0
قبل نحو عام من اليوم، اطلق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون موقفا متقدما من ملف الاستراتيجية الدفاعية، ذاهبا إلى حد الوعد بأن يبحث هذا الملف الشائك إلى طاولة حوار وطني بعد الانتخابات النيابية. غير أن العام الأول من ولاية المجلس النيابي الجديد مر من دون أي إشارات جدية إلى انطلاقة فعلية لهذا المسار، تضع حدا لما يسميه الدائرون في الفلك السيادي "السلاح غير الشرعي" و"السيطرة على قرار الدولة اللبنانية"، في وقت يبدو حزب الله، الحليف التاريخي الأول للرئيس عون مصرا على التمسك بترسانته في سياق ما يعتبرها "المواجهة المفترض خوضها مع أعداء لبنان". أمام هذه الصورة، سجل منسوب الكلام عن الاستراتيجية الدفاعية تراجعا لافتا في وقت يطالب المجتمع الدولي لبنان بحصر السلاح في يد الدولة. جرى كل هذا في وقت لا يزال الخلاف مستعرا حول مفهوم النأي بالنفس، ما حدا بالبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي إلى الدعوة إلى "تطبيق إعلان بعبدا"، أمام جمع من المناوئين لهذا التوجه، فيما قذف وزير الدفاع الياس بو صعب الملف إلى غياهب النسيان بربطه بالأطماع الاسرائيلية في لبنان قبل ان يتراجع لاحقا.
أمام هذه الصورة، ذكّر الرئيس ميشال سليمان، عراب "إعلان بعبدا" والمطالب البارز بوضع استراتيجية دفاعية، في حديث لـ"المركزية" أن "الرئيس عون كان وعد بأن تطرح الاستراتيجية الدفاعية بعد الانتخابات"، مشددً على أن "هذا الملف ليس خيارا، بل هو واجب علما أن علينا القيام بما هو أكثر من ذلك، أي إنهاء ظاهرة السلاح طبقا لما تنص عليه القرارات الدولية، لا سيما منها الـ 1701 ، لكن هناك مماطلة وتأجيلا".
ونبه سليمان إلى أن "عدم إقرار استراتيجية دفاعية يعني عدم الاستقرار في لبنان"، متسائلا: "ما دور المقاومة اليوم في لبنان"؟
وفي السياق، أوضح سليمان (العائد حديثا من الصين حيث شارك في حدث تحت عنوان "الطريق والحزام" المستوحى من طريق الحرير) أن "مزارع شبعا وتلال كفرشوبا صارت جبهة يحررها الجيش اللبناني دون سواه"، لافتا إلى أن "إذا كانت لديهم صواريخ أكثر من المؤسسة العسكرية، فليعطوها للجيش ليواجه بها اسرائيل".
وأكد أن "من الضروري أن تعود الدولة لتلعب دورها في هذا المجال"، لافتا في الوقت نفسه، إلى أن في انتظار بلوغ هذا الهدف، من المفيد وضع استراتيجية دفاعية تكون الإمرة فيها للجيش والقرار للدولة".
وفي ما يتعلق بإعلان بعبدا، أشار سليمان إلى أنه يتناول تحييد لبنان- الذي لا يمكن أن يطبق في ظل تدخل أطراف في أزمات خارجية- وأولوية مناقشة الاستراتيجية الدفاعية (وذلك في البند الأخير)، إضافة إلى استكمال تطبيق الطائف وتعزيز المؤسسات وسواها من القضايا الوطنية".
ولفت إلى أن "الرئيس عون كان مشاركا (بصفته رئيسا لتكتل التغيير والاصلاح آنذاك) في إقرار إعلان بعبدا، كما كان حاضرا في الجلسة التي نوقش خلالها ملف الاستراتيجية الدفاعية"، منبها إلى أن "في وقت لاحق بدّل حزب الله موقفه من هذا الاعلان".
وعما إذا كان المعنيون بهذا الملف أفرجوا عن القرار السياسي المطلوب، اعتبر سليمان أن من المفترض أن يبادر رئيس الجمهورية إلى وضع النقاط على الحروف مع حزب الله في هذا المجال، خصوصا أن الدولة تتآكل بسبب وجود دويلة حزب الله التي صارت أقوى منها"، معربا عن اعتقاده بأن الحزب بات اليوم في حاجة إلى الدولة، لكن تصرفاتهم الراهنة لا توحي بأنها تدور في فلك المقاومة".

المركزية 1 ايار 2019

إرسال تعليق

 
Top