0
من صباح اليوم الاثنين الى مساء غد الثلثاء سيُصبِح الحدث اللبناني في مكان آخر طال ‏انتظاره منذ 15 عاما حين اهتز لبنان والمنطقة باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ‏ورفاقه في 14 شباط 2005.
كل الأنظار ستشخص غدا الى المحكمة الدولية الخاصة بلبنان ‏التي ستلفظ حكمها في جريمة العصر التي أودت بالحريري والتي استوجبت إحالة الجريمة ‏على القضاء الدولي. 
وإذ يتوجه نجل الشهيد ووارثه السياسي الرئيس سعد الحريري اليوم ‏الى لاهاي مع وفد يرافقه لحضور جلسة النطق بالحكم فان الحدث سيغدو مزدوجا عقب ‏اعلان الحكم اذ سيكون للحريري الابن موقف يتسم بأهمية بارزة ومفصلية سواء فيما يتصل ‏بحيثيات الحكم كما سيصدر او بموقف الحريري ودلالاته وأبعاده التي ترصدها مختلف ‏الأوساط الداخلية والخارجية .
أهمية الحكم لا تقف فقط عند حدود الإدانة المرتقبة ما لم ‏تكن هناك مفاجأة كبيرة للمتهمين الأربعة في الجريمة من "حزب الله" وما سيتركه ذلك من ‏تداعيات عميقة واكثر اثرا بكثير مما حاول الأمين العام للحزب التقليل منها في كلمته ‏الأخيرة بل تتمدد هذه الأهمية الى تداعيات توقيت الحكم وتزامنه مع احتدام لحظة داخلية ‏شديدة التأزم عقب الانفجار الزلزال الذي ضرب مرفأ بيروت ووضع لبنان امام واقع غير ‏مسبوق من الخطورة استعاد معه الاهتمام الدولي المتعدد القطب. 
ومع ان ترقب صدور ‏الحكم في اغتيال الحريري سيشكل الاختراق الكبير المتوقع للحظة التحركات الدولية ‏والمحلية الكثيفة التي طبعت المشهد اللبناني منذ أنفجار 4 آب فان معظم الاهتمام سيتركز ‏على رصد الأثر القوي والمباشر للحكم وتاليا الموقف الذي سيتخذه الرئيس سعد الحريري ‏منه على مجريات استحقاق تشكيل الحكومة الجديدة تكليفا وتأليفا بعد مرور الساعات ‏الثماني والأربعين المقبلة. 
ذلك ان مجريات الاستحقاق الحكومي بدت عالقة على جمود ‏كبير يخشى ان يتمدد لفترة غير قصيرة مع عدم بروز أي عوامل جدية بعد من شأنها بلورة ‏الاتجاهات الجدية للتكليف أولا والتوافق على طبيعة تركيبة الحكومة علما ان بعبدا عاودت ‏العزف كما في تجربة تشكيل الحكومة المستقيلة على اشتراط اكتمال كل التفاهمات ‏المسبقة على التكليف والتأليف قبل تحديد مواعيد الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية ‏الشخصية التي تحظى بأكثرية النواب لتأليف الحكومة الجديدة . وإذ لا تبدو الأيام المقبلة ‏على الأقل مرجحة لتحديد مواعيد الاستشارات فان كل الأنظار ستكون مشدودة لرصد نبرة ‏الرئيس سعد الحريري ومضمون موقفه بعد صدور الحكم غدا لان كثيرين سيربطون ما ‏يتردد عن عودته الى رئاسة الحكومة الجديدة بتداعيات الحكم فضلا عن أمور كثيرة جوهرية ‏أخرى يبدو ان الحريري ليس في وارد المساومة حيالها وتشكل شروطا ثابتة له للعودة والا ‏لن يقبل بهذه العودة . 
ولذا اكتسبت زيارة السفير السعودي وليد بخاري لبيت الوسط مساء ‏امس ولقائه الرئيس الحريري عشية توجهه الى لاهاي بعدا بارزا عبر عن تعمد إظهار السفير ‏السعودي الأهمية الكبيرة التي تعلقها على صدور الحكم وما سيتركه من انعكاسات داخلية ‏وخارجية . وعبر السفير السعودي عن ذلك بقوله "نؤكد وقوف المملكة التام وتضامنها مع ‏الشعب اللبناني الشقيق وجميعنا نترقب ساعة النطق بالحق والحقيقة من محكمة دولية ‏بحجم الشهيد رفيق الحريري . العدالة الإلهية ستنتصر لدم الشهيد رفيق الحريري ورفاقه ‏وتضع لبنان على خارطة تحقيق السلم الدولي"..
 
النهار - 17 اب 2020‎

إرسال تعليق

 
Top