0
إشتاق اللبنانيون إلى صناديق الإقتراع، بعدما اقتصر الأمر في الأعوام الستة الماضية على إنتخابات طالبية ونقابية محدودة في الزمان والمكان. أما إنتخابات المجالس البلدية والإختيارية المنتظرة فلها نكهة خاصة، أو بالأحرى متعددة النكهات.
نكهة الديمقراطية اللبنانية وهذه النكهة متوافرة في معظم القرى والدساكر والبلدات والمدن وفيها الكثير من النكد والنكاية وتصفية الحسابات والتذاكي في ابتكار الحلول لأكثر المشاكل استعصاء ومن مظاهرها تعليق صور المرشحين على حيطان الكنائس والمساجد إلى جانب أوراق النعي وعلى جذوع السنديان والصنوبر وتبقى أشجار الكينا العملاقة هي المفضلة ولا بأس إن “تجعلكت” وجوه المرشحين بفعل زخات المطر. أما على واجهات الدكاكين وخلف الزجاج المغبّر وفي صالونات الحلاقة فتبدو الوجوه مكوية وتكاد تنطق. وتحت الجسور إن لم يبخ لونها فستتلطخ بدخان المازوت خصوصاً في الأمكنة الواطئة. وما أجمل اللافتات ترفرف في ساحات الوغى بانتظار موقعة الأحد.
نكهة الخدمة العامة: تكتشف أن المرشحين لرئاسة البلديات على مختلف مشاربهم وطوائفهم وانتماءاتهم سبّاقون إلى الخدمة العامة. يبدأون بالخدمات من دون تفرقة مع إفتتاح باب الترشيحات، والتزفيت خير مثال، وتنتهي الخدمات في أغلب الأحيان مع إعلان النتائج.
نكهة البرامج الخلاّقة: كل البرامج تعد بالمساحات الخضر، وتجميل الساحات، وتحسين البنى التحتية، وحل مشكلة السير، والحفاظ على الأبنية الأثرية، وتشجيع التنقل بالسيارات الصغيرة والصديقة للبيئة أو على الدراجة الهوائية، وحل مشكلة النفايات بشكل كامل وفي أغلب الأحيان يكون صاحب البرنامج وأبناؤه ممن يقتنون تحت البناية معرضاً للسيارات الفارهة (للإستعمال الشخصي) ولم يسبق لأي منهم أن زرع ياسمينة على البلكون ولا يُسجل لهم أن فكروا لحظة بفرز الكرتون المنزلي عن بقايا الملوخية عن البطاريات، ولم يركبوا دراجة منذ سن “التفريم” ولا عملوا بيكنيك بأحضان الطبيعة في آخر ربع قرن. بس البرنامج مبكّل.
نكهة الرياسة: دكتور الأنتروبولوجيا. المهندس. المجاز بالمعلوماتية. الحائز شهادة بالمعلوماتية. التاجر. طبيب الشرايين. العميد السابق. صاحب المزرعة. المغترب. كلهم يطمحون لحمل لقب “ريّس”. حتى صفة رئيس يرفضونها. الريّس نكهة لبنانية صافية. يعني بيصير عندك بالبراد تنكة بيرة الريس وفي دار البلدية “ريّس”. راحت إيام ريّس المينا.
نكهة الوجاهة: في بعض الأحيان، يتسلل إلى بعض اللوائح البلدية مرشّحون سابقون ودائمون إلى الإنتخابات النيابية كتعويض عن مجد ضائع. وفي أحيان كثيرة يكتفي المرشح إلى المجلس البلدي بالصورة التي ترسخ في أذهان المارة
نكهة الوراثة: وهي نكهة لبنانية بامتياز خصوصاً في قطاع المخترة، فختم المختار ينتقل بفعل الثقة والإرادة الشعبية والوفاء من يد الجد إلى الأبن إلى الحفيد. والحلو في المخترة أن المختار عندما ينتقي عروساً فهي حتماً ستحمل لقب مختارة ومع الوقت يصبح الزوج والختم في يدها.
نكهة الحراك المدني: وهذه نكهة جديدة نسبياً تستهوي الشباب والنُخب والثوّار الجدد ونسوان التلفزيونات والمناسبات الذين كفروا بالسياسيين والأحزاب والعائلات. يعتقد مؤيدو الحراك المدني أن مرشحيهم الأفذاذ النوادر والنوابغ وُلدوا من رحم العبقرية والعلم لا من رحم عائلات وأن الشعب كلّه (شعب تويتر وإنستاغرام وفايسبوك) يريدهم ولا يريد سواهم. وإن رسبوا يكون الشعب على الأرجح حماراً ومتخلفاً!

عماد موسى - المسيرة 2 ايار 2016

إرسال تعليق

 
Top