0
كأنّ القيمين على صندوق النقد بدأوا يسأمون من التعاطي مع حكومة حسان دياب ويستخسرون الوقت الضائع في النقاش العقيم معها… فهي إذ أثبتت جدارتها في شيء، ففي قدرتها الاستثنائية على المراوغة والمناورة وامتهان حرفة "اللف والدوران" والتردد وعدم الجرأة على اتخاذ القرار، وبأدائها هذا أقنعت الداخل والخارج على حدّ سواء بكونها مجرد "أذن طرشاء" تديرها السلطة لمطالب ثورة 17 تشرين ولنصائح المجتمع الدولي بضرورة الإصلاح والإسراع في تصويب مسار مالية الدولة، وما حقل التجارب الفضائحي الذي خاضته أمام الرأي العام في معامل الكهرباء والتعيينات الإدارية والمالية وغيرها من الملفات سوى مؤشر يعمّق اليقين بعدم جدوى الرهان عليها في مهمة إنقاذ اللبنانيين.
ولأن حكومة دياب بيّنت للقاصي والداني تبعيتها للقوى السياسية وعجزها عن مجاراة دفتر الشروط الإصلاحي الذي وضعه صندوق النقد أمامها، بات المتحدثون باسم الصندوق يبادرون إلى إصدار مواقف شبه يومية تجدد التشديد على ضرورة إجراء "إصلاحات شاملة في مجالات عديدة وفق نظرة توافقية ومشاركة مجتمعية وتشخيص مشترك لمصدر الخسائر المالية"، لترضخ في نهاية المطاف إلى حتمية وقف سياسة التعنت والعناد في كباشها مع المصرف المركزي والمصارف حول أرقام خسائر الدولة، فسلّمت أمس بما توصلت إليه لجنة تقصي الحقائق النيابية في هذا المجال، بينما تبقى مراوحتها في الإصلاح هي العائق الأساس أمام فتح باب المساعدات الدولية للبنان وسط تأكيدات جازمة نقلتها مصادر على تواصل مع فريق صندوق النقد المفاوض بأنّ "مفتاح الحل الوحيد في الأزمة النقدية اللبنانية هو الإصلاح ثم الإصلاح ثم الإصلاح ولا أموال بلا إصلاح".
وفي حين أكدت المصادر على أهمية ما حققته اللجنة النيابية المعنية لناحية "توحيد الرؤى ووجهات النظر وتقريب الأرقام إلى الواقع تمهيداً لوضع خطة تشاركية موحدة بين مختلف الأطراف على طاولة المفاوضات مع الصندوق الدولي"، كشفت لـ"نداء الوطن" عن "مؤشرات سلبية تحيط بتعاطي الحكومة الذي لا يزال حتى الساعة دون مستوى الأزمة، فصندوق النقد يشترط التزام لبنان بالسير بالإصلاح لمساعدته غير أنّ السلطات اللبنانية لا تبدي أي نية جدية في تحقيق ذلك"، موضحةً في ضوء ذلك أنّ "المعطيات الدولية المواكبة لأجواء مفاوضات الصندوق مع الحكومة باتت تميل أكثر فأكثر نحو الاعتقاد بأنّ هناك من يتعمّد تفخيخ هذه المفاوضات توصلاً إلى نسفها".
وفي سياق متصل بالحركة النيابية المالية لإعادة التوازن إلى ميزان الأرقام في خطة الحكومة، برز أمس لقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري مع رئيس الحكومة "للتنسيق في القضايا المرتبطة في الملف المالي"، حسبما أوضحت مصادر عين التينة لـ"نداء الوطن"، مشيرةً إلى أنّ اجتماع بري مع دياب كما اجتماعه مع رئيس لجنة المال والموازنة النيابية ابراهيم كنعان كان الهدف المشترك بينهما هو "مساعدة الحكومة وتحصين موقفها في المفاوضات مع صندوق النقد". المصادر التي آثرت عدم الخوض مبكراً في الحديث عن "معالجات قد تبصر النور" جرى بحثها خلال لقاء بري مع دياب، اكتفت بالإشارة إلى أنّ "الحكومة تفهمت الحاجة إلى إنهاء التشتت في الأرقام وبدأت الأمور تسلك مجراها الصحيح"… وهذا عملياً ما بدا من كلام دياب مساءً خلال ترؤسه اجتماعاً تنسيقياً للخطة المالية بحضور حاكم المصرف المركزي رياض سلامة ورئيس جمعية المصارف سليم صفير، مشدداً في مستهل الاجتماع على أهمية "التعاون بين الجميع لإنجاح الحلول" ومؤكداً "الإعلان عن الخطة الاقتصادية قريباً".
أما في مستجدات حوار بعبدا المرتقب في 25 الجاري، فقد لفت الانتباه أمس تعميم دوائر القصر الجمهوري أجواء تعبر عن "قلق" الرئيس ميشال عون إزاء الأحداث الأخيرة التي بلغتها البلاد، فنقلت مصادر رئاسة الجمهورية تحت سقف هذا القلق الرئاسي تساؤلات تنظر بعين الريبة إلى "المواقف من المشاركة وعدم المشاركة أو التريث أو الدراسة" إزاء الدعوة الحوارية، رافضةً الحديث عن نوايا لتعويم الحكومة من وراء هذه الدعوة، بل هي ترتكز، بحسب مصادر رئاسة الجمهورية، على "مخاوف تنطلق خصوصاً من تقارير وردت من الأجهزة الأمنية ومعطيات توافرت كلها تتحدث عن وجود مخططات وممارسات من الممكن أن تساهم في زرع الفوضى وعودة الفتنة من جديد".
وعلى ضفة الاتصالات الجارية بين مختلف الأفرقاء على نية "حوار بعبدا"، وبينما تؤكد مصادر المعارضة أنّ الأمور "لم تُحسم بعد بانتظار اكتمال دائرة المشاورات البينية والمتقاطعة حيال جدوى الحوار وجدول أعماله"، أعربت مصادر قيادية في قوى 8 آذار لـ"نداء الوطن" عن قلقها إزاء إمكانية فشل الجهود المبذولة لتأمين "نصاب ميثاقي كامل الدسم" في الحوار، معربةً عن انطباعها بأنّ "الجوّ العام غير مشجّع" وأنّ الرئيس سعد الحريري يبدو "مش طالع" إلى بعبدا.

نداء الوطن - 20 حزيران 2020

إرسال تعليق

 
Top