0
يمكن القول إن الموقف اللبناني الرسمي والسياسي من "صفقة القرن" الذي تميز باجماع نادر على رفضها عشية ‏مؤتمر البحرين الذي يقاطعه لبنان شكل تطوراً فريداً ووحيداً دون باقي الاستحقاقات الداخلية والخارجية التي يواجهها ‏لبنان. وهو اجماع ترجمه خصوصا صدور بيان مشترك عن مجموعتي العمل اللبنانية والفلسطينية حول قضايا اللجوء ‏الفلسطيني في لبنان اثر اجتماع مشترك لهما أمس في السرايا برئاسة رئيس لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني حسن ‏منيمنة واعلنتا فيه رفض "صفقة القرن" واعتبرتا "كل ما يترتب عنها لاغياً وباطلاً بما فيها ورشة العمل المقبلة في ‏البحرين". واتخذ هذا الاعلان دلالات بارزة في ظل مشاركة واسعة لممثلي الاحزاب اللبنانية من كل الاتجاهات في ‏الاجتماع كما ممثلي مختلف الفصائل الفلسطينية‎.‎
‎ أما على صعيد الاستحقاقات الداخلية، فان بداية الاسبوع اتسمت بالاستعدادات للجلسة التشريعية لمجلس النواب غداً ‏والتي "سينتخب" خلالها الاعضاء الخمسة من حصة المجلس للمجلس الدستوري ايذانا بفتح ملف التعيينات على ‏الغارب، علماً ان الحكومة ستعين الاعضاء الخمسة الاخرين في جلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل. كما ان ‏الاستعدادات للجلسة التشريعية لم تحجب تطورات ملف الموازنة الذي كان لافتاً أمس الموقف الذي اعلنه وزير المال ‏علي حسن خليل من ضرورة استعجال اقرارها قبل صدور التقرير الجديد لصندوق النقد الدولي. واجتمع وزير المال ‏مع بعثة من صندوق النقد الدولي برئاسة كريس جارفيس وجرى عرض للوضع الاقتصادي والمالي في لبنان ‏والتطورات الأخيرة التي طرأت على الموازنة والإصلاحات التي تتضمنها. وأفادت وزارة المال ان جارفيس تمنى أن ‏يقرّ مجلس النواب الموازنة في أقرب وقت والتي جرى العمل فيها لخفض العجز إلى 7.6%، مما سيساعد على تحرير ‏الأموال التي يحتاج اليها لبنان من مؤتمر "سيدر".‎‎
وقد ذكر الوزير خليل أنه "من المفترض إنجاز تقرير صندوق النقد الدولي حول وضع لبنان النقدي والمالي قبل ‏منتصف تموز وهو محطة أساسية تؤثر كثيراً على تقدير الوضع واستقراره وتصنيف لبنان، خصوصاً أن جميع ‏المؤسسات الدولية رحبت بإجراءات موازنة 2019 ". وافادت معلومات ان الوفد ابدى اسفه للخلافات السياسية ‏الداخلية التي تنعكس سلباً على الوضع الاقتصادي وأبدى اهتماماً بارزاً بتنفيذ خطة الكهرباء كما بالتزام الحكومة نسبة ‏العجز لهذه السنة وخفضه للسنة المقبلة‎.‎
‎تقرير وارقام
في غضون ذلك وبعد تأخير خمسة أشهر على اعلان الارقام التي أقفلت عليها المالية العامة في 2018، اصدرت ‏وزارة المال تقريرها أمس الذي بيّن ارتفاعاً في حجم الانفاق بنسبة 16,21 في المئة ليبلغ 24,664 الف مليار ليرة ‏مقابل 21,223 الف ملياراً في 2017. وبرزت الزيادة في الانفاق في مؤسسة كهرباء لبنان في شكل اساسي (32,6 ‏في المئة) ونفقات على حساب موازنات سابقة (23,5 في المئة)، فيما زادت النفقات العامة بنسبة 8,20 في المئة‎.‎
