0
التلوّث في لبنان لا يقتصر على البيئة الملوثة براً وبحراً وجواً، بل يضرب عميقاً في السياسة اليومية حيث يستعر ‏الجدل أمام كل استحقاق دونما اعتبار لانعكاسات الجدالات العقيمة التي تؤثر سلباً في الاقتصاد كما في الحالة النفسية ‏للبنانيين، وللوافدين، خصوصاً السياح العرب الذين تؤكد الحجوزات المتوافرة حتى اليوم، اعتكافهم عن قضاء الصيف ‏في لبنان، نتيجة عدد من المواقف المسيئة الى الدول العربية من شخصيات رسمية وحزبية‎.‎
‎ وآخر الاستحقاقات المثيرة للتصعيد يكمن ربما في ملف التعيينات الذي وضع على نار ساخنة، من غير أن يكون ‏عبوره الى طاولة مجلس الوزراء سالماً وآمناً. ولم تثبت مفاعيل الهدنة التي انطلقت أوائل الأسبوع الماضي في محاولة ‏لتفكيك العقد أمام مجلس الوزراء الذي يعقد جلسة غداً (ثمة لقاء متوقع للرئيس سعد الحريري والوزير جبران باسيل ‏قبل مجلس الوزراء) أو أمام لجنة المال والموازنة التي تعاو جلساتها اليوم لدرس مشروع موازنة 2019 المتأخر أكثر ‏من عشرة أشهر عن موعده المفترض. لقد أثار الوزير باسيل سلسلة من الردود والردود المقابلة، في غير ملف، ‏خصوصاً في ملف النازحين السوريين الذي أطلق فيه موقفاً جريئاً سأل فيه: "كيف تتقاضى سوريا بدل استئجارنا ‏الكهرباء ونازحوها لا يدفعون رسوم الكهرباء في لبنان؟"، وهو موقف متقدم اذا استتبع بخطوات لاحقة فلا يقتصر ‏على الكلام. لكن باسيل رد على زميلته وزيرة الداخلية ريا الحسن عندما حض الأجهزة الأمنية على مواكبة البلديات ‏في ازالتها مخيمات للنازحين، من دون الرجوع الى الوزارة المعنية، الأمر الذي حمل الحسن على الرد عليه‎.‎
‎ وشددت وزيرة الداخلية في بيان لمكتبها الإعلامي، على أن "مجلس الوزراء هو المكان المناسب والمرجع الصالح ‏لمعالجة أزمة النزوح السوري ووضع استراتيجية متكاملة، تأخذ في الاعتبار القرارات التي سبق للمجلس الأعلى للدفاع ‏ان اتخذها، والخطوات اللازمة لوضعها موضع التنفيذ ولا سيما لجهة تحديد دور البلديات في معالجة هذه الأزمة". ‎ 
ولفت البيان إلى "أنه لا يجوز تناول هذا الموضوع بخلفية فئوية وشعبوية ولأغراض حزبية وشخصية، لأن معالجة ‏هذا الموضوع يجب أن تتم ضمن إطار المؤسسات الدستورية المختصة ولا سيما وزارة الداخلية والبلديات، وهي ‏الوزارة المعنية بانتظام عمل البلديات والحفاظ على النظام العام ضمن نطاق كل منها". ‎ 
من جهة أخرى، علمت "النهار" من مصادر مواكبة لزيارة الوفد الروسي للبنان غداً أنّ موضوع النازحين هو طبق ‏أساسي خلال الجولة التي سيقوم بها الوفد على الرؤساء الثلاثة وربما قيادات سياسية أخرى والمعنيين بملف النازحين. ‏وتفيد المعطيات الراهنة أن الزيارة تأتي بعد برودة روسية تجاه تحريك ملف النازحين السوريين إذ يعترف البعض في ‏الكرملين بأنّ هناك عوائق وصعوبات جمة، خصوصاً أنّ العملية السياسية تأخرت كثيراً‎.‎
‎ وبالعودة الى الجدالات التي كان محورها الوزير باسيل، فقد رد النائب نقولا صحناوي على النائب عماد واكيم في ‏تغريدة عبر "تويتر" جاء فيها: "عزيزي عماد، إنّ استراتيحيّة الـCharacter Assassination ‎  أصبحت مكشوفة، ‏فتّشوا عن غيرها… بدل بذل الجهد للتهجّم على جبران باسيل الذي يعمل ليل نهار على اعلاء شأن لبنان، وفّر طاقتك ‏وحثّ وزراء حزبك على العمل والإنجاز ضمن وزاراتهم بدل التلهّي بالتنظير‎".
