0
يتحوّل الصراع على المكاسب في وطن العجائب من السياسة الى القهر المجتمعي العام، في ظل كباش طال امده بين من يتّهم ومن يتّهم، والشعب يشاهد مسرحيّة هزلية أصبحت في الموسم الحالي نسخة متطوّرة عن المواسم العديدة السابقة وإن تغيّرت مواقع الهزليين من الساسة الّذِين ما زلنا نشاهدهم كما كانوا منذ أكثر من ثلاثين عاما: جزء من تاريخ ما يسمّى القضاء على شعب لبنان. فها هم ينتقلون من مواقع معارضة الى مواقع موالية، يربح البعض من هذا الفريق ويبدأ الاستهزاء بالفريق الآخر، والعكس صحيح، للأسف وبكل بساطة وسخافة، واللبناني يشاهد الرواية ذاتها منذ عقود ويساهم طوعاً بإستمرار العروض طالما لا يزال يقطع لهم تذكرة المرور الى الموسم اللاحق سلفا، اليس هو المصفّق دوما لهذا الفريق او لذاك، وإن أخطأ فريقه بحقه إتّهم الفريق الأخر او ردّ ذلك الى ما يسمى المحاور والضغوط الدولية التي وإن وجدت لن تستطيع المرور بسهولة لولا سذاجة الادوات الداخلية التي لا هم لها سوى تحصيل المكاسب والمغانم الآنية ولو كانت نهايتها في مزبلة التاريخ.
لقد شهدنا في بلاد العزة والعنفوان مشاهد التعذيب البطيء لشعب أصبح مع الوقت مخدّراً وغافلاً عن حقوقه الدنيا في العيش وعن المطالبة بحقوقه في وقت يطالَب بواجبات لا يأخذ جرّاء تطبيقها اي شيء مما يجعله مظلوماً في عقر داره وفي قلب وطنه ومن قبل سياسيين لديهم الجنسية اللبنانية ولكن من خلال الاداء والنتائج هم ليسوا لبنانيين.
فيا شعب لبنان المظلوم انتفض، فالظلم هو امر غير مريح وفيه يتعدّى الباطل على الحق وفيه انحراف عن العدالة وفيه نوع من الجور، فها هم ساستنا او الممثلين علينا، يكفّرون بعضهم البعض، ويتّهمون بعضهم البعض بالنفاق، ويلعنون بعضهم البعض، ومشاهد الرقي التي شهدناها في بعض مجالسهم تدعو للريبة والحذر من العدد الاكبر منهم، والاهانات التي تطالهم من كل حدب وصوب، وأحيانا الكلام المهين الخارج من بعض الابواق ليس سوى إنعكاس لما يحوى حامل هذا الكلام من الخصائص "الكبيرة" التي يحاضر بها.
يا شعب لبنان المظلوم، أي وعود حققها لك هذا الفريق أو ذاك، فها نحن عايشنا الفرقاء جميعا عندما كانوا معا وعندما كانوا كل على حدة، والوضع راوح مكانك، عفوا، يا ليتنا نراوح مكاننا، فنحن نهرول الى الوراء، الى القعر، بدل ان نتقدم الى الابداع، وستبقى البلاد اسيرة هذا الواقع طالما الظالمون كثر والمصفّقون أيضا، غير مدركين بأن الظلم يجلب النحس على الاوطان لا بل يدمّرها، وبما أن الظلم دليل على قسوة القلب، وعتمة النفس، واندثار الروح لا خير يرتجى من الظالم.
الظالمون في بلادي عديدون، يبيعون الكلام والوعود ولا نتائج في أرض الواقع، فيا شعب لبنان المظلوم لا تجعل المهزلة اللبنانية السياسية تستمر فصولاً أخرى، ألم تملّ هذا الواقع الوقح؟ الم يحن الوقت للإتيان بممثلين يواكبون الحداثة، ويعملون من أجلك؟ وفي ظل الفصول المحلية والعربية والإقليمية لن تنفع سوى الانتفاضة على الذات وعلى الظلم والظالمين لإحقاق الحق، هكذا فقط يبقى لبنان ولا يموت.. ولن يموت!

د. عصام ي. عطالله
أستاذ جامعي، باحث وكاتب
ليب تايم - الثلاثاء - 18 أيار 2021

إرسال تعليق

 
Top