة تصدير للوباء إلى بلدان أخرى، بما في ‏ذلك لبنان. 
تحرّروا من "عقدة النقص" وأثبتوا أنكم أسياد أنفسكم... الأرجح أنكم لن تفعلوا ‏وستواصل الطائرات الإيرانية طريقها إلى الأجواء اللبنانية وستحط رحالها في بيروت كما ‏سيحصل اليوم، ولن تجرؤوا على اتخاذ قرار سيّد حُر مستقل حتى ولو ضرب الوباء دياركم‎!‎
‎ وكما في ملف الكورونا، كذلك في المصيبة المالية والاقتصادية والنقدية "ضياع حكومي ‏وتخبط في القرارات وتباينات في الأساسيات" حسبما نقلت مصادر مطلعة على الخلاصة ‏الأولية التي خرج بها وفد الصندوق الدولي إثر جولته الرسمية في لبنان، وأوضحت المصادر ‏لـ"نداء الوطن" أنّ الوفد "محبط لأنه لم يلمس أي خطة عمل حقيقية حتى الساعة" من قبل ‏السلطات اللبنانية إنما كان هناك أداء أقرب إلى "الرغبة في التلطي خلف صندوق النقد لتمرير ‏قرارات معلّبة سلفاً لا تحاكي عمق الأزمة وجوهرها والإجراءات الإصلاحية الواجب ‏اعتمادها للخروج من المأزق اللبناني"، في حين أكدت أوساط اقتصادية لـ"نداء الوطن" أنّ ‏أزمة المصارف اللبنانية تزيد من تعقيدات الأزمة في إطارها المالي والنقدي العام، مشيرةً في ‏هذا المجال إلى أنّ "عملية إعادة رسملة المصارف وحدها باتت تحتاج إلى 20 مليار دولار ‏على أن يكون ذلك مقروناً بتحقيق شرطين أساسيين هما شرط الدمج وشرط اعتماد إصلاحات ‏جذرية جدّية في البلاد" هذا عدا عن الأخذ بحقيقة أنّ "ألف باء" توصيات صندوق النقد للحل ‏تبدأ ولا تنتهي عند مسألة وجوب تحرير سعر صرف الليرة اللبنانية‎.
‎ أما في مستجدات المواقف العربية والغربية إزاء الأزمة اللبنانية، وفي حين تلقف رعاة ‏الحكومة الحالية موقف كل من وزيري المالية الفرنسي والسعودي على هامش انعقاد الاجتماع ‏المالي لمجموعة العشرين في الرياض أمس لبناء الآمال على تأكيد الموقفين الجهوزية لدعم ‏لبنان، سرعان ما عادت هذه الآمال لتضمحلّ تحت تأثير تصريح وزير الخزانة الأميركية ‏ستيفن مونشن لقناة‎ "CNBCI" ‎سيّما وأنه ربط الشقين السياسي والاقتصادي في سلة واحدة ‏إزاء مقاربته لوصفة الحلول الدولية للأزمة اللبنانية، مشدداً على أنه وخلال استضافته اجتماعاً ‏لمجموعة‎ "G7" ‎التي تترأس بلاده دورتها لهذا العام، تمت مناقشة الملف اللبناني مع صندوق ‏النقد الدولي ليخلص إلى التأكيد على ضرورة تلازم "الاستقرار السياسي والاستقرار ‏الاقتصادي في لبنان"، مضيفاً: "يجب أن يكون للبنان برنامج اقتصادي يعمل على تطبيقه ‏صندوق النقد لدعم الاقتصاد اللبناني، هذا إذا كان السياسيون اللبنانيون عازمين على اتخاذ ‏القرارات الاقتصادية الصعبة للتقدم لمصلحة الشعب اللبناني"، مع إشارته في الوقت عينه إلى ‏أنّ الرسالة الأميركية للبنان هي نفسها الرسالة الأميركية للشعب الإيراني لكي يكون لدى كلا ‏الشعبين "مستقبل اقتصادي مشرق‎".

نداء الوطن - 24-2-2020

إرسال تعليق

 
Top