0
فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميريكية، أحدث ضجة كبيرة في الولايات المتحدة والعالم بأسره. وهذه الضجة صرفت الأنظار عن سائر التحولات التي حدثت في الساحة السياسية الأميركية التي من شأنها أن تحدث تغييرا كبيرا في السياسات التي تبناها البيت الأبيض في السنوات الثماني المنصرمة.

في الأسبوع الماضي، فشل الحزب الديمقراطي في استحقاقين وهما الانتخابات الرئاسية والانتخابات التشريعية. وكانت استطلاعات الرأي تشير إلى أن الديمقراطيين سوف يستعيدون تفوقهم في الكونغرس الأميركي، ولكن حصل العكس وعزز الجمهوريون أغلبيتهم في مجلسي الشيوخ والنواب.

الجمهوريون الذين كانوا يشعرون بالقلق من إمكانية تأثرهم بشكل سلبي بترمب في الانتخابات باعتبار أن الترجيحات كانت تستبعد فوزه، اتضح أنهم استفادوا بشكل غير منتظر من شعبية ترمب في عدد من الولايات المتأرجحة، وتمكنوا من تسجيل اختراقات لم تكن بالحُسبان بالنسبة لهم.

ويمكن للسيطرة المطلقة للجمهوريين الآن على البيت الأبيض والكونغرس أن تفتح الباب أمامهم من أجل إجراء تعديلات قانونية سريعة وواسعة النطاق كفيلة بإلغاء الكثير من سياسات الرئيس المنتهية ولايته، باراك أوباما.

انتهت المواجهة في مجلس الشيوخ لصالح الجمهوريين بواقع 51 مقعدا مقابل 47 للديمقراطيين.

وهذه النتائج ما هي إلا إشارة إلى أن الشعب الأميركي غير راض عن السياسات التي اتبعتها الإدارة الديمقراطية في السنوات الثماني الأخيرة.

ويتعزز ذلك أيضا بواقع الانتصار المسجل في مجلس النواب، حيث بات للجمهوريين فيه 235 مقعدا مقابل 191 للديمقراطيين.

وها نحن نقف في بداية عهد جمهوري بامتياز في الولايات المتحدة الذي من شأنه أن يغير ملامح سياسة وعسكرية كثيرة في أميركا والعالم.
 
بداية شرق أوسطية في الكونغرس ضد إيران

ويبدو أن المشرعين الأميركيين مصممون على لعب دور قوي في سياسة الشرق الأوسط بغض النظر عمن يشغل المنصب في البيت الأبيض.

وكانت بداية الكونغرس بعد الانتخابات بالتصويت لمشروعين يزيدان من الضغوط على النظام الإيراني وحلفائه.

وصوت مجلس النواب الأميركي بأغلبية 419 صوتا على تمديد قانون العقوبات على إيران لمدة عشر سنوات.

وأقر القانون لأول مرة في عام 1996 لفرض عقوبات على الاستثمارات في قطاع الطاقة في إيران، وردع سعي إيران للحصول على أسلحة نووية.

وكان أجل قانون العقوبات ضد إيران سينقضي في نهاية عام 2016 لو لم يتم تجديده. ولا يزال يتعين موافقة مجلس الشيوخ على التشريع، وأن يوقعه الرئيس كي يصبح قانونا.

وقال الزعيم الجمهوري لمجلس الشيوخ الأميركي ميتش ماكونيل، إن المجلس سيصوت لتجديد العقوبات على إيران لمدة عشرة أعوام قبل أن يرفع جلساته الشهر القادم، وسيرسل مشروع القانون إلى البيت الأبيض حيث من المتوقع أن يوقع عليه الرئيس باراك أوباما ليصير قانونا. 
 
الرد الإيراني: هذه نهاية الاتفاق النووي

وردا على أول تحرك للكونغرس الأميركي بعد الانتخابات قال أمين مجلس الأمن القومي الإيراني علي شمخاني، إن إقرار مجلس النواب الأميركي تمديد العقوبات الأميركية على إيران، سيعني إلغاء الاتفاق النووي مع القوى الكبرى.

وأضاف شمخاني أنه إذا جرى تمديد العقوبات فإن بلاده أعدت ردا تقنيا على ذلك يمكن تفعيله في أي لحظة وبشكل سريع.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما والقوى العالمية الأخرى توصلت إلى اتفاق العام الماضي وافقت إيران بموجبه على تقييد برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات.

علما بأن التصويت جاء بعد مرور أسبوع على انتخاب الجمهوري دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة. وعارض الجمهوريون في الكونغرس الاتفاق النووي بالإجماع، إضافة إلى حوالي 20 مشرعا ديمقراطيا وانتقده ترمب بشدة.
عقوبات ضد النظام السوري وحلفائه

وأقر مجلس النواب أيضا بالتصويت على مشروع قانون سيفرض عقوبات على الحكومة السورية ومؤيديها ومن بينهم روسيا وإيران لارتكابها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

ومن شأن هذا المشروع إن أصبح قانونا أن يزيد الضغوط على النظام السوري وأهم حلفائها، ويفتح الباب لفرض عقوبات أكبر على إيران وروسيا.

وساعات بعد إقرار المشروع في مجلس النواب الأميركي وقع الرئيس فلاديمير بوتين أمرا تنفيذيا يوم الأربعاء يسحب توقيع روسيا من معاهدة تأسيس المحكمة الجنائية الدولية.

وتتعرض روسيا لضغوط عالمية بسبب ضرباتها الجوية في سوريا، ويتهمها بعض المدافعين عن حقوق الإنسان والمسؤولين الأميركيين بقصف مدنيين وأهداف مدنية.

وأثار تقرير أصدره مكتب الادعاء بالمحكمة يوم الاثنين غضب روسيا بسبب إشارته إلى ضمها شبه جزيرة القرم في عام 2014 من أوكرانيا على أنه صراع مسلح. وتدرس أيضا مزاعم عن جرائم حرب ارتكبتها القوات الروسية والجورجية أثناء حرب قصيرة في عام 2008. 
 
مشرعون يطالبون بزيادة الضغوط على روسيا

ويطالب مشرعون ديمقراطيون وجمهوريون كبار في الكونغرس الأميركي بأن ترد واشنطن على مزاعم تدخل روسيا في الانتخابات الأميركية وتصرفاتها في أوكرانيا وسوريا على الرغم من دعوات الرئيس الجمهوري المنتخب دونالد ترمب لتحسين العلاقات.

وحسب وكالة رويترز، قال أكبر عضو ديمقراطي في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي السيناتور بن كاردين يوم الأربعاء، إنه يعمل على ما وصفه بتشريع "شامل" للرد على الأفعال الروسية المناهضة للمصالح الأميركية في أوروبا وسوريا، وكذلك على الهجمات الإلكترونية التي ألقي باللوم فيها على موسكو خلال الحملة الانتخابية.

وأبلغ السيناتور الجمهوري لينزي جراهام- أحد أبرز أصوات حزبه في مجال السياسة الخارجية- الصحفيين أنه يريد عقد جلسات لمجلس الشيوخ بشأن ما إذا كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تدخل في الانتخابات.

واتهمت أميركا روسيا بالتدخل في الانتخابات الأميركية من خلال القرصنة الإلكترونية التي تعرضت لها مواقع ذات صلة بالانتخابات وأيضا البريد الإلكتروني لمرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون.

إيليا جزائري - "العربية" - 18 تشرين الثاني 2016

إرسال تعليق

 
Top