0
لم تكن التعيينات التي تجاوزت مهلها بمدد طويلة لأعضاء مجلس الإدارة الجديد لمؤسسة ‏كهرباء لبنان لتثير ردوداً ساخطة أو سلبية لو عرفت الحكومة ووزارة الوصاية على الكهرباء، ‏أي وزارة الطاقة كيف ومتى وبأي ظروف ملائمة إقرارها وإمرارها وبعيداً من آفة ‏المحاصصة السياسية والحزبية، ولو حافظت على التوازنات الطائفية. لكن شيئاً من هذا لم ‏تراعه الحكومة أمس، بل جاء إقرار التعيينات مطابقاً فقط لكل ما يمكن أن يثبت أن مسار ‏الاصلاح الحقيقي يتعرّض لطعنات متعاقبة على مذبح التسلّط والتمسّك بالقطاعات ‏الأساسية كالكهرباء باعتبارها "مكاسب" خاصة بل إقطاعات سياسية، علماً أن كارثة الكهرباء ‏في كل ما يتصل بأزمتها المالية وواقعها الخدماتي المتدهور تتصدّر الأسباب الكبرى ‏للإنهيار الحاصل في البلاد. وما زاد الطين بلّة، تمثّل في تمرير محاصصة تعيينات مجلس ‏إدارة مؤسسة كهرباء لبنان في ذروة أزمة العتمة، والتقنين الذي بلغ حدود قطع التيار ‏الكهربائي عن مستشفيات وخدمات حيوية للغاية فيما تصاعدت أزمة تزوّد الفيول عقب ‏الإدارة السيئة لهذا الجانب من أزمة الكهرباء‎.‎
وإذا كانت الحكومة حرصت على إحاطة هذه الخطوة بضجيج مفتعل من خلال الهجوم ‏التقليدي الباهت على المعارضين والذي صار أشبه بلازمة مملّة يردّدها رئيس الوزراء ‏حسان دياب في كل جلسة لمجلس الوزراء، فإن ذلك لم يحجب تصاعد الانتقادات لمسار ‏المحاصصات من داخل الصف الموالي للحكومة نفسها حيث صدرت مواقف تتساءل عن ‏‏"الآلية السرية" للتعيينات كما صدرت مواقف مندّدة بسياسة وزير الطاقة نفسه‎.‎ ‎
ولأن الحكومة استشعرت في نفسها القوة المتجدّدة بعد قرار تعويمها ورهاناً منها على ‏الدعم الذي حظيت به من الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في كلمته ‏المسائية بعد ساعات من جلسة مجلس الوزراء، مرّرت الحكومة صفقة التعيينات بسرعة ‏وسلاسة في مستهل الجلسة وعيّن المجلس أعضاء مجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان ‏كالآتي: طارق عبدالله (سني)، حسين سلوم (شيعي)، سامر سليم (درزي)، كريم سابا ‏‏(اورثوذكسي)، حبيب سرور (كاثوليكي)، شادي كريدي (ماروني). ومع تعيين الأعضاء الستة، ‏أفادت مصادر وزارية أن كمال حايك سيبقى راهناً رئيساً ومديراً عاماً لمؤسسة كهرباء لبنان، ‏علماً أن النظام المعمول به في المؤسسة ينصّ على تعيين ما بين ثلاثة وسبعة أعضاء، ‏على أن يعيَّن منهم الرئيس والمدير العام، وقد يتوزّع المنصبان على إسمين أو يكونان من ‏نصيب إسم واحد كما هو الحال مع حايك. وأرجأ المجلس تعديل قانون الهيئة الناظمة ‏لقطاع الكهرباء بعدما عرضه وزير الطاقة وسجل الوزراء ملاحظاتهم عليه. كما أرجأ بت ‏ملف قبول استقالة المدير العام لوزارة المال ألان بيفاني وسيطلب منه الحضور إلى ‏مجلس الوزراء الاسبوع المقبل لشرح أسباب استقالته قبل بتها. وأرجأ أيضاً بت التعاقد مع ‏شركة التدقيق الجنائي المالي‎.‎ ‎
وكان رئيس الجمهورية ميشال عون شدّد على ضرورة السير بالتدقيق المالي المركز "لأنه ‏يشكل عاملاً أساسياً لدراسة الوضع المالي والنقدي في مصرف لبنان، وأيضاً لما له من ‏أهمية في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي".. ‎
