0
تجاوزت قوى الرابع عشر من آذار «البروفه» الأولى لانتخابات رئاسة الجمهورية يوم الأربعاء الماضي، موحدة استحقاق حضورها السياسي كفريق واحد، من خلال تبنّيها ترشيح رئيس حزب «القوات للبنانية» سمير جعجع، وتعمل على مواصلة مشاوراتها للذهاب نحو جلسة الأسبوع المقبل بموقف موحّد أيضاً لتبني على الشيء مقتضاه في المعركة التي تخوضها من أجل إنجاز هذا الاستحقاق وفقاً للدستور.

المعركة بالنسبة إلى 14 آذار هي معركة عدم الرضوخ لـ»حزب الله» وشروطه العلنية والضمنية، وفي التصويت لرئيس يحمي الدولة اللبنانية والسيادة، ويلتزم بخدمة لبنان ومصالحه ويحافظ على أمنه واستقراره، لا رئيس يلتزم تعهدات وتفاهمات بناها مع قوة قاهرة للدولة وللنظام السياسي الديموقراطي ومتمسّكة بسلاحه غير الشرعي.

على الرغم من ضبابية الصورة، والاحتمالات الصعبة التي لا تغيّب الاغتيالات السياسية أيضاً لخلط الأوراق وإدخال لبنان أبواب المجهول من جديد، كما في كل محطة انتخابات رئاسية جرت خلال الحرب الأهلية والتي تجلّت باغتيال رئيسي جمهورية في العام 1982 وفي العام 1989، على أمل فرض تسوية تخدم فريق «حزب الله» وتوجهاته، فإن 14 آذار مصرّة على لبننة الاستحقاق وعدم الدخول في الفراغ والذهاب موحّدة إلى ما بعد انتخابات الرئاسة أيضاً، من خلال إنشاء مجلس وطني منتظر منذ أكثر من أربع سنوات تتمثل فيه شخصيات من خارج فرقاء 14 آذار ممن صنعوا ثورتها في العام 2005، فكيف تحضّر 14 آذار نفسها لإنجاز الاستحقاق الرئاسي وكيف ستواجه التحديات المقبلة في هذا الملف؟

يرى منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق فارس سعيد في حديث لـ»المستقبل» أن «هذه القوى حقّقت انتصارات عدة ودفعة واحدة، خلال معركة انتخابات رئيس الجمهورية»، وبحسبه من أول هذه الانتصارات «أن كثيرين كانوا يراهنون على فرط عقد 14 آذار لمناسبة استحقاق رئاسة الجمهورية، وكثيرون كتبوا وقالوا إن 14 آذار فريق مصطنع اختزل عمله السياسي بلعبة السلطة، وبالتالي من الطبيعي أن يفترق أمام كل الاستحقاقات الوطنية، وراهنوا على فرط هذا العقد، ومن هنا فإن أول انتصارات هذا الفريق، بكونه واكب ويواكب استحقاق رئاسة الجمهورية موحداً وهو انتصار هائل له ولجمهوره».

أما الانتصار الثاني، فيحدّده سعيد «بقيام قوى 14 آذار بتوسيع مساحة اللبننة في هذا الاستحقاق، فما حصل في مجلس النواب في 23 الحالي كان مشهداً طالما انتظرناه منذ العام 1970 ربما، مشهداً لبنانياً بامتياز وعرساً للديموقراطية وخطوة باتجاه العبور إلى الدولة».

وثالث انتصارات فريق 14 آذار يتجلى كما يقول سعيد: «بتكريس المصالحة الإسلامية المسيحية التي بدأت مع استشهاد الرئيس رفيق الحريري والتي تجلّت في يوم 14 آذار 2005 والتي أصبحت اليوم، مع نوعية وأهمية الانتخابات التي حصلت، بشكل واضح إذ بدا الارتياح الإسلامي المسيحي داخل 14 آذار للخيار الذي اتخذته هذه القوى في المعركة الانتخابية».

ولا يوافق سعيد على القول بأن هناك لدى بعض فرقاء 14 آذار توجهات سياسية مختلفة، موضحاً «هذه ليست توجّهات مختلفة، بل منافسة انتخابية، فلا يختلف رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع عن الرئيس أمين الجميل أو عن الوزير بطرس حرب وربما عن النائب روبير غانم في التوجهات السياسية«.

المعركة ضرورية

من هنا، يجد سعيد بأن «استمرار هذه المعركة ضروري لوحدة 14 آذار ولأن دعم سمير جعجع ليس دعماً لشخصه ولا دعماً لفريق «القوات اللبنانية» بل هو دعم خيار سياسي، فنحن أمام خيار من اثنين، إما أن نخضع لـ»حزب الله» تحت وطأة السلاح، أكان من خلال البراغماتية السياسية أو بعد اغتيال سياسي لا سمح الله يفرضه «حزب الله» علينا، أو أن نواجه «حزب الله» بالآليات الديموقراطية ومن خلال ما سميناه في الماضي «المقاومة المدنية».

وعلى هذا الأساس، يعتبر سعيد أن «ترشيح جعجع خطوة حقيقية باتجاه المقاومة المدنية بوجه سلاح «حزب الله».

