في الشطر الاخر من صورة لبنان،يطل "حزب الله" الذي يمثل جيشا تابعا لإيران له إمتدادات على مساحة واسعة في الشرق الاوسط. وتأكيدا لهويته الاقليمية، نفّذ الحزب عرضا عسكريا مثيرا للجدل في منطقة القصيّر السورية التي تحولت الى مساحة من الخراب الذي تعمم نموذجه ليصل اليوم الى مدينة حلب ثاني أكبر المدن السورية.في المبدأ، يحمل "حزب الله" الهوية اللبنانية قادة وقاعدة ولو كان مشروعه إيرانيا. لكنه الطرف الذي أنجبته الثورة الايرانية التي تحاول منذ العام 1979 أن تؤسس واقعا يأخذ مكانه على منصة سايكس-بيكو ووعد بلفور تحت شعار الاسلام الشيعي الثوري. ولإنه حزب لبناني في واقع الحال، يمثل في الوقت نفسه معضلة لدولة لبنان التي تنتمي لسايكس-بيكو وتناهض وعد بلفور ولا تحتمل على رقعتها الجغرافية شريكا لها يحمل مشروعا جديدا في المنطقة.
كلما تقدم مشروع الدولة،كما حصل أخيرا في عرسال،وحاول التقدم في محيط مخيم عين الحلوة،إقترب في الوقت نفسه من مواجهة مشروع "حزب الله". في الوقت الراهن ليست هناك من مواجهة بين المشروعيّن بل هناك نوع من المساكنة بينهما .لكنهما مشروعان متوازيان لا يلتقيان.وإذا ما إلتقيا،فلا حول ولا قوة إلا بالله،كما تقول الطرفة المشهورة.وكلما حاول مشروع أن يسيطر على الاخر إنفتح صندوق "باندورا" الاسطوري الذي يعيدنا الى تجارب الحرب الاهلية في سبعينيات القرن الماضي والتجربة العسكرية الفلسطينية في ذلك الزمن.
كان لافتا ان تتحرك إسرائيل قبل أيام في إتجاه مجلس الامن الدولي على خلفية مزاعم بوصول السلاح الايراني الى "حزب الله" عبر مطار بيروت. من البديهي أن يكون أي إتهام صادر عن إسرائيل موضع شكوك لكون الاخيرة طرفا يمتلك سجلا حافلا بالعدوان منذ تأسيسه.وفي المقابل، ليست إيران منذ تأسيس جمهوريتها الاسلامية في موضع المساعد لسيادة الدول العربية وفي مقدمها لبنان.وهناك خشية أن يكون لبنان على موعد جديد في لعبة الامم التي يجري تحديثها.
أحمد عياش - "النهار" - 26 تشرين الثاني 2016
إرسال تعليق