0
على ان اللافت للانتباه، وسط هذا الجو السياسي المحموم، كان اقتحام «السجالات التويترية» التي حفلت بها الساحة السياسية، من عمليات التسلم والتسليم في عدد من الوزارات، وإلى حدّ معين داخل اجتماع لجنة صياغة البيان الوزاري للحكومة الجديدة، حيث برز خلاف في وجهات النظر حول موضوع الكهرباء، وتم حذف تحديد المهلة الزمنية بسنة لتأمين التغذية التيار 24 على 24 ساعة، كذلك تمّ حذف تفنيد الأرقام بالنسبة لاموال «سيدر» لكل قطاع، علماً ان هذين الموضوعين كانا في صلب السجالات التي اشتعلت بين رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط والرئيس الحريري، وشارك فيها وزراء الاشتراكي مع «التيار الوطني الحر» خلال عمليات التسلم والتسليم.
وفي تقدير مصادر سياسية لـ«اللواء» انه إذا كانت لجنة صوغ البيان استغرقت في نقاش دام زهاء خمس ساعات، في صياغة رؤية اقتصادية جديدة تحفز على النمو وتخفف العجز، لتأمين الاستقرار المالي، وتجنبت بذلك الدخول في نقاشات خلافية، فإن خوض اللجنة في الشق السياسي اليوم، يعني فتح المجال امام نقاش مستفيض حول معظم النقاط المتصلة بعلاقات لبنان الخارجية وملفي المقاومة والنازحين، إضافة إلى السعي على إبقاء موضوع الحوار من أجل الاستراتيجية الدفاعية.
وإذ توقعت المصادر ان تطاول تنقيحات البيان الوزاري السابقة لحكومة «استعادة الثقة»، فإنها اشارت إلى ان أي تعديل جوهري يطالب به أحد أعضاء اللجنة يعني حكماً الدخول في تباينات، ولذلك فإن الابقاء على النص القديم يجنب النقاشات المطولة للبيان، من دون ان يؤجل البت به.
وعلمت «اللواء» ان لا سقف زمنياً لإنجاز البيان الوزاري الذي بمجرد ان ترفعه اللجنة الوزارية إلى مجلس الوزراء تعقد جلسة للحكومة لإقرار البيان ويحق للمجلس إدخال أي تعديل على البيان.
وبحسب معلومات «اللواء» فإن مشروع البيان الوزاري سيكون على غرار بيان الحكومة السابقة «استعادة الثقة» مع ادخال بعض التعديلات الطفيفة عليه، لا سيما فيما خص المواضيع الاقتصادية والاصلاحات المتعلقة بمؤتمر «سيدر».
وكشفت مصادر المشاركين في الاجتماع لـ«اللواء» ان الرئيس الحريري أوعز الى اعضاء اللجنة بضرورة الاسراع في انجاز المشروع للعمل كـ«توربو»، وأكدت بانه تم انجاز كل البنود المتعلقة بالمواضيع الاقتصادية ولا يزال امام اللجنة سوى بند يتعلق بالحماية الاجتماعية وآخر بالتربية، قبل الانتقال الى اخر صفحتين في المشروع من اصل عشر صفحات والمتضمنتين المواضيع السياسية.
وفي المعلومات أيضاً ان الوزير سليم جريصاتي حاول تضمين مقدمة البيان ما يشبه التحذير من التشويش السياسي على عمل الحكومة، إلا ان طلبه قوبل بالرفض من قبل الوزراء ممثلي الاشتراكي و«امل» و«القوات»، وهو كان أبدى معارضته على مشاركة الوزير كميل أبو سليمان في الاجتماع ممثلاً لـ«القوات اللبنانية» إلى جانب الوزيرة مي شدياق، لكن الرئيس الحريري أجابه بأنه يحق للوزير حضور الاجتماع، مؤكداً انه عانى سابقاً من تأثير التجاذب السياسي على التضامن الوزاري.
سجال «تويتري» وتصعيد
وكان التصعيد الجنبلاطي ضد احادية تأليف الحكومة وما رافق ولادتها، قد استحوذ أمس، على حيز واسع من الحركة السياسية، واقتحم عمليات التسلم والتسليم في عدد من الوزارات، ولا سيما تلك التي كانت من حصة الحزب الاشتراكي، في حين حرص الرئيس الحريري على توجيه انتقادات قاسية لجنبلاط، مستخدماً أسلوب السخرية الذي برع فيه زعيم المختارة، وهو اغتنم مناسبة الاحتفال التكريمي الذي أقامه أمس في السراي الحكومي للأمين العام لمجلس الوزراء فؤاد فليفل والأمين العام لمجلس الأعلى للدفاع اللواء سعد الله حمد وموظفين آخرين لمناسبة احالتهم على التقاعد، للغمز من قناة جنبلاط، عندما أكّد انه اتخذ قراراً بالعمل ليل نهار للتعويض عن المرحلة السابقة الطويلة التي استغرقتها عملية تشكيل الحكومة، وقال: «من يريد ان يقف ويعطل عملية الانتاج فعليه ان يحيد من الطريق، وإذا لم يفعل فأنا مستمر ولو اصطدمت بأي كان».
