0
ما يمكن استخلاصه بوضوح من اللقاء الأول بين الرئيس المكلف تشكيل الحكومة مصطفى اديب والمعاونين السياسيين لرئيس مجلس النواب النائب علي حسن خليل والأمين العام لـ"حزب الله" حسين الخليل بعد يومين من اطلاق الرئيس سعد الحريري مبادرته، ان لا اقتراب بعد من انفراج حكومي جدي، وان الثنائي الشيعي لم يبدل حرفاً في شروطه لتسهيل تشكيل الحكومة وتمسك اكثر بفرض تسميته لوزير المال الشيعي والوزراء الشيعة الآخرين. 
وفي ظل ذلك فان ما بدأ امس يندرج في اطار كباش التفاوض الأخير على الأرجح الذي يصعب ان تطول مدته اكثر من مطلع الأسبوع المقبل، فإما تمضي الأمور الى فتح ثغرة في جدار المعاندة التي يرفعها الثنائي، واما ستكون الازمة امام منقلب شديد السلبية. ولعل ما رسم علامات الاستغراب الشديد في مواكبة بدء التفاوض بين الرئيس المكلف والخليلين هو ان الثنائي تصرف من منطلق اعتبار تنازل الحريري في ما خَص اسناد حقيبة المال الى شيعي لمرة واحدة كأنه مكسب له ولم يبادله باي تنازل مقابل، بدليل ان ممثليه حضرا الى لقاء الرئيس المكلف وفي جيب النائب علي حسن خليل ورقة دون عليها أسماء عشرة مرشحين لوزراء المال اختارهما الثنائي ليختار منها اديب اسما بما يعني عمليا ان الثنائي ماض في إقامة هذا المتراس الاشتراطي لمنع ولادة الحكومة او اختبار المدى الأقصى الذي يمكن ان يصمد عبره الرئيس المكلف في كباش التفاوض الذي انطلق امس.
وكان اللقاء بين أديب والخليلين الذي عقد في الرابعة بعد ظهر امس استمر نحو ساعة تضاربت على اثره المعطيات بين هبات تفاؤل وهبات تشاؤم حيال امكان ان يشكل بداية فتح ثغرة في جدار الانسداد الذي يحكم عملية تأليف الحكومة. وقيل في البدايات ان اللقاء اقتصر على التشاور، ولكنه لم يبت موضوع الجانب الذي يسمي وزير المال ما دامت طائفته حسمت وستسند الحقيبة الى شيعي بعد مبادرة الرئيس الحريري. واقترن ذلك بالتأكيد انه اتفق على استمرار التواصل بين أديب والخليلين.
ومن المرتقب ان يزور الرئيس المكلّف ظهر اليوم رئيس الجمهورية للتشاور في التشكيلة الحكومية على ضوء ما تمت مناقشته مع الخليلين.
وعلم ان رئيس الجمهورية هو من بادر الى الاتصال بالرئيس المكلّف مصطفى اديب قبل استقباله الخليلين واتفق معه على ان يلتقيا للبحث في عملية التأليف.
كما علم ان اللقاء بين اديب والخليلين رتب باتصال اجراه علي حسن خليل بالرئيس المكلف. وكان خليل يحمل معه لائحة من عشرة اسماء كمرشحين ليختار منها الرئيس المكلف اسماً لتولي حقيبة المال الا ان الرئيس المكلف تحفٌظ عن تسلمها.
وبما انه لم يبت بمن يسمي الوزراء بقيت هذه اللائحة مطوية. ولذلك قالت المصادر ان للبحث صلة، والمسألة قد تحتاج الى اجتماع آخر.
وكشفت المصادر ان الخليلين تمسكا بتسمية "امل وحزب الله" وزرائهما، فطلب اليهما الرئيس المكلّف التريث واعطاءه وقتاً للتفكير. واذا حسم موضوع التسمية في اجتماع عون واديب اليوم، فقد يعقد اجتماع آخر بين اديب والخليلين. كما ان تثبيت حقيبة المال للطائفة الشيعية من شأنه ان يعيد النظر بمبدأ المداورة وما اذا كانت مستمرة باستثناء المال ام انها ستسقط نهائياً ويعود كل طرف ليتمسك بحقيبته.
وتقول مصادر بعبدا ان رئيس الجمهورية لا يطالب بحصة ولا يدخل بمحاصصة، وعندما يعرض عليه الرئيس المكلف تشكيلته سيكون له رأي فيها وبوحدة المعايير في تأليفها لاسيما ما خص حقوق المكونات في التمثل في الحكومة. وقالت المصادر تعليقا على اتصال عون باديب امس ان التواصل بينهما امر طبيعي خصوصاً انهما شريكان بتشكيل الحكومة، ووضع خلاله اديب الرئيس عون في اطار الاتصالات الحاصلة على صعيد التأليف. ورأت المصادر ان هناك توجها الى المزيد من الحلحلة ولكن عمليا لم يستجد اي شيء ملموس.
تمايزات
وعلى رغم عدم بروز معطيات متقدّمة أو ايجابية يمكن أن تشير الى اقتراب ولادة الحكومة عن اللقاء الذي جمع الرئيس المكلّف مع موفدي الثنائي، أكّدت معطيات "النهار" أنّ حركة مشاورات أديب مستمرّة على مقلبي الرئاسة الأولى من جهة و"الثنائي الشيعي" من جهة ثانية، بغية الدفع في عملية التأليف وتذليل أي عقبات يمكن أن تظهر فجائيّاً بما يؤدي إلى ولادة حكومة في وقت قريب. 
وأشارت المصادر إلى أنّ الأربع والعشرين ساعة الماضية التي سبقت اللقاء، شهدت تمايزاً واضحاً بين موقف حركة "أمل" التي أبدت ايجابية ملحوظة في موقفها، في وقت لم يعكس "حزب الله" أي معطى مرحّب بالمبادرة التي أطلقها الحريري، مبدية خشيتها من أن تشهد الساعات المقبلة بروز عراقيل جديدة أو دخول مزيد من اللاعبين على الخطّ. 
ونفت المصادر المواكبة لعملية التأليف الأسماء التي عادت تروّج مجدّداً على أنّها مقترحة للتوزير من ضمن تشكيلة الرئيس المكلّف، مع تأكيد عدم تسريب أيّ اسم حتى اللحظة وعلى أنّ ما يتناقل من أسماء وزراء سابقين مقترحين للتوزير مسألة عارية من الصحّة وما يحصل هو عملية رمي أسماء ترويجيّة غير دقيقة، باعتبار أنّ مسوّدة أديب لن تضمّ أسماء وزراء أو نواب سابقين أو حاليين أو وجوهاً خسرت في الانتخابات. ويأخذ أديب في تشكيلته المؤلفة من 14 وزيراً اعتبارات توزيع الحقائب السيادية والخدماتية والعادية.
هيل ولبنان مجددا
وسط هذه الأجواء برزت مواقف أميركية جديدة من الوضع في لبنان اعلنها وكيل وزارة الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ديفيد هيل خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ الأميركي في واشنطن. 
واعلن هيل ان الولايات المتحدة مستعدة لتقديم المساعدات الى لبنان عندما يلتزم القادة السياسيون فيه التغيير. وقال هيل ان ايران تقدم 70 مليون دولار من وارداتها من النفط الى "حزب الله" الذي يهدد امن لبنان. واكد ان الولايات المتحدة ستستخدم نفوذها لمعاقبة من يعاونون "حزب الله" وانها مستمرة في سياسة فرض العقوبات على ايران الى ان تغير سلوكها.
 
النهار - 25 ايلول 2020

إرسال تعليق

 
Top