0
يعتقد خبراء في قانون الانتخاب ان رصد الحراك السياسي الدائر في البلاد من اجل مقاربة الانتخابات النيابية المقبلة سيؤدي حتما الى اشكال واطر جديدة من التحالفات التي لا يمكن تبريرها باي شكل من الأشكال. وخصوصا إذا اصر اللبنانيون على النظر اليها وتقويمها قياسا على ما كانت عليه من التزام بكمّ من الثوابت السياسية والحزبية والوطنية التي تحكمت بالفترة السابقة التي رافقت وتلت انتخابات العامين 2005 و2009.

وقال احدهم ان القانون الجديد وحجم التناقضات التي بني عليها سيفرض نماذج من "التحالفات الهجينة" التي تسببت المعطيات التي تحاكي القانون الانتخابي الجديد في شكله ومضمونه ووفق الآلية الإنتخابية التي قال بها في مختلف المراحل. وهي محطات تبدأ بكيفية تركيب اللوائح الانتخابية على مستوى الدوائر الإنتخابية وفق تقسيماتها غير العادلة وغير المنصفة والتي تمت هندستها في مطابخ لا يعترف بها اي من القوى التي اكتشفت لاحقا ما يكفي من "القطب المخفية" والمفاجآت في اولى عمليات المحاكاة لها. وقد ظهر ذلك عندما اجرى عدد من الشركات الإحصائية اكثر من محاكاة لمزاج الرأي العام وصولا الى آلية احتساب "العتبة الإنتخابية" ومنها الى كيفية التعاطي مع نتائج "الصوت التفضيلي" الذي سيأتي في بعض الدوائر الإنتخابية بالكثير من المفاجآت.

وفي المعطيات التي استند اليها الخبير الإنتخابي، كلام قد لا يرضي الكثيرين من المتعاطين في التحضيرات الإنتخابية ولا سيما اصحاب الإحصاءات والدراسات التي اجريت قبل فهم الناس لبعض القواعد التي كرسها القانون الجديد والتي بقيت غافلة على كثر من المتعاطين معه فانجرفوا بإرادة او بغير إرادة الى تسجيل المواقف والنتائج التي ظهر لاحقا انها وهمية ومخيبة وخصوصا عندما استندت الى موازين قوى سقط معظمها.

وفي التفاصيل والخطوط العريضة توقف الخبير، عبر "المركزية"، عند عدد من الملاحظات التي بنيت عليها المواقف الأولى التي رحبت بالقانون الجديد قبل ان "ينقلب السحر على الساحر" عند ولوج مرحلة التحضيرات الإنتخابية حيث تبدلت المعطيات ومعها الأولويات. وعلى سبيل المثال لا الحصر يمكن التوقف عند البعض منها:

- أخطأت القيادات السياسية والحزبية التي عملت على توليد قانون الإنتخاب الجديد عندما استندت الى المعطيات الإحصائية التي بنيت على نتائج انتخابات العام 2009 والتي لم تلحظ التغيرات السياسية المحتملة التي انتجتها الأحداث الفاصلة بين ولادة القانون واقتراب المراحل التنفيذية.

- بنيت المعطيات الإنتخابية على تحالفات ثبت انها مستحيلة في الكثير من الدوائر الإنتخابية، فوجد الحلفاء انهم في خنادق متناقضة ومختلفة لا يمكن ان تجمعهم الآلية الإنتخابية وقواعدها التي كرسها القانون الجديد هذا فضلا عن السباق الذي فرضه الصوت التفضيلي من ضمن تركيبة اللائحة الداخلية.

- لم تأخذ المواقف التي رحبت بالقانون وبنت عليه الكثير من الأحلام، باحتمال تبدل المزاج الشعبي في المجتمعات الطائفية والسياسية المختلفة في أكثر من دائرة باستثناء المزاج الشيعي الذي قادته المعطيات التي قال بها القانون الجديد الى المزيد من التصلب والتشدد لحماية الثنائية الشيعية أيا كان الثمن.

- سقوط التحالفات الرباعية والخماسية رغم الجهود التي بذلت لتركيبها مرة جديدة كما حصل في اعقاب انتخابات الـ2005 و2009 وهو ما انعكس مسلسلا من المفاجآت غير السارة على قادة الماكينات الإنتخابية كافة ما عدا تلك التي ترسم خريطة الطريق الى تعزيز الثنائية الشيعية.

- الحديث المتمادي عن قدرات المجتمع المدني وموجات الرفض الشبابية للكثير من الملفات التي يمكن ان تقلب المعادلات في اي لحظة بعدما ثبت ان تركيبة واسعة من هذا المجتمع ما هي إلا صنيعة الأكثريات الطائفية والمذهبية التي أستخدمته في مرحلة من المراحل كـ"العملة" بوجهيها بدليل عجزه عن توحيد البرامج واللوائح الإنتخابية وفاض عديد المرشحين من بينهم كل اللوائح الإنتخابية الأخرى الى اي جهة انتمت عدا عن فقدان آليات التنسيق التي بشرت بها التظاهرات الإحتجاجية فاعتقد البعض ان ما حشدوه في الساحات كان حجما طبيعيا وصادقا يمكن الرهان عليه في اي وقت لإحداث تغيير ما.

واستطرد الخبير: بالإضافة الى ما تقدم من معطيات لا توحي بالتفاؤل في امكان التغيير في الإنتخابات المقبلة، فما ان اقتربت العملية الإنتخابية من مراحلها التنفيذية حتى فرزت المواقف من جديد وأسقطت التطورات الأخيرة في الداخل والمنطقة الكثير مما كان مأمولا به من تحالفات وعززت الشروخات بين ابناء الصف الواحد.

وعليه، انتهى الخبير الى التحذير من حجم المخاوف من آثار الإنقسام على الساحتين المسيحية والسنية وما خلفته الخروقات السياسية على ساحتها في مواجهة الثنائية الشيعية التي تعززت اكثر من اي وقت مضى. وكل ذلك متوقع في ضوء ما آلت اليه نتائج إحدى الدراسات التي ضمنت للثنائي الشيعي الثلث المعطل في ساحة النجمة. وهو ما عزز المخاوف من مفاجآت شبيهة بتلك التي آل اليها القانون الجديد معطوفا على التحذير من انقلاب محتمل في البلاد ينعكس سلبا على دور ووجه لبنان المنفتح على العالم، وقيادته الى مرحلة صدامية مع المجتمع العربي وجزء من المجتمع الغربي وطغيان منطق العددية على التعددية.

"المركزية" - 20 كانون الثاني 2018

إرسال تعليق

 
Top