0
بعد ثلاثة أيام على بدء الاقفال العام الرابع منذ آذار من العام الماضي، اكتسب الواقع الوبائي والصحي والاستشفائي في لبنان الطابع الكارثي بكل ما للكلمة من معنى بحيث بات السؤال الكبير المطروح هو: هل نصل في وقت قصير الى قرع جرس الاستعانة بالأمم المتحدة او بجهات دولية لاعلان الاعانة الانقاذية العاجلة للبنان من الكارثة نظرا لعجز سلطاته عن مواجهة العاصفة؟
الجواب التقليدي على هذا التساؤل يأتي على السنة الوزراء والمسؤولين المعنيين بأن الدولة تقوم بأقصى ما يمكنها وبأن المسؤوليات الضخمة يتحملها الناس الذين يستهترون بالإجراءات وبأن الاجتياح المخيف بالإصابات في الأيام الأخيرة هو نتيجة التفلت المخيف في فترة الأعياد وبأن المستشفيات الخاصة تخوض معركة معاندة مع وزارة الصحة ولا تستجيب لمتطلبات الحالة الكارثية.

وعلى رغم وجود عوامل عدة صحيحة في مضمون هذه التبريرات، فان ذلك لن يقلّل الخطورة الكبيرة التي رسمت صورة لبنان كبلد يتقدم لائحة البلدان الأكثر كثافة في الإصابات بكورونا، علما أن سياسات سلطاته حيال مواجهة الكارثة تتسم بالقصور الذي تدّلل عليه الإجراءات المجتزأة في الاقفال الذي يتحوّل شكلياً في الكثير من المناطق تحت وطأة عدم التشدد الشامل في ضبط المخالفات من جهة والعجز عن حل المشكلة مع المستشفيات الخاصة من جهة أخرى.

وفيما اجتاحت الأنباء عن لجؤ أكثر المستشفيات أمس ولا سيما منها الحكومية الى معالجة المصابين بكورونا في مواقف السيارات بعدما عجزت عن استقبال الأعداد المتزايدة من المصابين، تعاظمت المخاوف من نموذج لبناني كارثي، يتجاوز النموذج الإيطالي أو سواه، للواقع الاستشفائي بما يثير فعلاً التساؤل عما تراهم يفعلون المسؤولون الكبار أمام هذا الهول والى متى المعالجات تجري بهذه الطريقة البائسة والفاشلة، فيما يسجل المعدل اليومي للاصابات قفزات مجنونة ويقفز السقف فجأة من أكثر من ألفي أصابة بقليل الى أكثر من خمسة آلاف في غضون يومين فقط!

ولذا عاد الحديث سريعا أمس عن ضرورة إعادة النظر في قرار الاقفال وإلغاء كل الاستثناءات فيه وإعلان مرحلة إقفال متشددة للغاية ضمن حالة طوارئ هذه المرة بمنع تجول كامل ووضع خطة إنفاق مالية عاجلة وإرغام المستشفيات التي لا تزال تتمنع عن فتح الأجنحة الضرورية لاستقبال المصابين. وجاء ذلك على وقع صعود ناري إضافي لعداد كورونا الذي سجل أمس 5414 إصابة و20 حالة وفاة.

وأكّد وزير الصحة في حكومة تصريف الاعمال حمد حسن أنّ نتائج الإقفال الشامل والكامل أفضل، كاشفًا "أننا قد نلجأ اليه إذا لم يحدث أي تجاوب مع المستشفيات الخاصة لكن من يُطعم اللبنانيين؟. وشدّد حسن على أن "على المواطنين أيضا المساعدة والامتناع عن التوجه لأي مكان إن لم يكن هناك حاجة." وأشار إلى أنّ "هناك ضوابط يجب التزامها في موضوع تأمين اللقاح ونحن لم نقفل الباب أمام الشركات الأخرى، واليوم أمامي 3 معاملات لشركات لقاحات مختلفة فنحن لا نترك أي وسيلة لتأمين لقاح يحقق الفعالية، والمشكلة اليوم ليست بتأمين اللقاح وإنما بالأعداد القياسية التي تُسجل اليوم نتيجة فترة الأعياد"..

من جهته، أوضح المكتب الإعلامي لوزير السياحة والشؤون الإجتماعية في حكومة تصريف الاعمال رمزي المشرفية في بيان، إن نسبة الإستثناءات المقرّرة في القرار المذكور أعلاه، هي نسبة أقل بكثير من تلك الممنوحة في الدول الأوروبية والعربية وغيرها من الدول، والتي يزيد عدد الإصابات والوفيات اليومية فيها عن عددها في لبنان. وأضاف: "بناءً على كل المعطيات والنتائج التي ستظهر تباعاً نتيجة الإقفال العام، ستتخذ اللجنة الإجراءات والتعديلات المناسبة في الإجتماعات المقبلة".

في المقابل، سأل نقيب الأطباء شرف أبو شرف: "أين المستشفيات الميدانية التي نسمع بها فقط؟"، داعياً الى فتح المجال للقاحات بات معترفاً بها عالمياً وعدم الاعتماد فقط على لقاح واحد، مضيفاً أن "هناك لقاحات من الأسهل حفظها وتوزيعها، وهناك قطاعات خاصة مستعدة لجلب هذه اللقاحات الى لبنان ويجب دعمها لا وضع العصي في الدواليب، وفي انتظار ذلك لا حلّ سوى بالاقفال التام، فاذا طارت الصحة طار الاقتصاد".

على الصعيد السياسي لم يسجل أي تطور غداة تجدد التوتر في العلاقات بين بعبدا وعين التينة. وغرّد أمس أمين عام كتلة التنمية والتحرير النائب أنور الخليل مصعداً نبرته عبر "تويتر" متوجهًا الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بالقول: "متى السيد رئيس الجمهورية توقف محاولاتك المستمرة خرق الدستور؟ الجديد منها طلبك المجلس الدستوري تفسير الدستور وأنت تعلم أكيداً أن تفسير الدستور منوط بمجلس النواب لا غيره. محاولاتك السيد الرئيس اختلاق صلاحيات لكم ولغيركم هي هرطقة دستورية. كفاكم استهتاراً بالدستور رحمة بالبلاد والعباد".

وردّ مستشار رئيس الجمهورية سليم جريصاتي على تغريدة الخليل. وقال في تصريح: "حرام أن تستكتبوا الشيخ الجليل أنور ما هو جاهله في الدستور وما لا يرغب فيه من اتهام الرئيس في خرقه، فيندفع من ثم إلى الاعتذار والتبرؤ بالواسطة. حافظوا على وقاره".
 
 الاحد 10 كانون الثاني 2021
 
 

إرسال تعليق

 
Top