ويشدد على أن دعم جعجع في جلسة الانتخاب المقبلة من فريق 14 آذار مستمر «فلا لبس في هذا الموضوع ولا تراجع عن هذا الدعم، إلا إذا تبدّلت الظروف السياسية بشكل مختلف عن المشهد الذي نعيشه اليوم، فعندئذ نحن والدكتور جعجع سنكون في عملية الانتقال من مرشح إلى مرشح آخر، إنما اليوم، فإن لا مبرر أبداً للتخلي عن ترشيح جعجع».

لا أحد ينفي حاجة 14 آذار اليوم إلى أصوات الكتلة الوسطية التي يمثّلها رئيس كتلة «النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط، فهل تلجأ قوى 14 آذار إلى فتح القنوات معه؟ لذلك يعرب سعيد عن اعتقاده بأنه «في المعركة الانتخابية لا بد من التنسيق بين كل الأطراف، إنما المطلوب أيضاً ألا يتم التنسيق بالمفرق، على 14 آذار مجتمعة أن تنسق أعمالها الانتخابية مع وليد جنبلاط أو أن تنسق انفتاحاً انتخابياً على فريق آخر، 14 آذار التي انتصرت البارحة في 23 نيسان بوحدتها يجب ألا تضيع هذه الوحدة من خلال لا مركزية التفاوضات داخل 14 آذار، بل عليها أن تفاوض بشكل مركزي وأن يشارك الجميع بالمفاوضات القائمة مع أي طرف أكان اسمه وليد جنبلاط أو غير وليد جنبلاط».

ويوضح: «أنا أتحدث هنا عن كل فرقاء 14 آذار، فإن «طلع على بال» القوات اللبنانية مثلاً أن ترى «حزب الله» بمعزل عن 14 آذار، نرفض ذلك، وإن طلع على «بال» أي آخر رؤية جنبلاط بمعزل عن كل 14 آذار نرفض ذلك، طبعاً هناك اتصالات سياسية شخصية مباشرة تحصل بين طرف وآخر وإنما عقد الصفقات الانتخابية يجب أن يتم بشكل واعٍ وبعلم كل أطراف 14 آذار».

خلال الحديث مع سعيد، توقف أكثر من مرة أمام احتمال عودة الاغتيالات إلى الساحة اللبنانية، نستوضحه عما إذا كانت هناك تحذيرات أو معلومات يجيب: «لا»، لكنه يلفت إلى أن «هناك آلة قاتلة في لبنان، وهذه الآلة كلما تصل إلى مكان مقفل سياسياً، تنتقل إلى استعمال الاغتيال من أجل تبدّل الأوضاع. أنا اليوم، أخاف من الاغتيالات في الوسط المسيحي، إذا وصل «حزب الله» إلى قناعة بأن 14 آذار متماسكة وقوية ولها مرشح واجتازت هذا الامتحان الديموقرطي ومستمرة في بناء معركتها، أبدى في الوقت نفسه خشيته من اغتيالات سياسية في الوسط المسيحي، محذراً من هذا الموضوع».

للتعاطي بمعايير لبنانية

وعن قراءته لمواقف «حزب الله» من الاستحقاق الرئاسي، يجد سعيد أنه «لا يتعاطى مع هذا الاستحقاق بمعايير لبنانية ووطنية، بل بمعايير إقليمية فوق لبنانية ويربط هذا الاستحقاق مع استحقاق رئاسة الجمهورية في العراق على سبيل المثال، مع استحقاق الانتخابات في سوريا، ويعتبر أن انتصار نوري المالكي في العراق وإعادة التجديد لبشار الأسد في دمشق وانتخاب رئيس من 8 آذار في بيروت هو انتصار للمناخ الإيراني ولتثبيت القدرة الإيرانية على الإمساك بداخل الوطن العربي بكمية من الأوراق، وبالتالي لا يربط موضوع هذه الانتخابات بمعايير داخلية محلية كما نسعى نحن أن يكون عليه الوضع، وبالتالي فإن لبننة الاستحقاق هو استثناء وليس قاعدة، أما بالنسبة إلى «حزب الله» الذي صور المالكي في الضاحية الجنوبية دعماً لترشيحه لولاية جديدة في العراق، يؤكد أن هذا الحزب لا ينظر إلى استحقاق رئاسة الجمهورية اللبنانية بالعين نفسها التي ننظر بها».

لا يرى سعيد أن «14 آذار« تنتظر أجواء إقليمية معينة أيضاً أو تسوية ما تطبخ الرئيس اللبناني، «بل هي تقرأ ما يحصل و14 آذار برهنت من خلال ترشيح جعجع ودعم «تيار المستقبل» لهذا الترشيح أنها معركة وطنية لبنانية عابرة للطوائف تغلب المصلحة اللبنانية على المصالح الإقليمية وتغلب توسيع مساحة لبننة هذا الاستحقاق على مساحة التدخلات الاقليمية او الدولية بها». ويختم: «إذا دخلنا لا سمح الله إلى الفراغ بعد 25 أيار يكون هناك شبه استحالة لدى اللبنانيين في أن يكون لهم كلمة في من سيكون رئيساً للجمهورية اللبنانية».

26/4/2014  فاطمة حوحو - المستقبل

إرسال تعليق

 
Top