0
إنعاشاً للذاكرة وإنقاذاً لما تبقى بعدما توافق الأفرقاء كافة (وما زالوا هم هم اليوم) على طاولة الحوار برئاسة الرئيس ميشال سليمان على ما ورد في "إعلان بعبدا" في 11 حزيران 2012. لقد تنكر فريق 8 آذار لما وافق عليه لا سيما "حزب الله" الذي قال "بلـّـوه واشربوا مائه"، وطلال ارسلان والتيار الوطني الحر الذين سخـّـفوه. 
بعد مرور السنوات والتطورات الأخيرة في سوريا وسيطرة موسكو على جزء كبير من القرار في دمشق واعتراف روسي - أميركي بدور تركي فاعل في سوريا، وتوافق روسي - أميركي على أمن اسرائيل لا سيما بما يخص سوريا، والأنباء الأخيرة الواردة من الداخل السوري عن خلافات إيرانية - روسية حول الإستقرار في سوريا رغماُ عن تلاقي مصالح الطرفين حول أمور كثيرة، وتقارب خليجي اسرائيلي في مواجهة طهران، وإعادة افتتاح السفارة الإماراتية في دمشق ورفع التمثيل الدبلوماسي الأردني في دمشق، والحديث عن عودة سوريا إلى الجامعة العربية، في ظل كل ذلك، وفي ظل عودة الحرب، لا بل الحروب الباردة المتعددة الأطراف: واشنطن - بكين - موسكو - طهران - الرياض - بيونغ يانغ - إسلام آباد ... في ظل كل ذلك، الإستنتاج هو أن مصالح الدول الكبرى والإقليمية ثابتة ولكن هذه المصالح يمكن أن تجعل من أعداء وخصوم الأمس أعداء اليوم. 
هل إذاً إعلان بعبدا من الماضي؟ هل إن فقرته الثانية عشرة التي تقول: "تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الإقليميّة والدوليّة وتجنيبه الانعكاسات السلبيّة للتوتّرات والأزمات الإقليميّة، وذلك حرصاً على مصلحته العليا ووحدته الوطنيّة وسلمه الأهلي، ما عدا ما يتعلق بواجب إلتزام قرارات الشرعيّة الدوليّة والإجماع العربي"، هل هذه الفقرة من الماضي؟ اليس اليوم الوقت الأنسب للعودة إلى "إعلان بعبدا"، خاصة وأن كافة أفرقاء اليوم هم أنفسهم الذين أقرّوه منذ 7 سنوات؟
يا جماعة! حلفائكم الإقليميين والدوليين يتخلـّون عنكم بسهولة خاصة عندما تفتقرون إلى المصداقية والقوة! المصداقية مفقودة منذ زمن ويكفي العودة إلى المواقف والتصاريح التي لم يطبق منها شيء لا بل التي اظهرت تناقضات هائلة بين الواقع والمرتجى. 
أما القوّة فهي متلاشية بسبب الإنقسامات الإستراتيجية ولا يمكن أن تعود إلا بالتوافق على تحييد لبنان لأن لا أحد يمكنه أن يقنع نصف اللبنانيين بالتحالف مع إيران ولا أحد يمكنه أن يقنع النصف الآخر بالتخلـّي عن إيران كحليف، والأمر كذلك بالنسبة لأي قوّة إقليمية، وحده التحييد كفيل بطمئنة الجميع.

العميد خليل الحلو | 30 كانون الثاني 2019

إرسال تعليق

 
Top