0
العمارة تجسّدت في بتغرين في مشهدية انتخابية جامعة قبل "أحد الانتخابات"، فصَدحت الأصوات عالياً بين أرضٍ متنية عصيّة على الانكسار، وسماءٍ لا تكسرها عواصف ولا تلويها ضغوطات وتهديدات وابتزازات.
آلاف الأوفياء توافدوا بعد ظهر أمس إلى بتغرين، مسقط رأس نائب رئيس مجلس الوزراء الأسبق النائب ميشال المر رئيس لائحة "الوفاء المتنية"، هذه البلدة الوادعة، جَمعت كلّ المتن ساحلاً ووسطاً وجبلاً. للقاء الرئيس الأب، والرئيس الإبن الياس المر.

من العمارة، انطلقَ موكب سيارات تحمل صُورَ الرئيسين، متوجّهاً الى بتغرين حيث أقيمَ مهرجان "الوفاء المتني"، ومِن عمارة شلهوب - الزلقا وصولاً إلى بتغرين قوبلَ الموكب بالترحيب الشعبي، واندمجَت معه، مواكب من بلدات متنية أخرى.

وفي بتغرين - الدراسات، اجتمع المتنيون حاملين صُورَ كلّ مِن ميشال والياس المر، مُترقّبين إطلالة الرئيسين، في احتفال كبير كان واضحاً أنّه لتجديد الوفاء للمر، والتأكيد على هذا الوفاء بالاقتراع للائحة "الوفاء المتنية" الأحد المقبل.

مِن الزلقا الى بتغرين، الصورُ على جدران المنازل والطرقات وعلى زجاج الباصات... جميعُها تنطق بالوفاء لدولة ميشال المر الأب والياس المر الابن وميشال المر الحفيد. هواء بتغرين نظيف، شوارعها، احياؤها، جدران منازلها، شفّافة كقلوب اهلها، إن سألتَ أيّ واحد من "الأهل"، عن مكان احتفال "الوفاء المتني"، يُعاجلك بالقول "الحقني"، الكلّ كانوا معنيّين بهذا الاحتفال.

في مركز الدراسات، الوفاء كان العنوان، تجسّد في الوجوه والأعلام والصور والاغنيات والاناشيد وفي نسمات خفّفت من حرّ يوم أمس... الناس انتظروا الرئيسين، ترقّبوا إطلالتهما، التي اشعلت المركز حرارةً بوصولهما معاً شابكي الأيدي.

لا ألوان ولا أعلام إلّا العلم اللبناني، وأمّا مبنى "الدراسات" فامتلأ قبل ساعات من بدء الاحتفال، كذلك الساحة الخارجية غصّت بالمحبّين، في بقعة تتوسّط كنائس لأكثر من قدّيس، وجبل صنّين الذي تلامس قممه السماء انطلقت منه المفرقعات قبل الاحتفال وخلاله وبعده.

استُقبل الأب والابن، بنثرِ الورود و"الزغلوطة"، بعد أن كان قد سبَقهما الحفيد ميشال المر، وقابلوه بذات الحرارة، وصافحَ مستقبليه وجلس معهم ووسطهم في باحة مركز الدراسات الخارجية.

بدأ الاحتفال بوَصلةٍ من الاغاني الوطنية من الفنّان كارلوس، ومع كلّ تحية للنائب المر من المغني كان الجمهور يتفاعل تصفيقاً وتلويحاً بالأعلام اللبنانية. "عالحلو وعالمر نحنا معك يا مرّ"... "الاحد بدنا نقلّن ما حدا بيلغي ميشال المر".... "أبو الياس ما بيركع والحق ما بموت والشمس رَح تِطلع من بتغرين عبيروت".

وسط حشدٍ جماهيري وعلى أغنية "طلوا حبابنا" والتصفيق لدقائق دخَل ميشال والياس المر، فأدمعَت أعين البعض حين حيّا أبو الياس المحتشدين، وأبى آخرون إلّا أن يحملوا الياس المر على الأكتاف.

وبعد كلمة عرّيف الحفل التي اختصَرت مسيرة الرَجلين، والنشيد الوطني اللبناني حصرًا، والترحيب بالجميع في "بيت ابو الياس ما في بَرّا وجوّا"، ومِن بينهم أعضاء لائحة "الوفاء المتنية" جورج عبود ود. ميلاد السبعلي والدكتورة نجوى عازار والمهندس شربل ابو جودة، الى جانب شخصيات دينية وأمنية وإعلامية ورؤساء بلديات ومخاتير... حلَّ الصمت في القاعة والخارج للإنصات الى كلمة دولة الرئيس ميشال المر، الذي خاطبَ "أهله وأحبّاءَه"، واختصَر في جملة "لا غلِطّوا معنا مرّة وما غلُطنا معكم غلطة" كلّ ما يُمكن أن يقال بعد 50 عاماً من العمل السياسي والانمائي، وأكّد الجميع على قوله: "المال والكرسي لا تعمل زعامة إنّما محبّة الناس وخدمة الناس والصدق مع الناس، لأنو في كذّابين كتير صار بهالبلد". وحين خَتم قائلاً "نحن أمامكم وإلى جانبكم"، صَرخ الجميع "ونِحنا معك".

الترحيب بالياس المر قبل إلقائه كلمته لم يكُن عادياً، المحبّة لم يَحبسها الموجودون، فأخرَجوا ما في قلوبهم وصفّقوا له ونادوه وأغدقوا على مسامعه "يا آدمي"... "برافو" بعد كِل جملة ألقاها.... فالتفاعل كان حقيقياً. وحين قال في كلمته "بيقولو الياس المر ما بيحبّ الناس"، علت الأصوات "لا، لا، لا"، وتوحَّدت حين تطرَّق الى محاولة الإلغاء بصوتٍ واحد "فَشَر"، و"بالدم بدنا نِبصُم"، و"مار الياس يحميك والعدرا تِحرسك".
قاطعوه مراراً، فنادته السيّدات، وقال له شاب "ردّية" وصَرخ له رَجل آخر "إنت بالقلب... جوّا القلب"، فبادلهم بابتسامة.

وفي ختام المهرجان خرَج النائب ميشال المر مع "حواصل" محبّة لا تُقاس بالأرقام، جنباً الى جنب مع نجلِه الياس المر الذي تدافعَ الموجودين من أجل حَضنِه أو تقبيلِه أو التقاط الصور معه، ولم يردّ أحداً. واختتم المغنّي كارلوس الحفلَ بغناء "يا الياس المر ما في زيّك خليك حدنا وحد أهل المتن وأوعا تترُك بيّك". وسبق أن أكّد المر أنه لم ولن يتركَ والده أو أولاده أو المتن ولبنان، تماماً كما بقيَ ميشال المر مع الناس لسنوات طويلة، فالوفاء المُتبادل "رأسمال" العلاقة التي تجمع ميشال والياس المر بالمتنيين.

راكيل عتيّق - "الجمهورية" - 3 أيار 2018

إرسال تعليق

 
Top