وكان النائب واكيم قد نشر صباحاً تغريدة على حسابه عبر "تويتر"، قال فيها ان "وزير الخارجية جبران باسيل أصبح ‏للأسف فتنة متنقلة… إذا زار فتن اذا صرح فتن اذا غرد فتن، ما هذه الهواية الهجينة؟… لبنان بحاجة الى الاستقرار، ‏اللبنانيون بحاجة لبعض الامل، كفى عبثاً بلبنان من اجل المصالح الضيقة كفى شعبوية". ‎ ‎
وفي إطار شبه متصل، صرح النائب سامي الجميل من المختارة حيث التقى النائب تيمور جنبلاط، بأن "المشكلة ليست ‏جبران باسيل، بل من يقف وراءه والذي يقرّر مستقبل البلد وأعتقد أننا نفتعل قضية كبرى بوضع كل العملية على ‏ظهر جبران باسيل فالمشكلة في التسوية السياسية التي حصلت. كنا وما زلنا نعتبر أن التسوية هدفها تغطية وضع اليد ‏على البلد ومبنية على المحاصصة ولن تبني دولة القانون وبعد ثلاث سنوات من عمر هذه التسوية تبين ان الناس ‏تعطينا الحق على ما كنا نقوله‎".
البيئة‎
بيئيّاً، وفي اعتصام ناشطين السبت اعتراضاً على المحارق تحديداً، اتهمت النائبة بولا يعقوبيان قوى السلطة بأنها ‏‏"تشن حرباً على الفرز وقانون الفرز، وتحاول عرقلة كل المؤسسات والشركات التي بدأت تفرز". ولفتت الى "أن ‏الشيطان يكمن في تفاصيل المحرقة، بحيث ان الأساس يكمن في سبل ادارة المحارق والغازات السامة التي تصدر ‏عنها، أضف أنها تحوّل نفاياتنا العادية الى نفايات خطرة‎".
‎ وألقت الدكتورة نجاة عون صليبا من الجامعة الأميركية في بيروت كلمة حذرت فيها من "أن الغازات التي قد تنبعث ‏من المحارق ستسبب تلوثاً خلقياً خطيراً"، معتبرة ان "لا إمكان لأن تضبط القوى المعنية المحارق"، كما نبهت الى ‏‏"الرماد الذي سيجري طمره والذي سيتسرب الى مياهنا الجوفية‎".‎
وتنشر "النهار" كتاباً وجهه محافظ بيروت زياد شبيب الى رئيس المجلس البلدي في بيروت جمال عيتاني يثير فيه ‏عدداً من الأسئلة الشائكة حول مشروع المحرقة التي تروج لها بلدية بيروت، خصوصاً ان لا عقار لها مستوفي ‏الشروط، ولم يتم الى اليوم السير بإقرار دفتر الشروط واجراءات المناقصة. ويرى ان المشروع الحالي لا يشجع على ‏الفرز ويمكن أن يسبب انهياراً مالياً لبلدية بيروت‎.‎
‎ وفي البيئة أيضاً، يصدر المجلس الوطني للبحوث العلمية غداً تقريره عن الشواطئ اللبنانية، وان كان موعده غير ‏مناسب مطلع الصيف مع تدفق اللبنانيين المنتشرين، إلّا أنه ضرورة صحية أيضاً لكل رواد البحر، وللصيادين، اذ انه ‏يسلط الضوء على الأماكن الأكثر تلوثاً‎.‎
‎ وقد فصل عام كامل بين اعلان نتائج السنة الفائتة والسنة الجارية، لم يشهد أي جهد مشهود للحدّ من أسباب التلوث ‏الناتج من المياه الآسنة الموجودة بكثافة على طول الشاطئ، والمكبات العشوائية للنفايات الصلبة، والنشاط الصناعي ‏المتزايد على الشاطئ، وغياب التنظيم المدني لملاءمة التزايد العمراني. الأمر أكده رئيس المجلس الوطني للبحوث ‏العلمية معين حمزة لـ"النهار" متحدثاً عن "نتائج أسوأ من العام الماضي" سيعلنها غداً‎.

النهار - 17 حزيران 2019

إرسال تعليق

 
Top