0
قال الرئيس ميشال سليمان في حديث الى مجلة “النجوى – المسيرة” إن “الاستراتيجية الدفاعية للبنان غير مطروحة حاليا لاعتبارها من البعض موضوعا خلافيا، وان الظروف اليوم غير مؤاتية لطرحها. وأنا أشعر بأن لا جدية في الطرح. 
التغير الاستراتيجي الذي يحكى أنه حاصل في المنطقة والخلافات التي يحكى عنها باعتبار أنها لا تساعد على طرح ومناقشة الاستراتيجية الدفاعية، هو في الواقع يوجب بحثها ومناقشتها بقلب مفتوح وفكر مستنير، لأنه لا يمكن أن تقوم دولة وتستمر إذا شهدت حالة مسلحة خارج سلطتها لفترة سنة أو سنتين، فكيف إذا كانت الدولة غائبة لفترة عشرين عاما. فالدولة حاليا لا تمون على الناس كما يمون على معظمهم حزب الله. ولو كان ذلك لخير الصالح العام يكون جيدا، ولكن في الحقيقة هو ليس كذلك”.
أضاف: “الرئيس عون كرر دائما أن من أول مشاريعه بحث الاستراتيجية الدفاعية، ولا أعلم لماذا تراجع عنها. هو قال إن المعطيات الاستراتيجية تغيرت من حولنا. ولكن في رأيي ان هذا التغير يلزمنا البحث سريعا في استراتيجية دفاعية لتجنيب لبنان تداعيات تلك المتغيرات. نحن في هيئة الحوار اتفقنا على تحييد لبنان عن صراعات المنطقة معتبرين أن هذا يشكل مدخلا مناسبا لإقرار استراتيجية دفاعية، ثم الذهاب إلى أمور أخرى مثل إلغاء الطائفية السياسية وما إلى ذلك. لكن في ما بعد تبين أن هناك رفضا لإعلان بعبدا من فريق الثامن من آذار، ولا سيما حزب الله الذي جاهر بالرفض، في حين أن بقية القوى الحليفة له أيدته من دون أن تعلن موقفها جهارا”.
واعتبر سليمان أن “فريق الثامن من آذار ليس فقط لم يلتزم اتفاق بعبدا، بل أكثر من ذلك، ذهب إلى إقحام لبنان في الصراعات الإقليمية. حتى النأي بالنفس الذي التزمته الحكومة يقول السيد حسن نصرالله في أحد خطاباته من فترة، إنه يخص الحكومة ولا يخص الشعب. وكأن هذه الدولة ليست لهذا الشعب، أو الثلاثية المعروفة ليست قائمة. ويقول إن قرارات الحكومة لا تلزمنا، وهذا يعني أن كل حزب مسلح أو غير مسلح يمكن أن ينتمي إلى محور ما ويجاهر بانتمائه إليه ويحصل على دعمه. وهذا لا ينقصه الإمكان والقدرة بل القرار، لأنهم إذا قرروا يتوافر الإمكان. ولكن معظم اللبنانيين قرروا الابتعاد عن الحروب طالبين العيش بسلام، باستثناء انخراط حزب الله المعلن، وخير ما فيه أنه معلن. طبعا أنا ضد هذا الانتماء، لكن هم يجاهرون به ويطلبون عدم الاعتراض عليه. باختصار، الطائف أرسى معادلة مهمة، وهي أنه أوقف اقتتال الآخرين على الساحة اللبنانية. وقد سعينا من خلال إعلان بعبدا إلى وقف قتال اللبنانيين على الساحات الخارجية، ساحات المحاور. ولكن حتى لو لم يطبق إعلان بعبدا فإن الإرادة السياسية عند اللبنانيين حالت دون قتال بعضهم على الساحات الخارجية”.
وتابع: “بالنسبة إلي، تحييد لبنان شكل مقدمة للانطلاق بالاستراتيجية الدفاعية. وإن ما أوجد حاجة لدى الجميع لإعلان بعبدا هو مشاركة بعض اللبنانيين في بداية الأحداث في سوريا إلى جانب المعارضة السورية. وبدأت محاولات استيراد أسلحة، وذلك قبل أن تتحول المعارضة إلى منظمات إرهابية. لذلك كانت هناك حاجة إلى منع هذا القتال في سوريا. وهذه الحاجة لم تكن لدي فقط بل لدى حزب الله أيضا، قبل أن يضطر إلى التوجه هو إلى سوريا، بداية لحماية عدد من القرى الشيعية المتاخمة للحدود مع لبنان، والحد الأقصى حماية مقام السيدة زينب… ليتطور الأمر في ما بعد إلى ما وصل إليه، وعندها انسحب حزب الله من إعلان بعبدا كونه لم يعد حاجة بالنسبة إليه كما كان في البداية.
وأنا سعيت من خلال الجهود التي قمت بها إلى أن ترسي الاستراتيجية الدفاعية سلطة الدولة وسيادتها وليس تقاسم السلطة والسيادة مع أي جهة أخرى. وشكلت فريق عمل سياسيا وعسكريا من مستشاري، عمل على وضع تصور للاستراتيجية الدفاعية، كان في حاجة إلى النقاش بتفاصيله. وقد أكد التصور على أن قرار الحرب والسلم هو بيد الدولة اللبنانية، والقرار العسكري هو للجيش اللبناني على أن توضع المقومات الوطنية المتوفرة من عديد وسلاح بإمرة الجيش اللبناني عند الحاجة. وهناك من قال إذا عجز الجيش وكذا… ولكن أنا أقول أن الجيش ليس عاجزا وهو يستعين بالقوى المتوفرة عندما تدعو الحاجة. وعندما نقول قدرات الجيش والدولة لا نعني القدرة العسكرية فقط بل القدرات السياسية والديبلوماسية وما إلى ذلك من إمكانيات. وبما أن المقاومة موجودة ولديها سلاح نوعي، وبما أن لدينا مع إسرائيل هذه الإشكالات، يجوز الاستعانة بقدرات المقاومة لفترة انتقالية تكون فيها تحت أمرة الجيش عندما يحتاج الجيش إلى ذلك. طبعا هذه الورقة كانت في حاجة إلى مناقشة مستفيضة لم تحصل”.
وسأل: “هل قرار حزب الله هو بيده أم بيد الجهة التي ترعاه؟ إن حزب الله كان يميل إلى عدم التدخل في سوريا لكن عندما طلبت منه إيران ذلك انخرط في تلك الحرب. وأصلا هو لا ينكر ذلك. ولكن في ظل هذه الوقائع، نحن كدولة هل نستسلم؟ طبعا لا، علينا أن نحاول ونكرر المحاولة إلى أن ننجح. لذلك أدعو رئيس الجمهورية إلى المحاولة والدعوة إلى حوار وهو حتما منتج أقله لناحية إشاعة جو من التلاقي وبعث رسائل إيجابية إلى الخارج، ما يرفع الثقة ويشجع الاستثمارات، واستطرادا يدفع النمو صعودا، وغيرها من الإيجابيات”.
وختم: “اللافت أن هناك من يعتبر أن المواضيع الخلافية لا نحيلها على مجلس الوزراء لتجنب إرباكه من الداخل. ولكن إذا لم يكن مجلس الوزراء قادرا على بحث المواضيع الخلافية فماذا يبحث؟ وهل يقتصر دوره على بحث المسائل الاقتصادية فقط؟”.

المسيرة - الاحد 29 ايلول 2019

إرسال تعليق

 
Top