0
أفضت التفاهمات المحاكة المعلنة وغير المعلنة إلى إيصال رئيس "تكتل التغيير والإصلاح" النائب العماد ميشال عون إلى قصر بعبدا ورئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري إلى السراي الحكومي، ما انسحب على مشهد جديد أعاد خلط أوراق التموضعات السياسية وفَتَح الباب أمام جملة من الاستحقاقات السياسية والدستورية، من تشكيل الحكومة إلى قانون إنتخابي نسبي يؤمّن صحة التمثيل وصولاً إلى انتخابات نيابية في موعدها تلافياً للتمديد الثالت.

الثابت هو أنّ استعادة قصر بعبدا نشاطه الرئاسي أنهى الركود السياسي وقام بتصويب مروحة الإتصالات نحو بلورة سلطة متكاملة بعد سنتين ونصف من الفراغ دفعت المؤسسات إلى الدوران في حلقة مفرغة. فهل تعطي الصيغة الحكومية ترجمة مسبقة عن المجلس النيابي المقبل؟

يرجِّح مطلّع على آلية تشكيل الحكومة عدم "خروج الدخان الأبيض" قبل عيد الإستقلال، غير أنّه بات محسوماً أنّ عمليّة تأليف الحكومة الحريرية لن تكون كأسلافها، بمعنى أنّ "الجهاد الأكبر بعد انتخاب الرئيس" الذي أشار اليه رئيس مجلس النواب نبيه بري ما زال في بداياته، إن لم نقل لم يبدأ. فيما يبدو أنّ طريق الجهاد قد حطت رحالها باكراً في أروقة معراب التي تذهب بعيداً في ردع "الفيتوات التي يشنها بعضهم لتحجيم القوات"، وفقاً لما ورد على لسان الدكتور سمير جعجع، ناهيك عن ان من تكفَّل تأخير تأليف الحكومات في عهد الرئيس ميشال سليمان، صار رئيساً للجمهورية وصاحب المصلحة الأولى في التسهيل.

لا شك ان خلف قضية الحكومة "الإنتقالية" معركة أحجام، وتقول مصادر مستقلة ضمن هذا الإطار، أنّ الحقائب الوزارية "على دسامتها" ستكون المعزوفة الأساسية لوضع الإصبع على الإنتخابات النيابية القادمة، وخاصة في ضوء انتهاء الإصطفاف المحوري بين 8 و14 آذار وما بينهما، ما سيخلق خارطة نيابية وحكومية من صورة غير مألوفة، انطلاقاً من محدلة التحالف بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر في ظل وجود قانون أكثري غير عادل، أقلّه مسيحياً".

وتتابع المصادر نفسها: "هناك نيّة لدى الرئيس المكلّف في استيعاب مختلف الأفرقاء لضمان بداية ناجحة للعهد الرئاسي وهذا ما يعتبره الحريري أولوية”.

إلى هنا، لم يعد الحديث عن الحسابات الإنتخابية باكراً في حال "بقي قانون الستين وتمدّد"، أو توصّل التكتل السياسي القائم إلى إقرار قانون جديد. وبطبيعة الموقع السياسي للعماد ميشال عون قبل انتخابه رئيساً لكل اللبنانيين، فإنّ أصوات معارضة ستخوض الغمار النيابية إن لإثبات الحضور في وجه "التبدّلات الصدمة" والأحلاف غير المبنية على قناعات سياسية، التي نضجت مع انتهاء الفراغ الرئاسي، لن تكون أوّلها الجبهة المتبقية من القوى السيادية.

ويشير خبير إنتخابي، في معرض الحديث عن الإصطفافات المسيحية الجديدة بشكل خاص، إلى أنّ "شعبية كل من بقي خارج ثنائية إتفاق معراب ستنمو، على اعتبار أن "محاولة احتكار الشارع المسيحي ستولّد المزيد من التعاطف مع أي معارض لـ"حرب الإلغاء"، لافتاً إلى "اتجاه لدى هذه القوى، من الكتائب والمردة والأحرار والمستقلين، إلى التكاتف خلف متراس إنتخابي واحد.

في المقلب الآخر، تؤكّد أوساط قواتية أنّ "من يقف خارج الإجماع المسيحي يلغي نفسه بنفسه فالفرصة اليوم سانحة أكثر من أي وقت مضى لإنصاف حقوق المسيحيين في الدولة بدءاً بالإلتفاف حول قانون إنتخابي عادل، بعدما نجحنا في خلق ثغرة لدى الشريك المسلم وإيصال "رئيس قوي" إلى رئاسة الجمهورية".

أمّا عن الإصطفافات الإنتخابية، فتكتفي بالقول: "الكرة في ملعبهم.. والمرمى واحد".

يحرص رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على تحديد بداية عهده على أنها مع انتخاب مجلس نيابي جديد. إذاً، تُشرف البلاد من شباك الحكومة الحريرية على معطيات من النوع الآخر قد تطال لعبة التوازن السياسي والطائفي في الداخل اللبناني، من دون إغفال اعتبار الأجواء الدوليّة والإقليمية المحيطة.

ريكاردو الشدياق – "ليب تايم" - 18 تشرين الثاني 2016

إرسال تعليق

 
Top