وقال رئيس مجلس الوزراء حسان دياب: "على رغم الدخان الأسود الذي يصرّ البعض على نشره في ‏البلد لقطع الطرق وتلويث كل شيء وتسميم رئات الناس ومحاولة تسميم أفكارهم، إلا أن ‏الأمل موجود بالخروج من الأزمة الخانقة". وأضاف: "خطة دعم السلة الغذائية التي ستُعلن ‏اليوم هي حجر الزاوية في معالجة أزمة ارتفاع الأسعار، ويجب أن تكون نتائجها سريعة، وأن ‏تكون المتابعة دقيقة وعلى مدار الساعة، لعدم إفشالها ومنع التجار من تشويه هدفها… ‏رهاننا على قوة إرادة اللبنانيين وعلى نجاح خطة الحكومة وعلى دعم ومؤازرة إخوة من ‏الدول العربية رفضوا التخلي عن لبنان". وأضاف: "أستطيع القول اليوم إن هناك بصيص ‏أمل يكبر، وأعتقد أنه خلال أسابيع سيلمس اللبنانيون نتائج الجهد الذي قمنا به خلال الفترة ‏الماضية".. ‎
ولعل المفارقة الأخرى التي تزامنت مع الجلسة، تمثلت في إطلاق قطاع المستشفيات ‏الإنذار الأكثر خطورة حيال اقتراب خطر توقف هذا القطاع عن تقديم الخدمات بعد أسابيع ‏في ظل تفاقم أزمته المالية. وصرح نقيب المستشفيات في لبنان سليمان هارون في ‏مؤتمر صحافي بأن "المستشفيات لم تعد قادرة على الاستمرار في تكبّد الخسائر الكبيرة ‏الناتجة من التفاوت الكبير بين كلفتها التشغيلية والتعرفات المعمول بها حالياً، خصوصاً أن ‏الجهات الضامنة الرسميّة تضع فواتيرها بالليرة اللبنانية على أساس سعر صرف الدولار ‏بـ1500 ليرة، في حين يواصل الدولار ارتفاعه الجنوني والبعض يحدّثنا عما يفوق الـ 10 آلاف ‏ليرة وأحياناً أكثر". وقال: "أطلعنا جميع المسؤولين على هذه الوقائع مقدمين الحلول ‏الممكنة والتي هي حق مشروع للمستشفيات، إلا أننا لم نلمس أي خطوة إيجابية مقبولة ‏تساعدنا على البقاء، لذلك نحن مرغمون على حصر استقبال المستشفيات فوراً للحالات ‏الطارئة فقط ولا سيما غسل الكلي والعلاج الكيميائي والحالات التي تهدد حياة المريض. ‏كما ننبه الى أن عدم إيجاد الحلول من الحكومة سيؤدي بكل تأكيد الى إقفال شبه تام ‏لمعظم الأقسام في المستشفيات خلال مهلة لا تتجاوز ثلاثة أسابيع كحد اقصى".. ‎
السلة الغذائية المدعومة ‎
ومساءً عقد دياب اجتماعاً مع وزراء المال غازي وزني والاقتصاد راوول نعمة ‏والصناعة عماد حب الله والزراعة عباس مرتضى وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ‏خصص لإعلان السلة الغذائية المدعومة الموسعة. وأفاد حاكم مصرف لبنان أن "سعر ‏الـ1500 ليرة (للدولار الأميركي) يبقى ساريًا للمحروقات والقمح والمستلزمات الطبية فهو ‏يساهم في الحفاظ على القدرة الشرائية لأنه يستخدم في تسديد القروض". وقال إن ‏‏"المصرف المركزي سيحاول توحيد الأسعار على 3900 ليرة لبنانية وهذا يطبق على ‏الصرافين والاستيراد ومصرف لبنان لا علاقة له بالسوق السوداء". وذكر ان "البنك المركزي ‏لديه 20 مليار دولار متاحة من العملة الصعبة"..
وأوضح وزير الإقتصاد ان هدف دعم السلة الاستهلاكية الموسعة هو تأمين أكثرية المواد ‏الأساسية للمواطن بسعر منخفض وزيادة القدرة الشرائية لديه، وتم عقد الاجتماع من أجل ‏دعم السلع، والهدف تغطية 80 % مما يستهلكه المواطن في المتاجر، الى جانب دعم مواد ‏مستوردة". وقال نعمه إن "دعم المواد يشمل 300 سلعة أساسية منها اللحوم ومشتقاتها ‏ومنتجات دهنية وخضار وبذور ومكسرات وحليب وشاي وقهوة ودواجن وغيرها، وسعر ‏الدعم سيكون على سعر صرف 3900، ولكن ستكون السلع مدعومة 100 في المئة، ونحن ‏ننتظر إنخفاض الأسعار بعد الدعم وسنقوم بالمراقبة والملاحقة القضائية للتجار أو ‏الموزعين في حال التلاعب"..

النهار - 8 تموز 2020

إرسال تعليق

 
Top