0
قد تكون الصورة الجامعة لأركان الدولة والعدد الكبير من الوزراء والنواب والشخصيات السياسية بالاضافة الى الجمع الثقافي والاعلامي والاجتماعي الواسع الذي جمعته مناسبة احياء ذكرى المئوية الثانية للمعلم بطرس البستاني مساء امس في "سي سايد ايرينا" الواجهة البحرية شكل تلطيفا ملموسا لأجواء بدأت تتخذ أشكالا حذرة للغاية وربما محتدمة على نحو خطير في المناخ الذي يغلف رحلة إقرار الموازنة. 
اذ انه الى الصورة الجامعة لرؤساء الجمهورية العماد ميشال عون ومجلس النواب نبيه بري ومجلس الوزراء سعد الحريري متقدمين الاحتفال برزت في الكلمة التي القاها نائب رئيس المجلس ايلي الفرزلي المضامين التوحيدية الميثاقية لأدوار الرؤساء الثلاثة التي قوبلت بتصفيق حاز قبل ان يلقي الرئيس عون كلمته التي تميزت ايضا بالتركيز على الابعاد التوحيدية لصاحب الذكرى. كما ان استعادة سير شخصيات كبيرة وقيم فكرية ووطنية عبر تكريمهم أضفى دفئا على مناسبة اخترقت مناخات السياسة والاختناقات والسجالات التي تشهدها البلاد.
وبالعودة الى استحقاق الموازنة فان تداعيات الجلسة الاولى لمجلس الوزراء المخصصة لانجاز درس الموازنة واقرارها طاردت مطالع الجلسة الثانية التي عقدت امس في السرايا على رغم العطلة الرسمية في عيد العمل وسط اصرار على المضي في عقد الجلسات يوميا من دون التزام اي عطل حتى الانتهاء من اقرارها. 
والواقع ان مسألة المزايدات التي انطلقت مع التحركات التي حصلت في الشارع في اليوم الاول تركت ترددات اضافية امس كادت تهدد بتضخم التوتر بين وزراء التيار الوطني الحر تحديدا ووزير المال علي حسن خليل. اذ ان خليل وجد نفسه مضطرا لليوم الثاني الى استباق انعقاد الجلسة بتوضيحات كانت في مجملها بمثابة ردود مباشرة على الوزراء جبران باسيل ومنصور بطيش والياس بو صعب في ملفات الرواتب والتعويضات العسكرية ومشاريع مقررة مسبقا مثل طريق القديسين ومرفأ جونية ومسائل مالية كالعجز وتحصيل الواردات. 
وبدأ هذا المناخ المتوتر يرسم تساؤلات خطرة حول ما اذا كانت هناك نيات او اتجاهات تصعيدية متعمدة من جهات محددة لمواكبة إقرار الموازنة باتجاهات تفرض تبديلات جوهرية فيها خلافا لما كان اتفق عليه بين جميع مكونات الحكومة قبل انطلاق جلسات مجلس الوزراء. 
ولعل ما حتم اثارة هذه النقطة بالذات ان الوزير علي حين خليل ذكر في سياق مؤتمره الصحافي الذي عقده قبل جلسة البارحة ان اي امر ورد في الموازنة لم يجر ادراجه فيها الا بعد التشاور الذي شمل جميع مكونات الحكومة بما ترك ايحاءات وتساؤلات عن الاهداف والأسباب التي حركت وتحرك مواقف طارئة لوزراء التيار الوطني الحر تتعلق بصلب الموازنة بعدما كانوا شاركوا عبر ممثلهم الوزير باسيل وافقوا عليها في اجتماعات اللجنة الوزارية او في الاجتماع المالي الذي عقد في بيت الوسط وكان يفترض ان يليه لقاء اخر لم يحصل بسبب استعجال رئيس الجمهورية انطلاق الجلسات الحكومية. 
ولم تغب عن تداعيات مخاض الموازنة المواقف الدلالات التي اكتسبتها كلمة رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع امس في مناسبة الاول من ايار في الاحتفال الذي أقيم في معراب اذ بدا بدوره كأنه يرد على المزايدات التي تمارسها جهات معينة وتوجه الى كل من يقومون بتحركات في الشارع مؤكدا الوقوف مع مطالبهم لكنه نبه في المقابل الى ان " ما يقومون به يمكن ان يؤدي بنا الى خسارة كل شيء باعتبار ان الاهم اليوم هو إطفاء النار التي من الممكن ان تحرق المنزل كله".
وفي المعلومات عن مناقشات الجلسة الثانية لمجلس الوزراء المخصصة للموازنة التي اعلنها وزير الاعلام جمال الجراح ان المجلس ناقش اهداف الموازنة وهي خفض العجز وتحفيز النمو الاقتصادي وبدأ بصياغة الأفكار المهمة لتحفيز النمو وضبط الإنفاق. وافادت المعلومات ان اجواء الجلسة اتسمت بهدؤ لافت ولم تخرقها اي توترات الامر الذي عكس تحسسا لجسامة الموقف وما بدأ يتهدد البلاد علما ان مجمل المعطيات تشير الى ان الجلسات ستكون متواصلة يوميا بما يرجح الانتهاء من إقرار الموازنة الاحد المقبل ومن ثم إحالتها على مجلس النواب لتبدأ المرحلة الثالثة والنهائية لاقرارها في المجلس قبل نهاية ايار.

النهار - الخميس 2 ايار 2019

إرسال تعليق

 
Top