وأشار الى «أننا لم نبدأ العمل بعد، ومع ذلك بدأت المهاترات السياسية»، مشددا على أن «المواطن اللبناني قرف من هذه المهاترات وقرف سماع رأي حزب في حزب آخر»، موضحا «أننا اذا لم نعمل بفاعلية وننتج ونحقق مطالب الناس ونحل مشاكلهم فسنذهب كلنا الى بيوتنا».
وأضاف: «إذا اعتقد أحد انه بزعامته يستطيع السير على المواطن اللبناني، فهذا لن يحصل لان هذا المواطن سيمشي علينا جميعا في النهاية اذا لم نعمل لمصلحته».
وتزامن كلام الحريري مع تغريدة صباحية لجنبلاط واصل فيها حملته على الحكومة، معلناً معارضته لمشروع الاستدانة بـ17 مليار دولار بموجب مقررات «سيدر» للاستثمار العام، وقال: «يكتفي ان يتصدر هذا البند أولويات مشروع البيان الوزاري كي يتبين إلى أي هوّة نحن سائرون».
واضاف معلقاً: «لم يعد هناك الحد الأدنى من الحياء لجشعهم، اعماهم المال والحكم».
ولاحقاً، كتب جنبلاط عبر «تويتر» أيضاً واصفاً الحريري «بصاحب الجلالة»، مؤكدا ان «الدولة ليست ملكاً له أو لزميله (وكان يقصد الوزير جبران باسيل) ومحذراً من زيادة التعرفة على الكهرباء في حال توظيف مال إضافي في الكهرباء داعياً إلى تحصيل الهدر في الجباية والذي يقدر بـ40 في المائة.
وسارع الحريري للرد على جنبلاط، بنفس الطريقة، أي «تويتر»، فكتب قائلاً: «الدولة ليست ملكاً لنا حتماً، لكنها ليست مشاعاً مباحاً لأي زعيم أو حزب. مشروعنا واضح هدفه انقاذ الدولة من الضياع واحالة حراس الهدر على التقاعد. التغريد على التويتر لا يصنع سياسة.. انها ساعة تخلي عن السياسة لمصلحة الاضطراب في الحسابات. هيك.. مش هيك؟!».
تسليم مشحون لوزارات
في هذا الوقت، اغتنم الوزير الاشتراكي وائل أبو فاعور، فرصة تسلمه حقيبة الصناعة من سلفه الوزير حسين الحاج حسن للرد على الوزير باسيل، الذي اتهم وزراء الحزب الاشتراكي بممارسة «الحرتقة» و«الطقطقة» على الطناجر، فقال: «أولا، يعرف الوزير باسيل اننا اذا اردنا «الطقطقة» فلا «نطقطق» على الطناجر. ثانيا، بمقدار ما هو المطلوب ايقاف «الحرتقة» و«الطقطقة»، المطلوب وقف الهرطقة من الوزير باسيل. وهذه «المونة» الزائدة على البلد يجب ان يخفف منها قليلا، لأنها لا تمشي معنا، ثم أعطى أمثلة في الشكل والمضمون.
ومنها حضور وزراء «التيار الوطني الحر» بعد 40 دقيقة من وصول سائر الوزراء الآخرين، معتبراً ذلك بمثابة وزراء بزيت ووزراء بسمنة، ومنها أيضاً عدم توزيع وثائق تتعلق بالدستور ووثيقة الوفاق الوطني والنظام الداخلي لمجلس الوزراء مثلما جرت العادة عند أوّل جلسة لمجلس الوزراء، معتبراً ذلك خطأ في المضمون وليس بالشكل، إذا كنا نريد العيش بذات الهواجس التاريخية والحقد التاريخي على اتفاق الطائف.
لكن وزير الدفاع الياس بو صعب، رد على أبو فاعور، خلال تسلمه الحقيبة من سلفه الوزير يعقوب الصرّاف، نافياً رواية الوزير الاشتراكي عن عدم توزيع وثائق تتعلق بالطائف، مشيراً إلى ان مغلفاً وضع على الطاولة، امام كل وزير يحوي على الوثائق الثلاث، ولكن يبدو ان الزميل أبو فاعور لم ينتبه إلى المغلف ولم يطلع عليه.
اما الوزير السابق مروان حمادة، فلم يشأ الدخول في السجالات الدائرة، لكنه اعرب عن سروره في سياق تسليم حقيبة التربية لزميله اكرم شهيب لتحرره من منظومة حكم اسرت البلد على مدى السنوات الماضية، متمنياً ان لا يستمر هذا النهج، محذراً من ان تقترب الأمور من الخط الأحمر بالنسبة للدستور والميثاق واتفاق الطائف مما ارتضيناه لندعم العيش المشترك.
وازاء تفاقم الحملات المتبادلة، استغرب الرئيس ميشال عون الانتقادات الموجهة للحكومة والوزراء، قبل ان يتسلموا عملهم، معتبراً ذلك امراً خاطئاً، خصوصاً بعد ان نجحنا في اجتياز الأزمة المالية التي طرأت في ظل ما كان يتم التداول فيه عن انهيار سيحصل لليرة.
واستدعى الهجوم الجنبلاطي على التيار الوطني الحر تحركاً لحشد مؤيدين، سواء في عين التينة، التي رفضت الدخول في لعبة «التويتر» بعدما استقبل الرئيس برّي النائب السابق غازي العريضي والنائب وائل أبو فاعور، أو في معراب، مع زيارة الوزير شهيب ولقائه مع رئيس حزب القوات سمير جعجع بالتزامن مع إيضاح القوات حقيقة الرسالة التي بعث بها إلى الإدارة الأميركية..

5 شباط 2019

إرسال تعليق

 
Top