واسترعى الانتباه استمرار التراجع في الواردات في الشهر الاخير من السنة اذ بلغ مجموع الايرادات في 2018 ما ‏مجموعه 16،189 الف مليار ليرة مقابل 16,247 الف ملياراً في 2017 ما يرفع العجز الى 8475 الف مليار ليرة أو ‏ما يعادل 5,6 مليارات دولار. كما استرعى الانتباه تراجع واردات الاتصالات في كانون الاول الماضي الى 225،7 ‏مليار ليرة مقابل 859,8 مليار ليرة في كانون الاول 2017. وبرز بوضوح حرص الحكومة على خفض الانفاق في ‏كانون الاول الماضي الى 1,712 مليار ليرة مقابل 2,370 مليار ليرة في كانون الاول 2017 وذلك من أجل خفض ‏نسبة العجز التي كانت تجاوزت في الاشهر الاولى من السنة ستة مليارات دولار.‎ ‎
‎"‎الصفقة‎"‎
‎ أما في ملف التعيينات وعشية انعقاد الجلسة التشريعية غداً، فتعقد اليوم هيئة مكتب المجلس اجتماعا علم انه ستوضع ‏خلاله خمسة اسماء من المرشحين الـ59 للمجلس الدستوري. وتحمل الورقة التي ستتفق عليها الهيئة خمسة اسماء وفق ‏التوزيع الطائفي الآتي: ماروني وشيعي وسني وارثوذكسي ودرزي على ان تعين الحكومة لاحقا الاعضاء الخمسة ‏الآخرين بينهم العضو الكاثوليكي. ومن حق النواب ان ينتخبوا من يريدون ولكن يبدو واضحاً من خلال التحركات ‏والمعطيات المتوافرة عن طبيعة الاسماء المطروحة ان صفقة المحاصصة باتت شبه ناجزة في تعيينات المجلس ‏الدستوري، فيما ليس هناك أي ضمان لاعتماد آلية التعيينات التي اتبعت سابقاً في التعيينات المقبلة وسط خلافات على ‏اعتمادها‎.‎‎
وكان انتخاب اعضاء الدستوري من أبرز الامور التي عرضها رئيس مجلس النواب نبيه بري مع وزير شؤون رئاسة ‏الجمهورية سليم جريصاتي أمس والذي صرح بأنه "كان لا بد من التشاور مع الرئيس بري كالعادة في المحطات ‏الوطنية الكبيرة، وهي محطة اليوم أن نبدأ بمعالجة ملف التعيينات وخصوصاً في المجلس الدستوري، ومن ثم بالتأكيد ‏نواب حاكم مصرف لبنان، القضاء، الإدارات العامة والمؤسسات العامة، ودولته قوي بين أقوياء وشريك أساس في ‏السلطة وفي دولة القانون والمؤسسات. كان الرأي متفقاً على أن نظرية المحاصصة نظرية ساقطة بالمفهوم والمبدأ، ‏وليس لسبب إلاّ لأن كل الأطراف ممثلون في مجلس النواب، وبالتالي نظرية المحاصصة "بدّن يسمحولنا فيها". ‏النقطة الثانية أين المحاصصة في الإختصاصات الرفيعة؟ كيف نحاصص بنواب الحاكم؟ ثم القضاء في ذاته خارج عن ‏اي آلية، في القضاء يجري إختيار الأفضل للمواقع الحساسة في الدولة. من هذا المنطلق إتفقنا على أن تجري الأمور ‏وفقاً لمعايير الجدارة والإختصاص والكفاءة، انه هكذا سوف يكون. وإن توقفنا عند بعض الأسماء، فأستطيع ان اؤكد ‏ان دولة الرئيس بري يلتزم التزاماً وثيقاً الجدارة والكفاءة وان غداً لناظره قريب‎".

النهار - 25 حزيران 2019

إرسال تعليق

 
Top