0
تأخر تشكيل الحكومة عن الموعد غير الرسمي الذي وُضع كي تبصر النور مع ذكرى الاستقلال، بسبب العقد التي واجهت الرئىس المكلف سعد الحريري، وهي طبيعية عند ولادة كل حكومة، وهي ما زالت ضمن المهلة الزمنية المقبولة، قياساً على ما حصل مع الحكومتين السابقتين للرئيسين تمام سلام ونجيب ميقاتي، الا انه في تاريخ الحكومات في لبنان، ان بعضها وُلد بعد يوم، من تكليف رئيسها، والبعض الآخر خلال ايام قليلة، او اسابيع لا تتعدى الشهر الواحد، وانها كانت سريعة الولادة في زمن الوجود السوري. 

وان ابرز العقد التي تواجه تشكيل الحكومة، هو التمثيل المسيحي فيها، ثم الحقائب التي ستحصل عليها الكتل النيابية، والتي تتمركز عند الاطراف المسيحية، التي لم يهضم رئىس حزب «القوات اللبنانية» توزير من لم ينتخب رئىس الجمهورية العماد ميشال عون، وهي كتل حزب الكتائب، و«تيار المردة» ورئيس حزب الوطنيين الاحرار النائب دوري شمعون، نواب مسيحيون مستقلون، ووضع «فيتو» على مشاركتهم ليتقاسم هو و«التيار الوطني الحر» الحقائب الوزارية، وفق ما تقول مصادر نيابية في 8 آذار، التي ترى ان الكرة في ملعب رئيس الجمهورية الذي عليه ان يقول كلمته وهو الشريك في التوقيع على مراسيم تشكيل الحكومة، بأن يبلغ جعجع، انه لن يقصي احداً عن الحكومة، وهو لن يمارس «الفيتو»، وهو ما عبر عنه بيان «تكتل الاصلاح والتغيير»، في اجتماعه الاخير، وتلاه امين سره النائب ابراهيم كنعان، مما يعني التزاماً، بأن تكون الحكومة جامعة، دون النظر الى من انتخب عون او لم ينتخبه، وقد اعلن حزب الكتائب انه وضع نفسه بتصرف العهد، وكان النائب فرنجية اعتبر انتخاب عون انتصاراً للخط السياسي الذي ينتمي الى الرجلين.

والازمة الاساسية التي تؤخر ولادة الحكومة، هي في ان يسلّم جعجع بأنه ليس وصياً على العهد، وهو ما يمارسه وفق ما تشير المصادر، ويتصرف بانه لا يريد ان يشاركه اي طرف مسيحي، ما يعتبره هو، انه هو من اوصل عون الى رئاسة الجمهورية، ويحق له ان يقبض ثمن تنازله عن ترشيحه، وهو ما تم الاتفاق عليه بينه وبين الرئيس عون، الذي لا يمكنه ان يقفز اقله عن اعطاء النائب سليمان فرنجية او من يسميه في الحكومة حقيبة وازنة هي من بين ثلاث: الاشغال والاتصالات والطاقة، اذ سبق للامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله، ان قال علناً، ان رئىس «تيار المردة» لو لم يلتزم معنا بمقاطعة جلسات انتخاب رئيس الجمهورية، لكان هو في هذا المنصب، وهذه رسالة الى العماد عون من حليفه الاستراتيجي الذي التزم اخلاقياً معه في ترشيحه للرئاسة، ان يبادر الى اعطاء فرنجية حقيبة اساسية وهو الاقرب سياسياً اليه، ولا يمانع الرئيس الحريري بأن يكون حليفه الجديد النائب فرنجية في الحكومة، وينال حقيبة اساسية.

فالثنائية المسيحية التي يتم تثبيتها بين «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر»، وانها هي من تمثل «المجتمع المسيحي» بحوالى 86%، لا يمكن ان تفرض نفسها فيه، وتمارس «حرب الغاء» على المكونات المسيحية الاخرى، التي لها حضورها التاريخي سياسياً وحزبياً وشعبياً، وان الكتائب و«المردة»، هما من ضمن «الرباعي المسيحي» الذي اجتمع في بكركي، وجرى توصيفه على انه هو ومن فيه من الرئيسين عون وامين الجميل وفرنجية وجعجع، يمثلون الحالة المسيحية، ومنهم يجب ان ينتخب العماد عون، ولا يمكن شطب اي طرف منهم من المشاركة في الحكومة، تقول المصادر، الا ان الخلاف هو بين «القوات اللبنانية» وكل من حزب الكتائب و«تيار المردة»، التي تعمل على عزلهما واقصائهما، وهو ما اعلنه رئيس الكتائب النائب سامي الجميل، في محاولة لانهاء وجود هذا الحزب، وان ابعاد المردة هو لقطع الطريق على المرشح الثاني الطبيعي بعد عون، لرئاسة الجمهورية هو رئىسها النائب فرنجية، وهو ما تنبه له حلفاؤه، من الرئيس بري الى الرئيس الحريري و«حزب الله» وقوى اخرى، وصمموا على ان يكون لكتلة فرنجية الحضور الوازن في الحكومة، وعلى جعجع ان يتواضع، ولا يطلب المستحيل، وعلى الرئيس عون، ان يخبره انه ملتزم بتفاهم مع «حزب الله»، ولا يمكن الخروج عنه اخلاقياً.

كمال ذبيان - "الديار" - 20 تشرين الثاني 2016

إرسال تعليق

 
Top