0
استنفار على الحدود الجنوبية وخروقات "مدنية" ذهابا وإياباً خلال الساعات الـ48 الماضية، ‏أما في الداخل فاسترخاء إلى حد الشلل في مفاصل الدولة تفرضه طبقة قابضة على السلطة بقوة ‏التعطيل والسلبطة، حتى بات المركب اللبناني يسير بغير هدى تتلاطمه أمواج الأزمة، بينما ‏ربابنته تحوّلوا إلى قراصنة خلف دفة المسؤولية يمتهنون قطع كل حبل نجاة يلوح في الأفق. ‏
غادر المبعوث الرئاسي الفرنسي باتريك دوريل إلى بلاده بعدما أعيته حجج المعطلين وذرائع ‏المعرقلين وقلّة حيلة المؤلّفين، أمهلهم حتى نهاية الشهر وسيضع خلال الساعات المقبلة ‏الرئيس إيمانويل ماكرون في حصيلة زيارته اللبنانية، في وقت ستكون "الخيارات اللبنانية" ‏ظهر اليوم أيضاً على طاولة التقاطعات الفرنسية - الأميركية خلال اجتماع ماكرون بوزير ‏الخارجية مايك بومبيو عشية انطلاق الأخير في جولة شرق أوسطية‎.
‎ وتوقعت مصادر ديبلوماسية أن يثير بومبيو مع ماكرون جدوى سياسة العقوبات التي تفرضها ‏الولايات المتحدة على عدد من السياسيين اللبنانيين المتهمين بالفساد وتعطيل مشروع الإصلاح ‏وقيام الدولة في لبنان، لكنها شددت في المقابل على أنّ باريس لا تزال تراهن على إمكانية ‏إحداث كوة في جدار الأزمة اللبنانية من دون اللجوء إلى فرض عقوبات فرنسية وأوروبية، ‏مشيرةً إلى أنّ باريس وإن كانت تسعى على مستوى الملف الحكومي إلى استنفاد كل الخيارات ‏المتاحة لحث المسؤولين اللبنانيين على التأليف، لكنها قد تلجأ في حال استمرار تسويف ‏التحقيقات وتمييع المسؤوليات الرسمية وغير الرسمية في قضية انفجار المرفأ إلى "تدويل" ‏التحقيق لضمان كشف المسؤولين بشفافية مطابقة لمعايير العدالة والمحاسبة الدولية‎.
‎ وكشفت المصادر أنّ "المفاجأة الكبرى" في هذا المجال قد تتمثل بإعلان نتائج تحقيق الفريق ‏الفرنسي المتخصص الذي كُلف بتقصي المسببات والمسؤوليات في انفجار مرفأ بيروت، ولم ‏تستبعد أن يستتبع ذلك تحميل المسؤولية إلى عدد كبير من السياسيين الحاليين والسابقين، بما ‏يشكل أرضية قانونية صلبة أمام المتضررين لطلب محاكمة من يُشتبه في ضلوعهم مباشرةً أو ‏بشكل غير مباشر بالانفجار أمام المحاكم الفرنسية، حيث تسلك القضية مسارها القضائي ربطاً ‏بسقوط فرنسيين في عداد ضحايا تفجير 4 آب‎.
‎ و"أمام الإستهتار بصرخة الشعب الجائع وجراح بيروت المنكوبة من دون أن تحرّك الدولة ‏ساكنًا، وأمام إلحاح الدول الصديقة على تشكيل حكومة جديدة والشروع بالإصلاحات"، طرح ‏البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي أمس "أسئلة مصيرية" عما إذا كان "هذا التمادي ‏في التعطيل جزءاً من مشروع إسقاط دولة لبنان الكبير لوضع اليد على مخلّفاتها"، متوجهاً إلى ‏‏"المعطّلين المتمادين من مختلف الأطراف" بالتحذير من مغبة الاستمرار في استباحة ‏‏"الدستور والميثاق والهويّة" والتشديد على وجوب الإسراع في تشكيل "حكومة مستقلّة بكامل ‏وزرائها لا بقسم منهم‎".
‎ وليس بعيداً عن خشية الراعي، رأى رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع أنّ "المشكلة ‏في البلاد تكمن في طريقة إدارة الدولة وجوهر المشكلة أكبر بكثير"، منبهاً إلى وجود "خطة ‏جدية من قبل من يسمون أنفسهم بمحور المقاومة للسيطرة على لبنان". وأعرب جعجع عن ‏أسفه لكون رئيس الجمهورية ميشال عون "لم يوقّع حتى اللحظة على مرسوم إنهاء خدمات ‏المسؤولين الرئيسيين في المرفأ"، بينما في الملف الحكومي "الرئيس المكلف سعد الحريري ‏يحاول اليوم منفرداً تحسين نوعية الحكومة العتيدة (...) لكن أحد المتحالفين مع محور ‏المقاومة وهو الوزير جبران باسيل الذي فُرضت عليه عقوبات أميركية، يريدون التعويض ‏عليه بإعطائه مكاسب في الحكومة ما أدى إلى تعطيل التشكيل‎".
‎ توازياً، كشفت مصادر مواكبة للملف الحكومي لـ"نداء الوطن" أنّ "الرئيس المكلف سينتظر ‏ليتبيّن خلال اليومين المقبلين هل طرأ تغيير في موقف فريق الرئاسة الأولى ورئيس "التيار ‏الوطني الحر" إزاء تسهيل مهمة تشكيل الحكومة بناءً للالتزامات التي تلقاها الموفد الرئاسي ‏الفرنسي من سائر الفرقاء السياسيين ولا سيما منهم عون وباسيل، ليقرر في ضوئها الموقف ‏الذي سيتخذه‎".
‎ وتوقعت المصادر أن يعمد الحريري وفق ما سيستخلصه من معطيات إلى تقديم مسودة ‏تشكيلته الحكومية لرئيس الجمهورية منتصف الاسبوع الجاري ليبني تالياً موقفه النهائي ‏بالارتكاز إلى مدى التجاوب الذي سيلقاه من عون‎.
 
نداء الوطن - 16 تشرين الثاني 2020

إرسال تعليق

 
Top