0
تألم اللبناني لما شاهده على شاشات التلفزة مما أصاب الطفلة آيلا طنوس من مرض وتشويه. تألم ويتألم اللبناني وخصوصا طبيبها الدكتور عصام معلوف، لما يخبئه مستقبلها القاسي الأليم إثر إصابتها بفيروس فتاك. كما يتألم الجميع لطفولة بريئة يصيبها كل يوم المرض والتشويه والخلل التكويني. والأورام السرطانية..
 
لكن يثبت لهذا المواطن اللبناني وهو يشاهد حلقات الـTalk show إن وجه لبنان الثقافي والعلمي بدأ يتغيّر. وتراءى للمريض اللبناني وهو "يشاهد ويستمع" انه حقا بات كبش محرقة. وخيّل اليه انه منذ اللحظة التي تطأ فيها قدماه المستشفى تبدأ مؤامرة على صحته، تنفذها ترويكا الصحة بأربابها: المستشفى والطبيب المعالج والجهة الضامنة!!؟
 
ربما أرادت وسائل الإعلام، إبراز واقع الصحة في لبنان وهي خير خبير في الشؤون الطبية وعلم الاورام والالتهابات والفيروسات... وارادت تنصيب نفسها ملاكا جبارا ضد الطبيب وضد القطاع الصحي حتى دخلت هذه الوسائل من خلال منابرها المحصنة ومن دون رادع في مؤامرة تهشيم وجه الطبيب وتهشيم ايضا صورة المستشفيات الخاصة الساهرة على صحة المواطن اللبناني... وتدمير، نعم، تدمير وجه لبنان (ما تبقى منه...) العلمي والثقافي.
 
هل تساءل جهابذة المنابر الاختصاصيين في علم الفيروسات والقلب والأورام السرطانية وغيرها من ردود الفعل عند المشاهد او المريض المقيم منه أو المغترب الذي يريد المجيء إلى الوطن للعلاج؟!
 
هل تساءل "الاختصاصي" عن ردود الفعل ازاء التهجمات الرخيصة غير الموثقة علميا تجاه اطباء لهم من الخبرة والعلم والمعرفة والتعليم والتواضع ما يكفي بعدم الرد على منتحلي صفة الاختصاص والمعرفة والرؤية العلمية؟
 
كان على وسائل الاعلام كافة بدل مخاطبة الناس بهذا الشكل واغتصاب شعورهم، تقصي الحقيقة العلمية كل الحقيقة بدقتها، وذلك صونا لكرامة الناس والطبيب والمريض والاهل والاقرباء.
شاء القدر ان يصيب الطفلة طنوس فيروس فتك بيديها ورجليها.
 
شاء القدر ان يرسم لـ ELLA طريقاً قاسية وأليمة. شاء القدر ان يكون طبيبها الآن وراء القضبان وشاء القدر ان تحصل هذه الحادثة الأليمة في "جمهورية هواة" من دون مسؤولية.
 
وهنالك كلام قيل من دون حساب ولا مسؤولية ومن دون رادع. لكن هذا الكلام ليس إلا كلاماً لمسؤولي هواة سلطة همهم المباريات الانشائية والمبارزة في الفضائح والاتهامات الرخيصة هدفاً لاذلال الناس والاطباء خاصة وضرب قيم مجتمعنا حتى زوال وجه لبنان الحضاري.
 
ترى هل كل ذلك مؤامرة؟؟
- نعم هنالك أخطاء ترتكب في كل القطاعات والاختصاصات.
- نعم هنالك اهمال يحصل في جميع القطاعات.
- نعم هنالك أمراض يعجز العالم عن علاجها والامثلة كثيرة... حتى عن تشخيصها.
- نعم هنالك أيضا مسؤولية، ومن العدل والعلم والمعرفة ان تحاسب هذه المسؤولية عند الاهمال أو الخطأ، امام مراجع مختصة علمية صادقة وذات خبرة عالية.
 
لكن... في هذا البلد التعيس، هنالك قيم انسانية زالت أو ازيلت عمداً. الانسان المعلم الطبيب عصام معلوف وراء القضبان.
 
والطفلة طنوس في رمال المصيبة والألم بينما المسؤولون الكرام لم يحركوا ساكناً ليس للدفاع عن عصام، بل لشرح علمي لما حدث فقط فقط ولتنوير الرأي العام ان حالة كحالة ELLA قد تحصل لأي كان... اذ ان ما اصاب ELLA حالة تمر امام اشهر الاطباء العالميين حيث يقف الاختصاصي مهزوماً امام بعض الفيروسات.
 
فكفى اغتصاباً لعقول الناس. كفى تشهيراً رخيصاً. كفى مجاهرة بالعلم والمعرفة فيما الجهل والضحك على الذقون هو الحاكم الأكبر.. جمهورية هواة.. الى اين نحن ذاهبون؟ وأين وزارة الصحة من كل ذلك؟

ليس عصام معلوف وراء القضبان وحده، بل كل اطباء لبنان. هم رهن التحقيق والتوقيف بتهمة المعرفة والعلم والتضحية والرقي لانهم آخر معقل محترم في جمهورية الهواة هذه.

الدكتور نبيل الطويل - النهار 12\6\2015

إرسال تعليق

 
Top