0
عود على بدء… تعود البلاد إلى مربعها الأول في عملية مكافحة تفشي الوباء ويوشك الإنجاز الوحيد الذي يتفاخر ‏به رئيس الحكومة حسان دياب على أن يضيع من بين يديه، فكان القرار بالإقفال التام لمدة أربعة أيام بدءاً من ‏مساء اليوم لغاية فجر الاثنين، بغية حصر بقع انتشار الفيروس ووقف تسلسله، على أن تتولى وزارة الصحة ‏خلال هذه الفترة إجراء مسح طبي شامل تتخلله فحوصات عشوائية في مختلف المحافظات، للوقوف على حجم ‏انتقال العدوى بين المقيمين والوافدين. أما "الإقفال التام" لمعابر التهريب فلا يزال عصياً على التطبيق في ظل ‏خطوط الإمداد غير الشرعية التي تواصل مسيرها، بحمولات المازوت والطحين المدعومة من لبنان إلى سوريا ‏مستنزفةً مئات ملايين الدولارات من الخزينة العامة، وسط عجز فاضح من قبل السلطة في ضبط هذه المعابر ‏ومواصلة اعتماد سياسة "رأس النعامة" في معالجة هذا الملف، وإيهام الرأي العام بأنه موضوع على طاولة البحث ‏الرئاسي والنيابي والوزاري، وغالباً ما تكون النتائج على قاعدة "مرتا مرتا تهتمين بأمور كثيرة والمطلوب ‏واحد‎.."!‎
‎ فكل العصف الفكري الذي تقوم به اللجان النيابية والوزارية وكل التدابير العسكرية والأمنية المتخذة ستبقى تدور ‏في حلقات مفرغة، طالما بقيت المعالجات بعيدة من وضع الإصبع على "بيت الداء والدواء"، الكامن في استفادة ‏المهربين من واقع تفلت الحدود بين لبنان وسوريا وتشعب خطوط التهريب فيها. ولأنّ "حزب الله" هو الأدرى ‏بشعاب المعابر المستخدمة في هذه العمليات بحكم خبرته المعروفة في المساحات الحدودية، واتقانه "الخطوط ‏العسكرية" التي تربط بين البلدين، تؤكد مصادر نيابية لـ"نداء الوطن" أنه كان الأجدى برئيس الجمهورية ميشال ‏عون بدل دعوة المجلس الأعلى للدفاع اليوم إلى الاجتماع في قصر بعبدا للبحث في إجراءات ضبط التهريب عبر ‏المعابر، أن يستدعي وفداً من قيادة "حزب الله" إلى القصر للتباحث معه في سبل إقفال هذه المعابر أمام عمليات ‏التهريب، بشكل يحول دون إلقاء هذا العبء بأكمله على كاهل المؤسسة العسكرية"، مشددةً على أنّ "الجيش ‏اللبناني يقوم بواجباته على أكمل وجه في ضبط الحدود ويعمل بأسلوب ردعي على منع التهريب، من خلال ‏مصادرة كل صهريج مازوت يتم ضبطه ويعمد إلى إفراغ حمولته، لكن المعالجة الجذرية يجب أن تكون على ‏مستويات سياسية أيضاً وليس فقط عبر الجيش والجمارك، علماً أنّ الحدود تمتد على مساحات شاسعة وسط ‏تداخل في القرى وعشرات الطرقات الترابية التي تربط بين لبنان وسوريا‎"..
‎ وتضيء مصادر مواكبة لهذا الملف على أنّ "المشكلة أيضاً هي في عملية توزيع المازوت في البقاع، حيث يتم ‏تسليم الحمولات وفق تراخيص قانونية، ومن بعدها يبدأ التسرّب من لبنان إلى سوريا عبر جهات محترفة تحظى ‏بتغطيات معيّنة لدرجة أنها أصبحت تتفنن بعملية التهريب، من خلال استحداث خزانات مخفية في الشاحنات"، ‏مشيرةً إلى أنّ "المطلوب تحديد نقاط تجمّع للصهاريج في البقاع وكل صهريج يزود بالكمية المحددة للتوزيع، مع ‏فرض مستوى متقدم من الرقابة على مسار هذه العملية"..‎ ‎
توازياً، من المرتقب أن تنطلق اليوم أولى مراحل عملية "التفاوض عن بُعد" بين الحكومة اللبنانية وصندوق النقد ‏الدولي، للتباحث في إمكانية إيجاد برامج مساعدة مقبولة من الطرفين لاستنهاض الاقتصاد الوطني. وفي هذا ‏الإطار، وصفت مصادر مالية هذه العملية بأنها "ستكون بمثابة خطوة أولى في رحلة الألف شرط وشرط"، ‏موضحةً لـ"نداء الوطن" أنّ "عقبات عدة تعتري هذه الرحلة أبرزها مدى قابلية الحكومة على التعاطي بشفافية مع ‏متطلبات الصندوق، وتقديم خطط تقنع القيّمين عليه بأنها جدية في إجراء إصلاحات بنيوية في مختلف القطاعات، ‏بالتزامن مع اعتمادها خطوات شجاعة تشمل التحرير التدريجي لسعر صرف الليرة وترشيق القطاع العام ‏وخصخصة القطاعات المتهالكة، مقابل تأمين رزمة مساعدات اجتماعية مجدية من المساعدات الدولية تكون ‏مخصصة لسحب فتيل الانفجار الاجتماعي في البلد"..

نداء الوطن - 13-5-2020

إرسال تعليق

 
Top