0
أتم "حزب الله" وعده بإيصال العماد ميشال عون الى سدة الرئاسة. قضي الامر. وسدد الرئيس نبيه بري "دينه" كاملا للرئيس سعد الحريري. ثم أوكل الحزب أمريهما الى رئيس المجلس. هو المفاوض على الحكومة، والآمر الناهي في هذا المجال. اذن يجب ان تكون الرسالة وصلت، وقد بانت بشائرها في الأيام الاخيرة. لا دين ولا وعد بعد اليوم. نحن أمام مرحلة جديدة يجب ألا يصدق فيها الرئيس عون انه فعلاً الرئيس القوي الذي يمكن ان يحمل معه "القوات اللبنانية" و"تيار المستقبل" الى الحكومة ويحاول "تحجيم" حركة المحرومين، و"إقصاء" حلفاء سوريا من "تيار المردة" الى الحزب السوري القومي الاجتماعي و"حزب الإتحاد" وغيرها.


تراجع موجة التفاؤل بولادة الحكومة في اليومين الماضيين، والرد السريع من الرئيس بري على الرئيس عون والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، يرسمان صورة لما يمكن ان تكون عليه الايام المقبلة من العهد. بداية متعثرة قد تستمر طويلا بعدما سحب "حزب الله" يديه من تقريب وجهات النظر، كأنه اوكل الى حليفه الاول فرملة العهد لوضع الامور في "نصابها الصحيح".
 
زد على ذلك اموراً عدة:
 
الاول: ان الرئيس عون أخطأ بانتقاد مجلس النواب الممدد له من دون سبب وجيه، كأنه لم يدرك ان المجلس ذاته هو الذي اوصله رئيساً، وقد اختار بكركي منصة لكلامه ومؤيداً من البطريرك الماروني كأنه بذلك يحاول محاصرة رئاسة المجلس.
 
الثاني: ان التنسيق في عملية التأليف لا يشمل الثنائي الشيعي بما فيه الكفاية، خصوصا من المكلف متابعة الملف اي الوزير جبران باسيل.
 
الثالث: ان تمسك عون بحصة "القوات" يثير الريبة والقلق لدى الآخرين، كل الآخرين، من عودة الشراكة المسيحية الكاملة بعدما امعن هؤلاء الآخرون في الانقضاض على الحصة المسيحية زمن الوصاية السورية.
 
الرابع: ان فشل الرئيس بري في استيعاب الكتائب وتحويلهم جزءا من "حركة الاعتراض" على العهد بعدما عمل الجميل الاب والابن على ارضاء رئيس الجمهورية اخيراً، أظهر وكأن هناك تحالفاً مسيحياً واسعاً يمكن ان يعيد رسم الخريطة السياسية. وقد ايده المشهد الجامع للبطاركة الكاثوليك حول عون في بكركي.
 
الخامس: ان التقارب بين باسيل و"تيار المستقبل" يثير ايضا الريبة، ويدفع باتجاه التمسك بـ "المردة"، علماً ان تخلي الاخير عن دوره في التفاوض وايكاله الامر الى بري، يعيده الى مربع كان سعى للخروج منه عندما ارتفعت حظوظ النائب سليمان فرنجية الرئاسية. وكان رفض العودة الى ثنائية العام 1943 خير دليل على هذا التخوف غير المبرر. اذن يحتاج الامر الى جلسة حوار (ليس ضرورياً في عين التينة) ومصارحة لرفع منسوب الاطمئنان لدى كل الاطراف، والاتفاق على خطوط عريضة للمرحلة المقبلة كي لا يصاب العهد بتعثر قبل ان ينطلق.

غسان حجار - "النهار" - 19 تشرين الثاني 2016

إرسال تعليق

 
Top